عبدان دُهيس.. ابن الوهط الذي أدهش الناس

> د. هشام محسن السقاف

>
 لم تكن حياة ابن الوهط الذي خرج من شظف العيش إلى عوالم صاحبة الجلالة الفقيد عبدان دهيس إلا تكثيفا متصلا بهموم الشارع والمواطن، أدواته هي الإبداع ولا شيء سواه، سواء كانت الحروف بدفء أمسيات الشتاء على رمال الوهط الناعمة، أو بوقع الجمر حين تكون الكلمة رصاصة في نحور الطغاة والفاسدين.

 لا يعجزه البحث عن مساحة من ورق وحبر في صحف الدولة ذات الإيدلوجيا الواحدة، فصاحب القلم الساخر سيجد ولو خرم إبرة ليمتاز بصوته وصورته فيها، وإلى جانب الجماهير دائما اصطفافا واعيا وبمقدرة من يطوع الافكار ويبسطها  مع استحضار الموروث الشعبي من نكات وامثال وفلكلور ثم يذلق فيها ما يريد ان يصل اليه بسلاسة وطيبة نفس.

 بهيئته المرحة والكاريكتورية نراه يملأ فضاء حسيا في افئدة الناس، لم تنقطع صلاته الاجتماعية مشاركة في الافراح والأتراح في الوهط وحيثما تحمله رجلاه في عدن وخارجها.

وكان صورة غير نمطية للصحافي بقدرته - بل هو مطبوعا فيها - التجسيدية للحالة الشعبية. مسخرا هذه القدرات للنبش في الموروث الشعبي بالتقاطه لهجة لحج الجميلة أداة ناجعة لإيصال الفكرة الصحفية إلى أوسع قطاع من القراء.
لم تكن هناك مشقة او تعب لابن دهيس للدخول الى ملكوت صاحبة الجلالة  لاعتماده على خصلتين:
فقد كان متشحا منذ شرخ شبابه بوشاح الأدب ولديه ديوان شعري واغان مغناة، ولكن السلطة الرابعة تشغله عن التفرغ للأدب.

والخصلة الثانية خروجه من قاع المجتمع بتصميم ابن الفلاح على إيجاد موطئ قدم في البلاط الذي تتقاذفه السياسة حتى بعد أن استقرت أمور البلاد لفصيل واحد بعد الاستقلال عام 1967م.
لكن صاحب (بنص عين)، أشهر مقال مقروء، يبقي مسافة بعينها بينه وبين أن يكون ضمن الجوقة المعروفة.

كانت (صوت العمال) تفتح أمامه طرقا للمشاركة في العمل النقابي، وبالابتعاث في دورات و مشاركات خارج البلد.
ولكن صفته الصحفية تغطي على صفته النقابية، بسبب ذيوع شهرته مع كل اتساع في هامش الحريات ولانتقائيته الرائعة لقضايا ترتبط بهموم المواطنين. وهو ما كرسه لاحقا في صحيفة «الطريق» الذي كان احد دعائم تحريرها، ثم في صحيفة «الأيام» في السنوات الأخيرة من حياته.
رحم الله عبدان رحمة واسعة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى