عام مضطرب في الشرق الأوسط.. من اتفاق إيران النووي إلى مقتل خاشقجي

> الرياض «الأيام» انوج شوبرا

> أعاد مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، الدبلوماسية في الشرق الاوسط سنوات إلى الوراء، الأمر الذي وضع تحالفات تاريخية محل اختبار، مهدّدا موازين القوى في المنطقة، حسبما يرى محللون.
وفي ختام عام مضطرب آخر في هذه المنطقة التي تعصف بها الأزمات منذ عقود، بدا الرئيس السوري بشار الأسد أكثر قوة في ظل الانتصارات العسكرية التي حققتها قوات نظامه، بينما ظل الغموض يلف مبادرة أميركية لتحقيق السلام بين الاسرائيليين والفلسطينيين.

وفتحت الاضطرابات وكذلك التطورات في سوريا الباب أمام روسيا التي لطالما انتقدت لدورها في مساندة نظام الاسد، لكي ترسّخ موقعها كوسيط في الشرق الاوسط وتملأ فراغا تسبّب به انكفاء الولايات المتحدة نحو الداخل الاميركي ولو بشكل جزئي، وفقا لمراقبين.
ولم يمنع هذا الانكفاء المحدود الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الانخراط بشكل مباشر ومتواصل في قضية خاشقجي، عبر دعم ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان إثر تعرضه لموجة إدانات دولية بعد مقتل الصحافي في قنصلية السعودية في اسطنبول في أكتوبر الماضي.

وأبرز ترامب أهمية المملكة النفطية كمشتر رئيسي للأسلحة الاميركية، وكحليف أساسي في مواجهة إيران، لكن هذا الامر لم يمنع العديد من النواب وأعضاء مجلس الشيوخ الاميركيين من العمل على تحميل الامير محمد مسؤولية مقتل خاشقجي.
وتبدو الأخطار المحدقة بترامب، وبولي العهد السعودي الذي ألمحت وكالة الاستخبارات الاميركية «سي آي إيه» إلى مسؤوليته عن الجريمة، كبيرة.

 اختبار للعلاقات
يرى جيمس دورسي من جامعة «اس راجارتنام» للدراسات الدولية في سنغافورة أن «مقتل (خاشقجي) أشعل العديد من المعارك التي من المرجح أن تؤدّي إلى إعادة ترتيب العلاقات، من العلاقات الاميركية السعودية، إلى تلك التي تربط بين ترامب بحزبه الجمهوري والكونغرس وقطاع الاستخبارات».

واعتبر دورسي أنه «من الممكن أن تؤدي تداعيات عملية القتل أيضا إلى تبدّل في قدرة ترامب على تحقيق أهداف سياسته في الشرق الأوسط، بما في ذلك إجبار ايران على الرضوخ وفرض تسوية في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي».
ومن المرجّح أن يتغلّب ولي العهد السعودي، الذي حاول التصرف بشكل يوحي بأنه أنه غير معزول دوليا عبر مشاركته في قمة مجموعة العشرين في بوينس آيرس مؤخرا ومصافحته الحارة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على هذه الأزمة.

إلا أن تداعيات قضية خاشقجي بدأت تضع التحالف التاريخي بين الرياض وواشنطن موضع اختبار حقيقي.
وقال كريستيان اولريتشسن من معهد بيكر للسياسات العامة في جامعة رايس بالولايات المتحدة «من المؤكد أنها ستؤثر على العلاقات الأميركية-السعودية بطريقة سلبية للغاية عام 2019، بغض النظر عما تعتقد إدارة ترامب أن بإمكانها القيام به لوقف أو منع ذلك».

وسلّطت قضية خاشقجي الضوء على الحرب التي تقودها السعودية في اليمن منذ عام 2015، والتي تسببت بأسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الأمم المتحدة. وولّدت ضغوطات على الرياض للقبول ببدء محادثات سلام حول اليمن بين الحكومة المعترف بها دوليا والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وأدى مقتل خاشقجي أيضا إلى منح تركيا، المتحالفة مع قطر وإيران خصمي السعودية، مصدر قوة استثنائي في العلاقات بين القوى الإقليمية.

أكثر خطورة.. أقل استقرارا
يرى محللون انّ الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، عبر مهاجمته بشكل غير مباشر لولي العهد السعودي، يستغل مقتل خاشقجي إذ يرى فيه فرصة جيوسياسية لاعادة ترتيب موازين القوى في المنطقة.
ويؤكد خبير الشرق الأوسط في واشنطن سيغورد نويباور «بين عدم الاستقرار في الخليج، ولعبة نتيجتها صفر بين محمد بن سلمان وإردوغان، فإن الشرق الأوسط أمام امكانية أن يصبح أكثر خطورة وأقل استقرارا».

وتابع «إن هذا الأمر يترك كل الأطراف دون خيار سوى التشبث بموقفها، حتى مع مسعى ترامب لاستخدام مقتل خاشقجي كمحفز للدفع باتجاه مصالحة خليجية وتسريع محادثات السلام حول اليمن بينما يسعى للضغط على إيران».
وتمكّنت تركيا أيضا من تعزيز نفوذها في سوريا بعد اتفاق مع روسيا حول إقامة «منطقة منزوعة السلاح» في محافظة إدلب تجنبا لهجوم كبير يشنه النظام ضد هذه المنطقة.

واستعاد الأسد بدعم روسي وإيراني السيطرة على مساحات واسعة من الأراضي السورية.
ويؤكد المحلل في مركز الأمن الأميركي الجديد نيكولاس هيراس أن «حكومة الأسد حظيت بأفضل عام لها منذ 2011»، العام الذي بدأت فيه الاحتجاجات ضد النظام.

وأضاف «المعركة الكبرى في عام 2019 ستتركز على ما بعد الحرب في سوريا. وعلى الرغم من كل المكاسب التي حققتها عام 2018، فإن حكومة الأسد لا تزال عرضة لاستراتيجية أميركية تسعى لتدمير اقتصاد الأسد واستقرار دولته».

ضغوط على إيران
سعت الولايات المتحدة لضمان عدم خروج إيران في هيئة  المنتصر الكبير من النزاع السوري.
وفي مايو، سحب ترامب الولايات المتحدة من اتفاق نووي مع ايران تم التوصل اليه عام 2015 في عهد سلفه باراك اوباما. وأثار القرار الأميركي استياء الحلفاء الأوروبيين، وفرض من جديد عقوبات على طهران الشهر الماضي.

ويرى حسين إبيش، من معهد دول الخليج العربية في واشنطن ان «أكبر وأعمق تغيير في عام 2018، كان الموقف الأميركي العدواني تجاه إيران»، مضيفا «هناك ضغوط أكثر على طهران».
ومع وجود قلق مشترك من سياسات إيران في الشرق الأوسط، تقود إسرائيل حملة دبلوماسية علنيّة للتقرّب من دول الخليج.


وقام رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في أكتوبر الماضي بزيارة رسميّة لم يعلن عنها مسبقاً إلى سلطنة عُمان، لأول مرة منذ 22 عاما.
وسعى نتانياهو أيضا للدفاع عن ولي العهد السعودي الأمير محمد بعد الغضب الدولي إثر مقتل خاشقجي.

وتعهد ترامب الذي أقدم في مايو الماضي على نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، في خطوة أغضبت الفلسطينيين، بالتوصل إلى «صفقة القرن» لحل النزاع الفلسطيني الاسرائيلي.
ويزعم محللون ودبلوماسيون أن الصفقة تحظى بدعم سري من عدة دول عربية، وقد يتم الكشف عنها العام المقبل.

وفي ظل الرأي العام المؤيد للفلسطينيين، يرى الكثيرون في العالم العربي أن تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمثابة خيانة.
وتسود التوترات أيضا في قطاع غزة الذي تسيطر عليه حركة حماس. ومنذ بدء «مسيرات العودة» في 30 مارس التي ينظمها فلسطينيون على طول السياج الفاصل بين اسرائيل وقطاع غزة المحاصر، قتل 235 فلسطينيا على الاقل بنيران اسرائيلية وغالبيتهم خلال تظاهرات وصدامات. وقتل جنديان اسرائيليان أيضا في تلك الفترة.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى