قلعة سعيدية (1)

> كتب/ علوي بن سميط

> القلاع والأكوات بمثابة حصون واستحكامات دفاعية، وتحيط بمدينة شبام حضرموت منذ القدم العديد من أنماط العمارة الدفاعية الصامدة والقائمة منها حتى اليوم، تحكي عن معارك وقعت بين دول وقبائل، ولعل ذكر الاستيلاء على مدينة شبام ضمن الحملة السبئية الحميرية في القرن الرابع الميلادي، وبعد السيطرة على العاصمة شبوة والمدن الأخرى كصوران وعقران، دارت المعارك في ضواحي شبام وانسحب المقاتلون الحضارم وتحصنوا بداخل المدينة وعلى أسوارها كما ذكر وجاء في نقوش (إرياني 31 - 32)، وحاصرت القوات المهاجمة شبام 13 يوما إلى أن استسلمت.. لذا فإن القلاع والحصون بمختلف أنواعها النمطية المعمارية وفقا والعصور الزمنية تتطور بتطور فنون الحروب. وشهدت المدينة في حقب زمنية ما قبل وبعد الإسلام مزيدا  من التحصينات غير العادية لحماية شبام، فالقبائل والدويلات والدول التي حكمتها تضيف المزيد من الاستحكامات الدفاعية حوالي المدينة بأنساق وعلى مسافات متباعدة، وما أن تسقط دويلة أو دولة حتى تؤول هذه الحصون (القلاع - الأكوات - المقدمات -  المراتب) إلى الدولة أو المجموعة المنتصرة. ويذكر المؤرخون الكثير منها في الكتب منها ومعظمها لازالت مخطوطة.. أما أشهر القلاع التي نحن بصددها قلعة (سعيدية) التي أضحت من أبرز المعالم الدفاعية العسكرية وسميت أولا لوقوعها وإطلالتها على المنطقة أو البقعة - سعيدية - المجاورة لذهبان وخمير، ولا يعرف تحديدا تاريخ البناء، فكما هي بالتأكيد من أقدم الحصون، فهي أيضا تتفرد وتتميز عن غيرها من حيث البناء، فالأبراج ميزتها عن غيرها من القلاع المحيطة بشبام، أكانت القائمة إلى اليوم أو التي اندثرت.. ويعطي أيضا التأكيد على مراحل تطور فيها ذلك الحصن وأصبح مهما، حيث إن الأبراج والمشاويف ضرورة لاستخدام مكامن للاستطلاع وللأسلحة الموجهة.. كما أن (سعيدية)  أشبه بالحامية  المتقدمة لشبام، واشتهر حصن سعيدية في معارك الاستيلاء على مدينة شبام حضرموت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، إثر سيطرة القعيطي والقبائل اليافعية عليه في 1857م بعد محاولات عديدة بأعوام من السيطرة عليه لكنها لم تجد إلا الدفاع المستميت من الحامية التي تدافع عنه والتابعة لدولة آل عيسى بن بدر الكثيرية التي كانت تحكم شبام.. وعلى الرغم من الأوضاع الداخلية التي تعاني منها (سلطنة شبام الكثيرية) ساعدت أن تعمل القبائل فخائذ منها أن تسيطر على القلعة الحصينة (السعيدية) وما جاورها من القلاع والأكوات الأخرى خاصة في حكم سلطان شبام (منصور بن عمر الكثيري)،  فكان من بين القبائل فخائذ منهم يافعية وكثيرية (آل عبدالعزيز وآل علي جابر)، تحاول الاستئثار بحماية (السعيدية) وكوت أو حصن آخر هو (الركز) الذي دك بالمدفعية القعيطية، ولعل إطلاله قريبا من (سعيدية). وبالمناسبة، فإن (المدفعية) ولعلها المرة الأولى التي تستخدم في دك الحصون والأكوات المحيطة بشبام في معركة الأستيلاء على المدينة 1857م، إذ لم يستخدم المهاجمون سوى الأسلحة التقليدية قبل ذلك، وأقصد هنا إبان (أمارة آل عمر بن جعفر، فآل عيسى بن بدر - سلطنة -  وآل منصور بن عمر)، وجميعهم حكموا المدينة وأبناء عمومه واحدة ومن القبيلة الكثيرية.
كيف تم الاستيلاء على حصن (السعيدية) آلعتيق؟ ومن قاد المعارك للسيطرة عليه؟ وكيف بسقوطه سقطت شبام المحصنة؟ ولكن هل بعد سقوط سعيدية الواقع والمنتصب على حافة جبل (الخبة) والمشرف على بقعة سعيدية سقطت كل الحصون والأكوات الأخرى؟ أم أنه الاتفاق في سعيدية بين الكثيري والقعيطي عجل بشبام أن تكون ضمن أملاك دولة أخرى؟! الإجابة في الحلقة الثانية. ​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى