ماذا بعد سقوط الريال اليمني؟!

> عياش علي محمد

>
حين ظل الفساد معشعشاً في أروقة الحكومة وبنياتها السياسية والإدارية والمالية، لم يلفت ذلك انتباه الحكومة، بل إنها كانت تنكر وجوده، بينما كان الفساد يزداد نمواً في البلاد.

والسقوط المفاجئ للريال يعد واحداً من عناوين الفساد المستشري في الأجهزة الحكومية والخاصة، ولم يأت الفساد وفقاً للقوانين الاقتصادية وقوانين العرض والطلب أو وفقاً للإنتاج وقوة العمل، بل جاء على الأكثر بسبب التسامح الحكومي مع الفساد والرفض المطلق لأي إصلاحات مالية واقتصادية، بل وعدم التعهد بالقيام بأي مشروعات اقتصادية.

لهذا أصبح الفساد يصعب معالجته بأدوات الفساد الحالية، ذلك بعد أن تحول إلى لعبة كبرى في السوق، وتتلاعب بها نخبة إدارية التي تجمعت في حلقة واحدة مؤيدة للفساد، ولم تعارض نموه المتواصل.

وأصبحت المؤسسات ملكيات إقطاعية مع أصحاب الأموال المستجدين، حيث أصبح الإداري سياسياً والسياسي جنرالاً والجنرال صرافا للنقود، ويتعاون هؤلاء على إدارة الأموال المستقطعة من رواتب الجنود وغذائهم، ويتعاملون مع السوق كصرافين ومحتكري الطاقة والتحكم في أسعارها.

ومنذ أن أقرت اللجنة الاقتصادية المزعومة مبدأ تعويم العملة حتى زادت تدفقات الأموال إلى الخارج، وتفجرت السيول من غسيل الأموال والتي كانت مسألة التعويم حجة في تسهيل تهريب الأموال.

لكن ماذا بعد انهيار قيمة الريال اليمني؟ وما هي الانهيارات المتوقع سقوطها بعد سقوط العملة؟.. ونعتقد أن السقوط المفاجئ للريال قد ينذر بتوالي الانهيارات على المدى الأقرب على مستوى السياسة والقطاع المالي والخدماتي، وأكثر من ذلك تبدو المؤشرات أكثر جدية، المشجعة على نمو الاضطرابات الشعبية، وتكون سبباً في سقوط الحكومة برمتها، وإذا تعذر ذلك يمكن أن تدخل البلاد في حلقة مفرغة من الصراعات التي لا تنقطع.

وتحليلنا السياسي يشير في حالة حصول أية انهيارات اجتماعية أو سياسية، وترافقت معها أنشطة معادية للفساد، وتوزعت أركانها على مستوى بقيمة الأجزاء من اليمن، فإن ذلك سيقود بتأثيره حتى على الحرب الجارية في اليمن، وربما لن تسمح بسبب هذه الانهيارات بأن تتواصل محرقة الحرب الجارية في اليمن.فليس من المنطق أن تستمر الحرب شمالاً، بينما ظهرها الخلفي جنوباً يغلي بالانهيارات.

وإن سقوط الريال اليمني لم يؤثر إلا على العمالة الوظيفية الدنيا، أما النخبة الحاكمة فقد قفزت أشواطاً بعيدة وإلى درجات أعلى من التملك لرأس المال، وكأن عدن الجنوبية مهيأة للدخول في مرحلة جديدة من النظام الرأسمالي التجاري (الأورجيركي)، حيث يصبح فيه الرأس المال التجاري هو الحكم بالسيادة والقانون، بينما الأكثرية الباقية ستظل معوزة من إمكانية العيش بحياة كريمة بسبب دخلها الواطي الذي يكفي لبقائها على ضفاف نهر الحياة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى