السلم والحرب.. المستفيد والخاسر من الإرهاب والحروب!

> السفير د. محمد صالح الهلالي

>
الحروب والإرهاب هما الضدان والعدو الأول للسلام والتنمية والأمن، وتعتبر الحروب من أفضع الكوارث على الأمم والشعوب والحضارات، وعلى العلم والثقافة والتنمية بكل جوانبها البنيوية والروحية والإنسانية، وتؤدي بتلك المفاهيم والقيم إلى التهلكة والدمار جنبا إلى جنب مع دمار الإنسان والكيانات الأخرى، وتمرير المخططات لتقسيم العالم، وهذا ما عانت منه البشرية في الحربين العالميتين خلال القرن المنصرم، والذي تمخض عنهما مخطط «سياكس بيكو» و «وعد بلفور» المشؤوم لقيام الكيان الصهيوني، وسقوط إمبرطورية الرجل المريض وتقاسمها بين المنتصرين.

وكل ذلك بهدف الاستحواذ على الأرض والنفوذ والأطماع والمصالح والأسواق بين الدول الغربية الكبرى المتنافسة، وما تلى ذلك في الحرب العالمية الثانية من دمار وتنفيذا للوعود بقيام دولة إسرائيل، وتقسيم الوطن العربي، وتعمد لخلق وتشكيل الجماعات الإسلامية الرافعة ليافطة الدين لاستثماره لاحقا في تنفيذ مخطط القوى الاستعمارية والتي تسببت في تمزيق الوطن العربي بعد تقسيمه فيما نشاهده ونلمسه اليوم من مآسي التطرف والحروب والإرهاب والتمزق الطائفي والديني اليوم في العراق واليمن وسوريا وليبيا وفلسطين  والعراق وأفغانستان والصومال وغيرها، وانتشار وطغيان قوى الظلام وثقافة التخلف والعنف التي سبق وأشرنا إليها وصنعها الغرب.

 وللأسف في وقتنا الحاضر أصبحت الحروب والإرهاب صناعة وتجارة رابحة واستثمار للدول الكبرى المتطورة والقوية ومعها بعض هيئات ومصانع السلاح وشركات ومنظمات وأفراد وقوى عميلة تستثمر ذلك، يساعدهم العملاء من فاقدي  الضمائر والأخلاق والقيم والإنسانية، وبدلاً من إخماد وكبح بؤر التوتر والفتن والحروب في حينه وبكل الوسائل الممكنة يتم عكس ذلك العمل على توسعها وإشعال حرائقها وصب الزيت على نارها الملتهبة، وبدلا من الاستثمار في التنمية والحياة والعلم والإنسان والطب والزراعة والتجارة ومكافحة الجوع والفقر وصنع الأمن والسلام وما يفيد، يتم الاستثمار في التجارة الرابحة وهي الحروب وأدواتها ووسائلها من أسلحة وذخائر ورصاص ومقذوفات وأسلحة دمار شامل، وجمع المليارات والتريليونات من خيرات وأموال وثروات هذه الشعوب والبلدان التي  تكون ساحات للحرب والإرهاب والفوضى، ومنطلقا لاستباحة القيم ولنهب آثار وكنوز وثروات الشعوب في أتون الفوضى والحرب المصطنعة، كما يحدث في ليبيا وسوريا والعراق واليمن.. وبينما أموال وثروات هذه الشعوب، أيضا يتم البسط عليها ونهبها من قبل مشعلي الحرائق والحروب وصناعي الفتن بكل الطرق ومنها يافطة الصفقات للأسلحة والعتاد، وتحت ذرائع شتى ومنها الحماية من العدو الموهوم والمصطنع بهذه الطريقة الخبيثة والمدمرة، يتم جني الأرباح أضعافا مضاعفة، وعلى أشلاء الضحايا من نساء وأطفال وعجزة، وأجساد آخرين يموتون بالمئات غرقا في المحيطات والبحار هربا من جحيم ونار الحرب والجوع وجور الحكام، أو في غابات أوروبا وبين ثلوجها وتفريغ البلدان الفقيرة والمنكوبة بالحروب المصطنعة من سكانها وأبنائها.

 ويستمر تجويع وتشريد مواطني هذه البلدان المتضررة والمنكوبة من الحروب قسريا، والمتاجرة بهم واستغلالهم وحتى استرقاقهم، بحيث تنشط وتتوسع في ظل الحروب تجارة الجنس والبشر والأعضاء البشرية والأطفال والمخدرات والتهريب والممنوعات وبيع السلاح والآثار وغسيل الأموال، كما يحدث وحدث من قبل داعش وجماعات الإخوان الظلاميين المتطرفين والحوثيين وطالبان في خضم الحروب، أكان في الرقة أو الموصل بالعراق أو سوريا واليمن وليبيا أو أفغانستان والصومال وغيرها.

* بذر الفتن ودعم التطرّف والإرهاب:
تعمد الدول الكبرى واستخباراتها وعملائها إلى بذر بذور الفتن وخلق بؤر العنف والمشاكل والحرب في البداية من خلال البحث في مستنقعات الدراويش والجماعات الظلامية والمتلبسة بالدِّين كونها القادرة على الخداع وعلى صناعة الزيف والكذب في خطابها للناس  البسطاء باسم الدين أو الطائفة.

 حيث وهي البذرة المناسبة والمتميزة في المجتمعات والبلدان الفقيرة والنامية الأفريقية والآسيوية والعربية، خصوصا للتناحر ولإشعال الفتن.. ولنقل إن هذه السياسة الناجعة هي المتبعة باستمرار ولازالت تمرر بأشكال ووجوه مختلفة منذ أمد بعيد في بلداننا من قبل بلدان الشمال (الغرب وأمريكا) القوية والصناعية المتطورة تجاه بلدان وشعوب الجنوب الأخرى المبتلية بأنظمة حكم فاسدة ومستبدة وغير راشدة، وكالمتخلفة الغلبانة والفقيرة  والضعيفة والمليئة بالثروات الهائلة المتنوعة والأراضي الخصبة المطلوبة، ولن يتم مواجهة هذه المخاطر إلا بفضح تلك المخططات وبالوعي واصطفاف شعبي لوقف مدها وصناعة جبهة عريضة من مختلف القوى الحية في مجتمعاتنا للوقوف سدا مانعا في وجه هذا الخطر الداهم، الذي إن لم يتم مواجهته سيكتسح كل ما تبقى منا تحت سنابكه وجنازيره، بعد أن كثرت الخناجر المغروزة في ظهورنا، أكان في فلسطين أو العراق أو سوريا أو الصومال، بهدف القضاء علينا ومحو تاريخنا وإرثنا وحضارتنا ودفن كل أمل وحلم لنا في حياة سليمة وحرة وكريمة وسعيدة على أرضنا وبلداننا.

فهل نصحو من سباتنا ونواجه مسؤولياتنا بعزم الرجال، وننقذ شرفنا وأنفسنا وأجيالنا قبل أن نغرق في لجّة ما صنعوه لنا ونخسر كل ما تبقى لنا وتكشف عورتنا بالكامل، ويلعنا التاريخ والأجيال بسبب جهلنا وميوعتنا وتفريطنا؟!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى