تحقيق أولي وجمع بصمات في مواقع فرز الفارين من تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا

> قرب الباغوز «الأيام» أ ف ب

>  في أرض صحراوية قاحلة، ينهمك محققون من قوات سوريا الديموقراطية غالبيتهم ملثمون، في جمع معلومات شخصية وأخذ بصمات الفارين من الكيلومترات الأخيرة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية، في خطوة أولى تسبق مسار تحقيق طويل.
فور وصول شاحنات تقلهم من عمق ريف دير الزور الشرقي، يسارع مقاتلون ومقاتلات من قوات سوريا الديموقراطية لإرشاد وتوجيه الرجال والنساء والأطفال. ويكرر أحدهم بصوت مرتفع "ليذهب الرجال إلى هناك، والنساء إلى الجهة الأخرى".

يقف الرجال في طابورين، يتقدم كل بدوره إلى المحقق الذي يمسك بآلة صغيرة رقمية لأخذ البصمات، ثم يلتقط صورة ويسأل كل شخص عن اسمه الكامل وجنسيته.
يتلعثم أحد الرجال الملتحين عند سؤاله عن بلده. يتمتم عبارة غير مفهوم قبل أن يجيب بعد تكرار المحقق لسؤاله: العراق. يطلب منه المحقق التوجه الى محقق ثان من القوات الخاصة في قوات سوريا الديموقراطية ثم يوجه محقق ثالث أسئلة أخرى.

بعد أخذ المعلومات والبصمات منهم، يُطلب من الرجال التوجه إلى مكان تجمع خاص بهم، حيث يجلسون في صفوف متراصة منتظمة على الأرض، يبعد الواحد عن الآخر المسافة نفسها.
على مقربة منهم، يتجول عسكريون من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، من دون أن يتضح ما هو الدور الذي يقومون به في عملية الفرز.

ويوضح أحد المحققين لوكالة فرانس برس، رافضاً الكشف عن اسمه، "يتم تفتيشهم للمرة الأولى عند الجبهة، ثم يحصل تفتيش أدق هنا وتدقيق في المعلومات".
وعدا عن المطلوبين من قوات سوريا الديموقراطية، يبحث المحققون عن أي مشتبه بإنتمائهم إلى تنظيم الدولة الإسلامية.

ويقول المحقق "تشعر أحياناً أن من يقف أمامك +داعشي+ من طريقة كلامه أو تردده في الإجابة، أو اذا وجدت علامات على يده توحي باستخدام كثير للزناد أو على كتفه جراء حمل جعبهم".

"مدنيون أم مقاتلون؟"

وتخوض قوات سوريا الديموقراطية بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ 10 سبتمبر هجوماً واسعاً لطرد التنظيم من آخر جيب له في ريف دير الزور الشرقي، حيث بات وجوده يقتصر على مساحة محدودة.
لدى وقوفه في أحد الطوابير، يقول رجل ملتح رداً على سؤال لفرانس برس حول تأخره في الخروج "كنت أخاف من الإعتقال"، ثم يضيف "لكن عائلتي خرجت قبل أسبوع وجرى نقلها إلى مخيم الهول، تواصلت معهم وقالوا لي +أخرج ولن يحدث شيئاً+".

ويوضح محمد سليمان عثمان، عضو مجلس سوريا الديموقراطي الذي يؤمن وصول النازحين إلى مخيم الهول، أن البعض منهم ينتمون إلى التنظيم. ويقول "منهم من يسلّم نفسه ومنهم من يكون مختبئاً بين المدنيين".
ويشرح أن هدف "هذه العملية الأمنية أن نتأكد من هم هؤلاء النازحون، هل هم مدنيون أم مقاتلون مختبئون؟".

وتخضع النساء بدورهن لعملية تفتيش دقيقة على يد مقاتلات من قوات سوريا الديموقراطية. ترفع المقاتلة الملثمة النقاب عن وجه كل سيدة وتبحث في حاجياتها جيداً.
ويجري، وفق المحقق، جمع بصمات والتقاط صور للنساء "المهاجرات"، كما يسميهنّ التنظيم، وهن النساء غير السوريات أو العراقيات.

ويكرر مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية هذه الاجراءات بشكل شبه يومي في الفترة الأخيرة مع تزايد موجات النزوح من آخر الكيلومترات الواقعة تحت سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية.
ويقدر المرصد السوري لحقوق الانسان خروج نحو 11 ألف شخص منذ أسبوع، بينهم نحو 1.500 جهادي، ليرتفع بذلك إلى اكثر من 32 ألفاً عدد الخارجين منذ مطلع الشهر الماضي.

بعد إنهاء عملية الفرز، يتمّ نقل النساء والرجال غير المشتبه بإنتمائهم الى صفوف التنظيم نحو مخيم الهول شمالاً. ويخضعون هناك مجدداً لتحقيق موسّع، بينما يتم توقيف المطلوبين أو المشتبه بهم.

 "سيذبحونكم"

في المكان المخصص لهن، تجلس مجموعات من النساء وحولهنّ أطفالهنّ. ويكرر معظمهن السؤال ذاته "متى سنذهب إلى مخيم الهول، لقد تعبنا".
وخلال انتظارهن في موقع الفرز هذا غير البعيد عن الجبهة، تروي نساء عدة أن طفلاً توفي ليلاً جراء البرد وجرى دفنه. كما وضعت سيدتين مولوديهما أيضاً.

وما أن تقترب شاحنة منهن حتى تركض النساء مع أطفالهن نحوها، ليتضح أن تقلّ مقاتلين قدموا لتوزيع الخبز.
تسأل آمنة حج حسين (28 عاماً)، من مسكنة في ريف حلب(شمال)، وهي تجلس على الأرض عن موعد الذهاب إلى المخيم بعدما أرهقها الإنتظار في العراء مع تدني درجات الحرارة.

وتروي أنها خرجت مع إبنها (خمس سنوات) من بلدة الباغوز، التي باتت بمعظمها تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراطية. وتقول إنّ زوجها الذي عمل "موظفاً صغيراً" لدى التنظيم غادر قبل خمسة أشهر عن طريق "التهريب" إلى تركيا للعمل.
وتشرح "أردت الخروج منذ بدء القصف على هجين قبل أشهر، لكنهم كانوا يقولون لنا إن +الأكراد سيذبحونكم+".

تقاطع نورا العلي (18 عاماً)، المتحدرة بدورها من محافظة حلب، آمنة لتشرح كيف أنه خلال الأيام الماضية، "لم يعد بإمكان مقاتلي التنظيم منع الناس من الخروج".
وخرجت نورا من الباغوز مع زوجها، الذي تم فصله عنها بعد عملية الفرز. وتصرّ على أن زوجها، وهو إبن عمها وارتبطت به قبل ثلاث سنوات، "لم ينتم يوماً" الى التنظيم "بل كان عامل مطعم".

وتضيف "كنت أستمع الى الموسيقى في السرّ" وهو ما كان التنظيم يحظره.
تنتظر نورا ما سيؤول إليه الوضع، آملة أن تحقق رغبتها الوحيدة "أريد الذهاب وزوجي إلى أهلنا في تركيا

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى