> كتب/ علوي بن سميط
إثر سقوط أكوات (قلاع) بزرق والركز شددت القوات اليافعية التي يقودها الأمير عوض بن عمر القعيطي ابن أول سلطان ومؤسس السلطنة القعيطية الحضرمية الحصار على قلعة سعيدية، وحصل الاشتباك مع قيام بعض جنود سعيدية المتمترسين بينهم من قبيلة آل عبدالعزيز أن يخففوا من المقاومة فضلاً عن تقدم مبارك العريان بن عبدالعزيز ويصبح مرشداً للطرف القعيطي للوصول إلى القلعة عبر مسالك يعرفها، فموقعها يسيطر خصوصاً من الغرب (التي يقع بها باب الدخول الرئيس) والشمال والشرق على أي تقدم وارتفاعها على قمة تبة الجبل، أما من حيث الجنوب وهي خلفية الحصن فلا يمكن التسلل إليه، ففي أعلى الجبل نقاط استطلاع يترآى للحراس فيها القادمون عبر الهضبة الجنوبية.. عموماً حصلت السيطرة التامة على سعيدية وعلى المباني الصغيرة الواقعة بمحيطه من جهة - شمال شرق - وهي عبارة عن ثكنات ومخازن للحامية ماتزال آثارها شاهدة وأن سويت بالأرض.
لم يعد أمام السلطان منصور بن عمر الكثيري إلا أن يدخل في هدنة قبل أن تصل القوات إلى أسوار المدينة وما عليها من (الرتب ومبان صغيرة بها قلّه من الجند)ِ. خرج السلطان منصور من قصر حكمه بشبام عابراً بوابتها ووجهته السعيدية، وهناك جرت مفاوضات بينه وبين الأمير عوض بن عمر أفضت بينهما لتقاسم مدينة شبام مناصفة وهو ما حصل، إلا أنه لم يدم سوى أشهر حكمت شبام بين القعيطي والكثيري لتصبح المدينة المسوّرة ملكاً كاملاً للقعيطي، إلا أن السنوات التي تلت السيطرة لم تخلُ من هجمات واختراقات للمدينة لاستعادة آل كثير شبام إلى أن سيطر القعيطي على ما بقي من حصون (قلاع وأكوات) تحيط بشرق المدينة بافردم وحصن المعيقاب المعروف بحصن بن مهري الواقع على الطرف الآخر لجبل الخبة إلى جانب سيطرة القعيطي على أكوات أخرى كالنقر وحدوه والتي كانت بمثابة جيوب لإقلاق حكمه في شبام، ومن بينها حصن بن مهري المذكور الذي وقع بيده بالشراء مع المعيقاب (طرفي الحزم الغربي) بمبلغ يزيد عن 10 آلاف روبية.
ومن المهم الإشارة إلى أن (سلطنة الكثيرية) وآخر حكامها منصور بن عمر الكثيري كانت القبائل الكثيرية تستعيد سلطناها في شرق وادي حضرموت والتي أصبح أول سلطان لها غالب بن محسن القعيطي، والمقصود هنا السلطنة الكثيرية التي استمرت حتى 1967م. (راجع «الأيام» 2003م/2004م سلسلة مدن وشواهد وحوادث وشخصيات من حضرموت).
عودة إلى حصن سعيدية فهو كما ذكرنا من أقدم الحصون وأكبرها، فمكوناته الهندسية تحتوي على غرف المعيشة والسكن ومخازن للذخائر والمؤن والمواد الغذائية وفيه بئر (طمرت)، كل هذه المرافق والملاحق تؤكد أهميته والتجهيزات في ذلك الزمان حتى يظل صامد فيما لو اشتد عليه الحصار ولمواجهة أي احتمالات.
ومن جهة تاريخية كمعلم بارز وقديم فإنني فقط أبدأ من 1875م بالسيطرة عليه منذ (161) سنة مضت، وبالطبع فهو أقدم من ذلك بكثير من الأعوام، وظل قائماً منذ الاستيلاء عليه وتحت إمرة السلطنة القعيطية التي خففت أعداد الجند فيه بعد أن أستبب الأمن في عموم السلطنة ثم ومن بعد 1967م أُستخدم سكن لبعض الأسر ممن عمل عائلها أو أحد أقاربها في خدمة الجندية القعيطية ثم هُجر الحصن.