رجــــال في ذاكــــرة التـاريـــخ.. الصحفي المكافح عبدان دُهيس

> نجيب محمد يابلي

> الجميلة لحج العبدلية:
أرض لحج السهلية الجميلة التي تطرب لكل نغمة جميلة ويتفاعل أهلها برقص معيّن يتناسب مع تلك النغمة الجميلة في أي بلدة أو قرية من قراها الطيبة ويزيد عددها على 52 بلدة حصرها الراحل الكبير أحمد فضل القمندان في كتابه المرجعي «بدائع الزمن» ومنها الحوطة حاضرة السلطنة اللحجية العبدلية والوهط والحمراء وصبر والمحلة والفيوش وبير فضل وسفيان والمجحفة ومقيبرة وبيت عياض وهران ديان وبير ناصر والشقعة وزايدة والخداد والقريشي والثعلب والشظيف وعبر لسلوم وغيرها.

الميلاد والنشأة:
عبدان محمد علي دُهيس من مواليد الوهط، السلطنة اللحجية العبدلية في شهر يناير 1950م، وتلقى دراسته في مدارس لحج وحاصل على دبلوم عالي من قسم الصحافة بجامعة موسكو.. ونشأ عبدان موهوباً وعاشقاً لمهنة المتاعب، وهو في الأصل ابن المتاعب، ولذلك لمس تجانساً بين طبيعة المهنة وطبيعة حياته وطرق باب الكتابة في الصحافة منذ العام 1966م حتى وفاته.

عبدان دهيس وكثافة التأهيل والتحصيل
من حسن طالع زميلنا عبدان دُهيس ان الدولة ومنظماتها الجماهيرية (اتحاد النقابات واتحاد المرأة واتحاد الطلاب واتحاد الشباب) في الجنوب فتحت أبواب التدريب والتأهيل داخل البلاد وخارجها، وممن  نعموا بتلك الفرص زميلنا عبدان دهيس حيث حصل على أكثر من 30 دورة تأهيلية وتخصصية في الداخل والخارج في مختلف فنون العمل الصحفي خلال الفترة 1975 / 1991م.

عبدان دُهيس ورسالة الصحافة في جبهة النقابات
دخل عبدان دُهيس دائرة الضوء من خلال نشاطه وفروسيته في مجال الصحافة من خلال الاتحاد العام لنقابات عمال الجمهورية في المعلا (عدن)، وأصبح عضو المجلس المركزي للاتحاد منذ العام 1975م ومن رموز تلك الفترة: سلطان محمد الدوش (وسلفه عبدالقادر أمين القرشي) وفيصل محمد عبدالله (سكرتير دائرة العلاقات الخارجية) وشيخ محمد سميح (سكرتير دائرة الأمن الصناعي والسلامة المهنية)، وسعيد علي راوح (سكرتير الدائرة التنظيمية) وعبد الكريم فضل (سكرتير الدائرة الاقتصادية) ومنصر الكثيري (نائب سكرتير الدائرة الاقتصادية) وراجح صالح ناجي ومحمد ناصر أحمد (سكرتير الدائرة المالية) ومحمد جواد مجاهد (نائب سكرتير دائرة الأمن الصناعي).

من رموز تلك الفترة أيضاً عبده فارع نعمان وهيثم عرجي وعبدالرزاق شايف ومحمد صداعي علي، ومنهم من نشط من خلال نقابة المهن التعليمية ومؤسسة «صوت العمال» ومعهد الدراسات النقابية العطر الذكر بالقلوعة وكان مديره المقتدر الصديق العزيز فضل عبدالله العاقل ونائبه جميل عبدالحبيب عبدالستار..

تحمل الصحفي المجاهد عبدان دهيس عدة مسؤوليات في مؤسسة صوت العمال منها تحمله وظيفة سكرتير ومدير تحرير الصحيفة «صوت العمال» ومدير عام مؤسسة صوت العمال للطباعة والنشر، وظل مكافحا في الصحيفة أكثر من ربع قرن.

عبدان دهيس من الرعيل المؤسس لنقابة الصحفيين
يعتبر الزميل عبدان دهيس من الرعيل المؤسس لنقابة الصحفيين في فترة منتصف السبعينات من القرن الماضي، ومن فرسان تلك الفترة عبدالله شرف وعبدالرحمن خبارة وزكي بركات وعبدالحبيب سالم وأحمد الحبيشي ومحمد عبدالله مهيوب وفاروق مصطفى رفعت وآخرون..

اشتهر عبدان دهيس بالأسلوب الساخر في الكتابة وهي حصيلة الفقر الذي لازم عبدان في مختلف مراحل حياته، ودخل دائرة الضوء في سبعينات القرن الماضي من خلال عموده الأسبوعي (بنص عين) الذي بدأه في صحيفة «صوت العمال» لسان حال المجلس المركزي لاتحاد النقابات، وانتقل معه بعد الوحدة إلى صحيفة «الطريق» وهي إفادة أوردها في ورقة حملته الانتخابية إلى المجلس المركزي لنقابة الصحفين اليمنيين وتصدرت ورقتة الآية القرانية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم)، وكان شعارة (منكم وإليكم)، وبرنامجه (العمل من أجلكم).

كان عبدان دهيس من الزملاء المشاركين في توحيد المكون النقابي الموحد للصحفيين في العاصمة صنعاء عام 1990م، وناضل في صفوف النقابة في ظل التآمر الذي شهدته الوحدة والاستهداف الذي طال الشريك الجنوبي.

عبدان وعِشْرة عُمر مع الفقر
لا يختلف اثنان أن الزميل عبدان دهيس عاصر واعتصر الفقر خلال مشوار العمر منذ السبعينات حتى وفاته في العام 2018م، وربطه بالفقر عشرة عمر وعيش وملح، ولذلك أصرّ على بقاء الفقر ملازما له حتى وإن انفرجت أزمته عند هذا المنعطف أو ذاك، وعز عليه أن يدير ظهره للفقر ولذلك أصر على بقاء الفقر ولو في حدوده الدنيا، ولذلك تغلب الفقر على أي محاولة أرادت أن تفصله عن عبدان.

«كلام باللحجي» لسان حال فقر عبدان
واجه عبدان وضعاً صعبا نتيجة انتسابه للعمل النقابي أو الصحافة العمالية، لأن العمل النقابي غير مرغوب فيه في الشمال الذي تغْلب عليه القوة والسيادة للأعراف القبلية على القانون والكتاب والسنة..

أحيل الزميل عبدان دُهيس إلى التقاعد بعد العام 2000م بمعاش زهيد وعانى كثيراً من تدني المعاش الذي لم يتجاوز 35 ألف ريال وأسرة يتجاوز عدد أفرادها العشرة، ورحلت أم أولاده قبل بضعة سنوات، ورابط مع أولاده وبناته دون زواج، وفي ذلك الظرف العصيب أسس عموداً في الزميلة «عدن الغد» أسماه «كلام باللحجي» والمجتمع في لحج قدره أن يعيش حالة فقر مقرون بحب الأرض، ويفرّج اللحجي عن كربه بلسانه وقلمه الساخرين وانتقد كل ظواهر الظلم والبؤس من خلال ذلك العمود الذي حظي بشعبية في وسط القراء ولاسيما في مثلث عدن/ لحج/ أبين.

«الأيام» مجللة بالحزن حباً في الراحلين عبده حسين وعبدان دُهيس
أعلنت «الأيام» في عددها الصادر يوم السبت 13 أكتوبر 2018: «غيب الموت في يوم واحد أمس الأول (الخميس 11 أكتوبر 2018م) القامتين الإعلاميتين الأستاذين عبده حسين أحمد (84 عاماً) وعبدان دُهيس (73 عاما) بعد صراع مرير مع المرض».
وقد توفي الأستاذ عبدان دهيس عصر الخميس 11 أكتوبر 2018م في منزله بحي السنافر بشكل مفاجئ، وقد نعى اتحاد الأدباء في عدن وفاة الأستاذين عبده حسين أحمد وعبدان دهيس الكاتب والشاعر..

كبار المعزين بوفاة عبدان دُهيس
تلقت أسرة عبدان دهيس التعازي من فخامة رئيس الجمهورية المشير عبدربه منصور هادي، ونائب رئيس الجمهورية علي محسن صالح، والرئيس علي ناصر محمد، ورئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، والمهندس أحمد بن أحمد ميسري نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية، ومعمر الأرياني وزير الإعلام، ونايف البكري محافظ عدن السابق، ونقابة الصحفيين في كل من عدن ولحج، وحسين محمد عرب مستشار رئيس الجمهورية لشؤون الأمن، وناصر مخشع نائب وزير الداخلية، وعلي منصور مقراط رئيس تحرير صحيفة «الجيش»، ومن رؤساء تحرير «الأيام» و «عدن الغد» و «الأمناء» و «عدن تايم».

خلف عبدان دُهيس ستة أولاد، الذكور منهم أربعة هم: نزار، عماد، معتز وعبدالملك، وابنتان..
كما خلف أربعة أحفاد ومنزلاً في الدور الأرضي في حي السنافر بمديرية المنصورة، ساعده على بناء مساكن في حوش البيت لاستيعاب أفراد الأسرة الكبيرة.

كما خلف زميلنا عبدان ديوان شعر (صرخة اليمن) صدر عام 1974م، وخلف معاشا ضئيلاً لا يلبي أبسط حاجات الأسرة، ويبتهل أفراد الأسرة للعزيز القدير أن يلتفت المسؤولون إلى مراجعة معاش والدهم الضئيل ويساعدون أبناءه على الحصول على فرص عمل تكفل لهم حياة مستقرة..
علينا أن نعمل من خلال وزارة الإعلام ونقابة الصحفيين ومحبي الفقيد على ترتيب حفل الأربعينية وطباعة أو إعادة طباعة ديوان شعره وإضافة القصائد المنشورة وغير المنشورة في ديوان آخر.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى