بيئة عدن في خطر

> د. مروان هائل عبدالمولى

>
التدمير المتعمد والمنظم الحاقد للبيئة الطبيعة في مدينة عدن مستمر ومحصلة هذا التدمير تتكشف يوميا على شكل أوبئة وتلوث الهواء وكوارث خطرة على مستوى البر والبحر والجو والسلطة الشرعية أذن من طين وأخرى من عجين ولا تعطي أي اهتمام للبيئة في محافظة عدن ساعدها في هذا الطناش ضعف المؤسسات البيئية والبلديات التابعة للدولة المعزولة داخليا وخارجيا، حتى مع هيئة الأمم المتحدة التي تدفع بكل ثقلها من اجل إنقاذ ميناء الحديدة ولا تهتم لمدينة عدن الإستراتيجية اقتصاديا وسياسيا، المحررة عسكريا والمحتلة من رجال التخريب البيئي، مدينة دمرتها الحرب وأكلها الفساد والتلوث البيئي حتى النخاع والى يومنا هذا لم تنزل لجنة أممية واحدة من أجل إعداد تقرير ولو شكلي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة عن تقييم حالة البيئة بعد الحرب في عدن وهي نفس المدينة التي  تم تجميد برامجها البيئية الوطنية في السابق وقت السلم، واليوم صراعات الفاسدين وعملية البناء والبسط العشوائي تفتك بها وفي السنوات الأربع الأخيرة أدت إلى تدهور خطير وواضح في الموارد الطبيعية والبحار وتلوث الأجواء وتفشي الأوبئة.

مدينة عدن تعاني من دمار بيئي حقيقي مرعب، فهناك كثافة سكانية فوق طاقة المدينة بعشرات الأضعاف بسبب موجات الهجرة الكبيرة والنزوح الجماعي للسكان من القرى ومناطق الصراع إلى عدن، والبيوت السكنية تبنى حسب رغبة من يدفع أكثر حتى فوق خطوط المجاري والمتنفسات العامة وفوق مسطحات المملاح، والمحميات الطبيعية وتنوعها البيولوجي من الطيور والثدييات والزواحف والحشرات ونباتات نادرة  مستوطنة تدمر وتحول محمياتها إلى بقع سكنية أمام أعين مسئولي الدولة وسواحل عدن من البحر الأحمر حتى بحر العرب تعاني من التدمير البيئي المنظم، وهناك اختفاء واضح لبعض الطيور المهاجرة واصطياد جائر للأسماك.

 كما أن ظهور قناديل البحر بهذه الكثافة في الآونة الأخيرة كان بمثابة واحد من نواقيس الخطر البيئي في عدن ودليل على وجود مرتزقة من الصيادين يقومون بصيد السلاحف دون رقيب أو حسيب، وهذه السلاحف تتغذى على القناديل وهذا هو سبب ظهور هذه الأعداد الهائلة من القناديل على سواحل عدن، أما مكبات النفايات في هذه المدينة فهي المصدر الرئيسي للدخان السام اليومي ولتلوث الهواء ولحالات الاختناق  والأمراض للسكان، لأن الإحراق لا يتم فقط في المكبات الرئيسية وإنما في كثير من أماكن تجمع القمامة حتى في وسط المدينة التي تسبح أصلا على بحور من مياه المجاري المتزايدة لتشكل تهديدا بيئيا آخر مباشرا على صحة المواطن.

لقد تسببت الحروب والبناء العشوائي ودخان النفايات في عدن بأضرار عميقة و بالغة في البيئة الطبيعية للمدينة لدرجة أن هذه المشكلة في الوقت الحالي أصبحت واحدة من العقبات الرئيسية أمام استعادة عافية البلاد.. فالحرب الأخيرة دمرت البنى التحتية للمدينة وجلبت الفاسدين الجهلة بأمور البيئة، الذين أكملوا عملية التدمير بعدم احترامهم للإستراتيجيات الحضرية ولأنهم لا يفقهون شيئا من مفهوم النظام الايكولوجي سوى نهب أي مستحقات أو أي دعم خارجي لهذا النظام المهم جدا للبلاد والعباد.

عزيزي القارئ ألست مندهشا من صمت مؤسسات الدولة الشرعية والمسئولين العاملين في المنظمات البيئية في البلاد وفي جميع أنحاء العالم حول ما يحدث في عدن؟ أين هم القائمون على حماية البيئة في عدن؟ أين هم من تقليص مساحات الشواطئ والجبال والأراضي بسبب الطلب المتزايد على الأرض والبناء العشوائي على حساب عالم النبات والحيوان وبيئتهم الطبيعية؟ هل نسي هؤلاء أن جميع الكائنات الحية تلعب دورها في الطبيعة، وعدم التوازن يمكن أن يؤدي إلى انهيار النظام الطبيعي بأكمله؟ أين هم من الاصطياد الجائر في البحار المحيطة بعدن ومن روائح مياه الصرف الصحي ومن زيادة أعداد السيارات وملوثات الهواء الأخرى، التي تسبب أمراضًا تنفسية، مثل الربو ومشاكل القلب والأوعية الدموية؟! أين هم من البنايات العشوائية الكبيرة التي لها القدرة على تغيير مسارات الرياح أو صدها.

هناك غزو وتدمير منظم حاقد وواسع النطاق للنظم الإيكولوجية القائمة في عدن ويمكن تجميع جميع المشاكل البيئية في عدن في اتجاهين: الأول، هو استنزاف الموارد الطبيعية خاصة الأراضي والمياه وتدمير التنوع البيئي ومحمياته.. وثانيا، التلوث البيئي الشديد (الهواء والأرض والمياه)، والذي له تأثير سلبي حاد على صحة السكان وبعواقب سلبية كبيرة على التوازن الإيكولوجي للبلاد.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى