رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ.. عبده حسين أحمد صالح

> نجيب محمد يابلي

>
 عبده حسين أحمد صالح، من مواليد الفيحاء (الشيخ عثمان) يوم 28 يناير 1935م، وكسائر أقرانة في ذلك الزمان التحق بمعلامة (كتّاب) الفقيه محمد عثمان، ومن زملائه في المعلامة الأستاذ سعيد علي الجريك، والتحق عام 1945م بالمدرسة الابتدائية واختصر عاماً دراسيا نتيجة تفوقه حيث التحق بسنة ثانية وأكمل دراسته الابتدائية عام 1947م والتحق بعد ذلك بالمدرسة المتوسطة عام 1948م بعدها انتقل إلى المدرسة المتوسطة بكريتر، وشهد افتتاح كلية عدن بالشيخ عثمان (وكانت حينها أعظم صرح تعليمي في الجزيرة العربية)، وأنهى دراسته الثانوية عام 1954م.

الأستاذ عبده حسين في حديث شائق للذكريات
في رحلة سياحية مع الذكريات أمتعني بها أستاذنا عبده حسين أحمد وقال لي إن زملاء دراسته في الابتدائية عديدون منهم: امذيب صالح، سعيد الجريك، محمد وصالح حسين، محمد الصباغ، سلطان ناجي، محمد عبدالواحد، محمد سالم علي، محمد ناصر محمد، محمد بن محمد زليخي، سلام الرعدي، ردمان سعيد عبده وغيرهم، أما زملاؤه في كلية عدن منهم: امذيب صالح، سلطان ناجي، سعيد النوبان، محمد صالح حسين ، حسين مهيوب سلطان، علي جعفر ناصر، محمد عبدالواحد، شكيب خليفة، محمد ناصر محمد، محمد عبدالله القاضي، أحمد صالح عبداللاه، عبدالقادر حريري، محمد سعيد عبدالرحمن، وطلبة آخرون من الهندوس والفرس واليهود والإنجليز.

مشروع الوظيفة ومشروع القصة التي قرّبته من علي لقمان
التحق الأستاذ عبده حسين بخدمة إدارة المعارف (التربية والتعليم حالياً) عام 1954 بعد تخرجه من كلية عدن، وعمل مدرسا في المدرسة الابتدائية بالمعلا وتأثر أستاذنا عبده حسين بالمناخ الثقافي الثري الذي ساد ساحة عدن عبر منتدياتها الثقافية وحلقاتها التي أفرزت إبداعات شتى منها القصة والمسرح والشعر، وخرجت منها رموز الحركة الوطنية من قيادات سياسية ونقابية.

كتب الأستاذ عبده حسين أولى محاولاته في مجال القصة القصيرة التي راقت كثيراً للراحل الكبير علي محمد لقمان ونشرها في صحيفة «فتاة الجزيرة» الذي أدرك بحاسته الأدبية الرفيعة أن عبده حسين من الشباب الواعدين فاستدعاه بواسطة مدير مدرسته الأستاذ حسن علي منيباري، رحمه الله، وتم اللقاء في مكتب الأستاذ علي لقمان في دار «فتاة الجزيرة»، وأصبح بعد ذلك اللقاء من مريديه ولم يفارقة أبداً.

الأستاذ عبده حسين في دائرة الضوء
قال لي الأستاذ عبده إن دوام عمله في المدرسة يبدأ في الثامنة صباحاً حتى الثانية عشرة والنصف ظهراً ويتوجه في الثالثة عصراً إلى دار «فتاة الجزيرة» في كريتر، ويظل مع الأستاذ علي لقمان في مكتبه حتى الساعة السابعة مساء يتعلم منه فن كتابة الخبر وكتابة المقالات السياسية والأدبية والاجتماعية، وطريقة الكتابة بالأسلوب السهل الذي يفهمه القارئ، وبعد نصف عام تقريبا أدخله الأستاذ علي لقمان ضمن جماعة الكتاب المعروفين وأفسح له مكانا بينهم، وبدأ كتابة العمود الأسبوعي ومقالات في السياسة والأدب والاجتماع..

يضيف الأستاذ عبده حسين بأن كتاباته لم تقتصر على «فتاة الجزيرة» بل كتب في صحف أخرى منها «الزمان» لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ محمد حسن عوبلي و «الصباح» لصاحبها ورئيس تحريرها الأستاذ سعيد الجريك، وكان يكتب أيضا في «اليقظة» بعد أن تعرف على رئيس تحريرها الأستاذ عبدالرحمن جرجرة (صهر الأستاذ علي لقمان وخال هشام وتمام باشراحيل)..

الأستاذ عبده حسين وإنذار المستر هارتلي
امتشق الأستاذ عبده حسين قلمه عبر صحيفة «اليقظة» دفاعاً عن شعب مصر وهو يواجه العدوان الثلاثي (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل) في السويس عام 1956م. لفت المستر هارتلي، مدير المعارف، في خطاب وجهه إلى الأستاذ عبده حسين بأن ما نشره في «اليقظة» يتعارض مع أحكام القانون الخاص بالعمل الذي يحظر على موظفي الدولة مكاتبة الصحف المحلية بمواضيع ذات طابع سياسي وتوعده بالفصل بموجب القانون إذا كرر كتابة مواضيع سياسية، فلجأ الأستاذ عبده حسين إلى كتابة مواضيعه بأسماء مستعارة.

الأستاذ عبده حسين ورائدة الصحافة النسوية (ماهية نجيب)
قال لي الأستاذ عبده حسين إنه انتقل في العام 1958م من مدرسة المعلا الابتدائية إلى مدرسة التواهي الابتدائية، وتعرف في التواهي على رائدة الصحافة النسوية ماهية محمد عمر جرجرة (ماهية نجيب خالة هشام وتمام باشراحيل) رئيسة تحرير مجلة «فتاة شمسان»، وطلبت منه المساهمة بالكتابة في مجلتها بعد أن عرفت صداقته للأستاذ علي لقمان (زوج شقيقتها غالية) وعلاقته بأخيها عبدالرحمن جرجرة، وكانت فاتحة مقالاته في «فتاة شمسان» بعنوان (العسل الذي انسكب على الأرض).. الجدير بالذكر أن الراحلة ماهية نجيب هي والدة زميلنا وصديقنا الأستاذ محمد نجيب سعد.

الأستاذ عبده حسين والسيد حامد الصافي
جعبة ذكريات الأستاذ عبده حسين بالغة الخصوبة، وفي ذلك السياق قال لي أستاذنا عبده إنه وفي نفس العام - 1958م - أصدرت إدارة المعارف مجلة صغيرة اسمها «المعلم العدني»، وقد اختاره السيد محمد عبده غانم، ضابط المعارف آنذاك، لتحرير المجلة خلفا للأستاذ عبدالقادر باهارون، وكان السيد حامد الصافي رئيس تحريرها.

الأستاذ عبده حسين مع الأستاذين كمال حيدر وعثمان عبده محمد
كان مركز تدريب المعلمين (TTC) بعدن يصدر مجلة صغيرة آنيقة باسم «مجلة المعلم»، وكان محرراها التربويان القديران الراحلان كمال حيدر وعثمان عبده محمد، وقد كانت مجلة مزدهرة بمساهمات قامات تربوية وأدبية جليلة منها: لطفي جعفر أمان، محمد عبده نعمان، محمد سعيد جرادة، مصطفى عبدالكريم بازرعة، حامد الصافي، إبراهيم لقمان، يوسف السعيدي، أحمد علي مسعد، عبدالله محمد حاتم، محمد صالح سودي، عبدالله نور الدين، عبدالرحمن فخري، عقيل إسحاق، عبدالقادر باحشوان، وكان من ضمنهم الأستاذ عبده حسين، ومنها ما نشرته المجلة في عددها الفصلي (أبريل - يونيو 1958م) وكانت بعنوان (القصيدة اليتيمة)، وكانت قراءة استطرادية لمقال كتبه الأستاذ لطفي أمان حول «القبلة في الشعر الجاهلي»، (ولمزيد من التفاصيل يرجى مراجعة ما كتبه عن الأستاذ عبده حسين في حلقة «رجال في ذاكرة التاريخ» في «الأيام» يوم 4 يوليو 2004م).

الأستاذ عبده حسين في السودان
غادر الأستاذ عبده حسين معشوقته عدن إلى السودان عام 1962، حيث التحق بكلية المعلمين في بخت الرضا، وهي كلية عريقة تخرج فيها أساتذة أجلاء منهم: محمد سعيد مسواط، عثمان عبده محمد، حسن أبوبكر عولقي، عبده سعيد شيباني، أحمد عبده رمزو، عبدالله عبده نور الدين وشقيقه حسن نور الدين ومحمد صالح سودي وآخرون.

انقطع الأستاذ عبده حسين عن الكتابة وتفرغ للدراسة وكان ترتيبه عند التخرج الأول على الدفعة، ونقل الخبر الأستاذ عبدالرحيم لقمان، وكيل وزارة التربية والتعليم آنذاك إلى شقيقه علي لقمان (صديق الأستاذ عبده حسين) الذي تحمس لنشر الخبر في صحيفة (فتاة الجزيرة).

الأستاذ عبده حسين ولطفي أمان
بعد أسبوع واحد من عودته من السودان قابل الأستاذ عبده حسين الأستاذ ابراهيم روبله، وكيل وزارة التربية والتعليم الذي أبلغه بطلب الأستاذ لطفي أمان عميد ثانوية خور مكسر (الجلاء لاحقا ومحمد عبده غانم حالياً) للعمل معه مدرسا فوافق الأستاذ عبده وعمل فصلاً معه ثم انتقل معه إلى كلية عدن في الشيخ عثمان.

رياح حزيران تنقل الأستاذ عبده حسين إلى التوجيه الفني
أغلقت كلية عدن أبوابها مع سائر المدارس الأخرى بعد الهزيمة المرة التي منيت بها مصر وسورية والأردن في الحرب التي سميت حرب الأيام الستة في يونيو 1967م والتي اعتبرها العرب هزيمة لهم. انتقل الأستاذ عبده حسين أحمد إلى ديوان وزارة التربية والتعليم رئيسا لشعبة اللغة العربية في مكتب التوجيه الفني.

الأستاذ عبده حسين في ألمانيا وكينيا
شارك الأستاذ عبده حسين في عدد من المؤتمرات التربوية على مستوى الوطن وخارجه، حيث شارك مع الأستاذ هاشم عبدالله في أحد المؤتمرات التربوية على المستوى القطري، ومع الأستاذ حسن السلامي في مؤتمر تربوي عالمي في ألمانيا عام 1971م.

عمل الأستاذ عبده حسين رئيسا للبعثة التعليمية المنتدبة من عدن عام 1981م لتدريب أبناء الجالية اليمنية ورافقه في تلك البعثة تربويان قديران هما: الأستاذ عبدالله شرف سعيد وعلي هاشم مثنى، وظل يمارس مهامه حتى عام 1988م.

الأستاذ عبده حسين ناشطا في مجالي البحث والتأليف
الأستاذ عبده حسين الحاصل على دبلوم معهد التربية بعد الثانوية في عدن والحاصل على المرتبة الأولى بين حملة الدبلوم في اللغة العربية (مادة وطرق التدريس) من كلية المعلمين في بخت الرضا في السودان، وبدأ مشواره الطويل مدرسا في المرحلة الابتدائية ثم الثانوية ومديرا للتدريب بالوكالة لدور المعلمين والمعلمات ورئيسا لشعبة اللغة العربية في مركز البحوث التربوية، وأستاذا محاضرا في الدورات الصيفية للمعلمين والمعلمات في مادة وطرق تدريس اللغة العربية، ومديرا لإدارة المنظمات العربية والدولية بوزارة التربية والتعليم في صنعاء بعد الوحدة.

يعتبر الأستاذ عبده حسين من المساهمين في وضع الكتب الدراسية المقررة لطلبة وطالبات المدارس الموحدة والثانويات أثناء عمله في مركز البحوث التربوية، ووضع أيضا مناهج اللغة العربية للمرحلة الموحدة، وألف كتابا خاصا بطرق تدريس اللغة العربية لدور المعلمين والمعلمات، وألف كتابا في القراءة والكتابة مع الأستاذين عبدالله شرف سعيد وعلي هاشم مثنى للسنة الأولى لغير الناطقين باللغة العربية في كينيا.

الأستاذ عبده حسين محررا في مجلة «اليمنية»
ساهم الأستاذ عبده حسين أحمد في كتابة المقالات وحرر بعض الأبواب الثابتة في مجلة «اليمنية» عندما كان الأستاذ عبدالرحمن الحيدري رئيسا لتحريرها، كما ساهم في ترجمة بعض المواضيع فيها من اللغة العربية إلى الإنجليزية والعكس.

الأستاذ عبده حسين و «كركر جمل»
ازدانت صحيفة «الأيام» بالعمود الأسبوعي «كركر جمل» وطاب البقاء والعطاء لأستاذنا عبده حسين في «الأيام»، وكان يعتبر واسطة العقد بين الزملاء في «الأيام» أو بين رواد منتداها، وكان من أقرب الناس دون منازع إلى قلبَي الزميلين هشام وتمام باشراحيل.

الأستاذ عبده حسين و «مؤسسة النور الفريد»
أسس المغفور له بإذن الله، الشيخ أحمد فريد محمد بن فريد (نجل أحد حكماء وشعراء العوالق) مؤسسة «النور الفريد» وجمع في الاسم والديه فريد ونور، يوم 23 يوليو 2014م، وأسس مجلس أمناء للمؤسسة أعضاؤه: الأستاذ عبده حسين أحمد 2- الأستاذ نجيب محمد يابلي 3- الدكتورة سعاد عبدالحبيب أحمد، وعنت المؤسسة برعاية المحسن الكريم الشيخ أحمد الصريمة بدعم مرضى السرطان، وتحملت المؤسسة مسؤولياتها التاريخية بتوجيهات الشيخ أحمد الصريمة خلال أزمة 2015م، ودعمت مرضى السرطان ومرضى حمى الضنك، وقدمت السلة الغذائية للنازح والفقير خلال فترة الحرب وما بعدها.

كان الشيخ الصريمة يتعامل مع اقتراحات الأستاذ عبده حسين على أنها أوامر من أستاذه الذي علمه في المرحلة الابتدائية وحظي بعنايته ورعايته حتى وفاته يوم 27 مايو 2017م..

الأستاذ عبده حسين في رحاب الخالدين
تقاعد الأستاذ عبده حسين أحمد عام 1989م وكان بدرجة قيادية Super Scale (قيادي - المجموعة الأولى «ج»)، وكان معاشه يشار إليه بالبنان، وبتقادم الزمن وتقلب الأحوال أصبح معاشه لا يكفي لتلبية أبسط حقوقه.

كانت وفاته يوم الخميس 11 أكتوبر 2018م عن عمر ناهز الـ 83 عاماً، وخلف رصيداً هائلا من العطاء وسبعة أولاد الأبناء منهم ثلاثة: 1- إحسان 2- بشار 3- عبدالناصر، وأربع بنات.
لقاؤنا في الحلقة القادمة بحوله تعالى مع الفقيد عبدان دهيس.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى