الحلي التقليدية في زمن الحرب.. هبوط اضطراري

> عصام واصل

> اشتهرت اليمن ثقافياً منذ القدم بحليها وعقيقها ومنتجات الزينة، واستمرت محافظة على شهرتها حتى اندلاع الحرب الأخيرة التي جعلتها تتراجع بشكل كبير، لاسيما بعد إغلاق المنافذ واشتداد وطأة الحصار التي جعلت اليمنيين يعانون من مآزق شتى، ولم يعد الأمر يتوقف على الإنسان فقط بل وصل إلى المهن والحرف التي كان يتميز بها الإنسان اليمني من بين سائر الشعوب، كصناعة الحلي والمشغولات الفضية التقليدية، التي لم يسلم حرفيوها من مضاعفات الوضع المفصلي الذي يمر به البلد، فمعظمهم يقف في محله ساهماً، يقلّب كفيه في ضجر، ويتذكر الأيام الخوالي حينما كان الزبائن يتقاطرون عليه بكثرة، لا سيما من السياح الذين لم يعودوا يزورون اليمن، بالإضافة إلى اضطراب أسعار الصرف التي ضاعفت اشتداد الأزمة وصار من الصعب - كما يقول أحدهم - العمل في ظل اضطراب أسعار العملة وتقلب مزاج دول «التحالف» بإغلاق المنافذ وفتحها، أو بسبب مضاعفة الجمارك وعزوف الزبون المحلي على الشراء.

صار البيع حلما
يقف تاجر الفضيات والمقتنيات التراثية «عبد الكريم حمادي» ساهماً في محله يلوك القات والحسرة، ويعدد الخيبات التي توالت عليه منذ لحظات دخول البلد في حصار خانق، وتوقف عملية البيع تماماً عقب ذلك، وعن ذلك يقول لـ«العربي»: «لم نعد نبيع شيئا، توقف البيع نتيجة للحرب والحصار، فسوقنا كان معتمدا بنسبة 99 % على السياح والأجانب، وهؤلاء اختفوا عند اندلاع الحرب».
ويضيف: «كل ما هو موجود هنا لم يغادر المحل منذ 2015م، وربما لن يغادرها حتى تنتهي الحرب ويتوقف الحصار».
وهو ما يؤكده التاجر محمد أبو ساعد لـ«العربي» إذ يقول مبتسما بخيبة: «توقفنا عن البيع تماما، الحرب أثرت علينا، والحصار أكمل ما تبقى».

ذكريات وحسرة
صار التجار يمكثون في محلاتهم ساهمين لتمضية الوقت والتذكر ليس إلا، كما يقول تاجر الفضيات المستعملة على النبهاني لـ«العربي»: «قضيت في عملي أكثر من 25 عاما كانت كلها جيدة ولم نكن نجد الوقت أحيانا لنستعيد أنفاسنا، لكن ذلك أصبح في الماضي.. أصبح ذكرى».
ويضيف وهو يشتت أنظاره في أرجاء متجره: «أما الآن فقد بتنا نبيع بأسعار قليلة جدا من أجل سداد إيجار المحل أو لتوفير قوتنا الضروري، ولم يعد الزبائن يتقاطرون، فما كنا نبيعه بالعملة الصعبة وبمبالغ كبيرة صرنا نبيعه بأثمان بخسة وبالعملة المحلية التي تفقد توازنها وثباتها كل يوم، لم نعد نحلم بالشيء الكثير، وصار قوت الأطفال هو الضروري».
من جانبه، أكد محمد علي بجاح لـ«العربي» أن «ما كان يباع قبل الحرب بمليون ريال مثلا صار يباع الآن بمبلغ زهيد لا يتجاوز الـ 250 ألف ريال يمني مثلا وربما أقل بكثير». ويشير إلى «أن أزمة تجار الحلي تعود إلى الأيام الأخيرة من نظام علي صالح لكنها اشتدت في 2011 ليكتمل طوقها كليا بعد الحرب ودخول البلد في حصار خانق».

أزمة إضافية
لم يعد أصحاب المحلات التقليدية أو أصحاب المشغولات المحلية يعانون من مأزق انغلاق البلد وضراوة الحصار فحسب، بل صاروا يعانون من منافسة المشغولات المستوردة من إيطاليا وتركيا وإيران؛ لأنها تتفوق على المحلي من حيث الجودة والأناقة والنقاء، وفي ذلك يقول «بجاح»: «لم يعد أحد يشتري المحلي، فقد صرنا نجد الخواتم والحلي الفضية المستوردة عموما تنافس المحلي بقوة بل وتتفوق عليه لتركيزها على الجودة من حيث الشكل والرونق. كما أن المستورد يتفوق من حيث الجودة فهو فضة نقية ومركزة وخالية من الشوائب على خلاف اليمني». ويعود ذلك من وجهة نظره إلى أن المحلي كله «من عمل اليد ولا تنتجه مصانع أو آلات»، مؤكداً «أن الدولة تستطيع أن توفر آلات ومصانع، ونحن نستطيع توفيرها شخصيا لولا الحصار، فدول الحصار لا تسمح بدخول مثل هذه الآلات فهذه الظروف الخانقة لا تسمح».

عن (العربي)

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى