لقاء الأستاذ عبده حسين بابنته «إيناس» الإثنين الماضي

>
 
نجيب محمد يابلي
نجيب محمد يابلي
صباح الإثنين الماضي، 22 أكتوبر 2018م، فاجأتني فتاة بتحية الصباح في شارع أبان: صباح الخير أستاذ نجيب، أني إيناس بنت الأستاذ عبده حسين أحمد.. وتبادلنا السؤال عن الحال وقلت لها: الحمد لله أن جمعنا الله على خير يا بنتي.. ظهرت اليوم حلقة «رجال في ذاكرة التاريخ» وضيفها الأستاذ عبده حسين، وأبدت ارتياحها للمادة وصور والدها، إلا أنها قالت: في هذه البلاد يتعب الإنسان الذي قدم كل ما عنده وما حدش يسأل عليه، وبعد موته تشوف البرقيات والكلام الجميل، وقلت لها: يظل الأستاذ عبده حسين كبيراً، وودعتها..

بعد وصولي إلى البيت أخذت قسطا من الراحة وتفرغت بعد ذلك لترتيب مكتبي وأرشيفي، وبالصدفة البحتة (وأقسم بالله العلي العظيم إنها الصدفة البحتة) وقعت عيني على «الأيام» المؤرخة 14 أكتوبر 2008م وعمود «كركر جمل» الأسبوعي لأستاذنا عبده حسين، وورد في مدخل العمود: «لابد أن الناس قد عجزوا عن التفكير والتدبير بعد أن ضاعت الطرق وتاهوا في سراديب الحياة، وفشلوا في مفهوم مدلول الكلمات والشعارات، ولابد أيضا أن الناس قد أدركوا أنهم غير قادرين على أن يغيروا واقعهم وأنهم لا دخل لهم في الذي حدث، وأنهم أضاعوا أكبر فرصة للرفض والانسحاب عن الذين نكسوهم وفضحوهم».

تناول الأستاذ عبده حسين تبعات وتراكمات المعاناة التي رزحوا بين قيودها وكوابيسها، ودخل في منعطف تراجيدي ورد عند مدخله «المهم لا كرامة لنبي في قومه وفي وطنه أيضا، ولو كانت للناس كرامة في أوطانهم ما صنعوا الأصنام ولا نحتوا التماثيل ثم عبدوها وتركوها تفعل بهم ما تشاء.. في العالم الثالث.. تحاكمهم وتدينهم، قبل أن يحاكموها أو يحكموا عليها».

يضيف أستاذنا عبده حسين جرعة غضب أكبر في فقرة جديدة : «ولابد أن الناس عرفوا أن الحكام في العالم الثالث يلعبون بهم، ولكنهم لم يدركوا أن زمن اللعب قد انتهى وأنهم كانوا الهدف.. المكسب والخسارة.. فإذا كسب الحاكم لابد أن يخرج الناس ويهتفوا بالروح بالدم نفديك ياضرغام، وإذا خسر يهون كل شيء وكل قيمة وكل مبدأ وكل أحد».

خال لي وأنا انتقل من فقرة إلى فقرة بأن أستاذنا عبده حسين قد التقى ابنته الفاضلة «إيناس» التي أخذت حصتها من جرعة الغضب ضد هذا الواقع المرير الذي انحدر بكل قيمة إلى الدرك الأسفل من الحضيض، لأن هذا الواقع لا يعرف أستاذنا عبده، ولذلك لا يعترف بقدره، وهي أقسى عقوبة اتخذها نبي الله سليمان عليه السلام ضد الهدهد، وقال له سأرسلك إلى قوم لا يعرفون بقدرك..

أقول لابنتي إيناس وأخواتها وإخوانها: هذا ناتج طبيعي لرموز مجتمع مدني أصحاب ثقافة مدنية مولعون بالنظام والقانون عازفون عن العصبية التي نبذها نبي الإسلام محمد، صلى الله عليه وسم، بقوله- وهو أصدق القائلين: «ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل على عصبية أو مات على عصبية» لان عدن مدينة كونية خلقت نسيجاً واحدا، ولا يفلح أي مجتمع في صنع التطور والتقدم المادي والروحي في ظل النسيج الواحد الذي حدد الانتماء إلى وطن واحد، وفي الانتماء خطورة لأنك إذا انتميت لوطن أصبحت وطنيا، وإذا انتميت لقبيلة أو طائفة فأنت قبلي وطائفي.

إننا هنا في عدن ندفع ثمن الطريق الذي سرنا فيه وأوصلنا إلى الهاوية والدمار والموت والقهر والمصير المجهول.. وكل هذا وذاك دفعت ضريبته عدن وأهلها المساكين..
رحم الله أستاذنا عبده حسين أحمد!!
عاشت عدن حرة أبية!!
ربنا إننا ظلمنا أنفسنا فارحمنا يا أرحم الراحمين!!​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى