الحرب من أجل السلام

> طاهر بن طاهر

>
من يتمعن جيدا ويقرأ الواقع قراءة حقيقية دون تعصب للفكر أو الجغرافيا أو الهوية، وبعيدا عن التعصبات الحزبية أو التطرف الديني، سيجد أن الجيش الجنوبي بكل تخصصاته انبثق عن المقاومة الشعبية الجنوبية، ليصبح نواة للجيش والأمن الجنوبي، ويقاتل ليست مليشيات إرهابية فحسب، بل يقاتل جيوشا شمالية متمردة عن الشرع والقانون وعن الأعراف الدولية وحتى الإنسانية والقبلية.

كانت قوى النفوذ الشمالية تمتلك عدة وعتادا عسكريا بالجنوب وعشرات الألوية المتخصصة بأسلحة الدروع والأسلحة الثقيلة والعربات وناقلات الجند والمدرعات الحديثة والصواريخ الباليستية والطيران الحربي، وهنالك مقومات أخرى استطاع منها الشمال أن يتجه إلى الجنوب والهيمنة عليه بعد أن غدروا بالوحدة التي استمرت 4 سنوات فقط، ليعلن منها رئيس الشمال الحرب على الجنوب من ميدان السبعين في صنعاء، وإعلان النفير العام ضد كل ما هو جنوبي، رادفها بفتوى تكفيرية من قبل علماء الشمال لتكفير شعب الجنوب وتسميتهم بالشيوعيين الملحدين، وفتاوى أخرى تدعو إلى قتال الجنوب، لكونه شعبا علمانيا، حد قولهم!!

وبعد احتلال الجنوب من قبل الرئيس المقتول برصاص الحوثيين علي عبدالله صالح أواخر العام الماضي، استطاع «المقتول» خلال عقدين ونصف من مرحلة حكمه أن يضع قوانين شرعن بها احتلال أراضي الجنوب ونهب ممتلكاته، تارة عن طريق الاستثمار وتارة أخرى عن طريق المؤسسات والجمعيات ومؤسسات الصرافة والبنوك والجامعات الخاصة وشركات الاتصالات، وأصبح نظامه نظاما يستثمر الشعبين دون أن يعطي خدمات، بل استثمار للاتصالات والجامعات الخاصة والشركات، حتى الجامعات الحكومية بالجنوب، منها جامعة عدن وحضرموت، حولها إلى شبه جامعات خاصة بفرض قوانين النفقة الخاصة ليدفع الطلاب من 1000 إلى 3000 دولار كل عام تحت بند «النفقة الخاصة»، أو ما كان يسمى «التعليم الموازي»، إضافة إلى عامل سكان الشمال الذي يعادل سكان الجنوب بستة أضعاف.

إلا أن كل هذه القوة سقطت أمام إرادة شعب الجنوب ابتداء بالحراك الجنوبي ثم المقاومة الجنوبية، وتم تطهير الجنوب من الجيش الشمالي، وبنفس المعارك كان الجنوب يقاتل ويدرب الكتائب العسكرية من شباب المقاومة كتيبة بعد أخرى، حتى استطاع الجنوب تشكيل ألوية الدعم والإسناد والحزام الأمني والنخب والأمن العام وألوية المقاومة الجنوبية وبعض التخصصات العسكرية الأخرى، وأصبحت في كل محافظة جنوبية عدة ألوية جنوبية، وتم ترتيب ألوية جنوبية وإرسالها إلى دحر القوى الشمالية الإيرانية التي تهدد الملاحة الدولية والمياه الإقليمية في البحر الأحمر، بعد أن تمت قصقصة أجنحة إيران في باب المندب وسواحل وموانئ ومطارات عدن وحضرموت، وسيكون بتر رأس الأفعى في ميناء الحديدة الذي يمثل الشريان الأساسي للحوثيين (الوجه الآخر لإيران).

هكذا من يتمعن يرى أن الجنوب عكس الشمال، لكون الشمال كان يرسل جيوشه لاحتلال الجنوب ونهب ثرواته، بينما الجنوب يرسل جيوشه ليقاتل بالشمال لتحرير الشمال وفرض الأمن والاستقرار لأجل السلام، وعندما يسمع جيش الجنوب أي نداء أو صرخة بالشمال تنادي «واجنوباه» يغامر بشبابه وقواته إلى إنقاذ المظلومين في الشمال، ولاسيما استبسال الجنوبيين في المخا والساحل الغربي ودمت، الذين يقدمون ومازالوا يقدمون خيرة شبابهم ورجالهم لأجل تقليم أظفار إيران وجيوشها بالشمال، ليعيش أبناء الجنوب وجيرانهم بالشمال في أمن واستقرار، كي تستقر المنطقة العربية والدفاع عن الأمن القومي العربي المشترك، وعن الممرات الإقليمية والدولية، واستعادة السياحة والاستثمار العالمي، وخلق الشراكة والتشبيك مع الدول الاقتصادية والصناعية، وإيجاد وعاء مالي ومصادر دخل يتنعم بها أبناء الشعبين، جنوبا وشمالا، ورسم خارطة طريق جديدة للاعتراف بقضية الجنوب قضية الدولة والأرض والإنسان والهوية، والتي بدون الاعتراف بها لن تستقر المنطقة العربية.

ومثلما حذرنا خلال مرحلة الحراك من تجاهل الثورة السلمية الجنوبية التي تحولت إلى ثورة مسلحة ثم إلى جيوش وألوية نظامية صعب تجاهلها لكونها تحمل قضية رئيسية.

ختاما.. للجنوب قضية عادلة ولا تقبل القسمة على 6، لأنها قضية دولة اندمجت بوحدة مع دولة أخرى، ونتمنى من الجيران في العربية اليمنية الشقيقة تحكيم صوت العقل والاعتراف بدولة الجنوب، لكي نعيش شعبا واحدا بدولتين مثلما كنا قبل 1990م، أحسن من أن نعيش شعبين بلا دولة مثلما حصل منذ 1994 حتى اللحظة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى