بعد الرحيل

> عصام عبدالله مريسي

>
عصام مريسي
عصام مريسي
لم يتغير شيء في حياتها منذ تلقت نبأ وفاة وحيدها في حادث عرضي بإطلاق مقذوف ناري عن طريق الخطأ.
تنساق قدميها إلى الغرفة التي كانت تعد لزواجه، تفتح دولاب ملابسه، تقلبها قطعة قطعة، تضمها بين احضانها، تشم رائحتها التي تذكرها بولدها الفقيد، وفي عينيها لؤلؤ من دمع محبوس خلف حدقات عينيها، تفتح نوافذ الغرفة حتى تتعرض للتهوية، وتلمح منزل خطيبته علّ رؤياها تشعرها بالفرح وتجدد لحظات السعادة التي جمعتها بولدها وخطيبته.

تفتح نوافذ الغرفة وهالها ما شاهدت من مظاهر العرس، فالمنزل تعلوه الزينة وجمع من الناس يتوافدون إلى المنزل وأصوات النسوة ترتفع بالزغاردي، وهي مازالت ترقب الأحداث التي تدور في منزل خطيبة ولدها المتوفي وقلبها يعتصر ألما، وعينيها تفيض بالدموع، تغلق النافذة المطلة على منزل خطيبة ولدها قبل وفاته، وتعود لترتمي على سريرها وتجهش بالبكاء وهي تتقلب على فراشه وتشم بقايا عبق عرقه وتتمتم في همس مع نفسها، الكل قد نساك - اما أنا لن انساك ابدا.

وكلما ارتفعت أصوات المبتهجين في عرس بنت الجيران ذهبت الام الثكلى لتغوص في فراش ولدها الفقيد وتتقلب بين دفة السرير الذي كان يعد لعرسه حتى تغط في نوم عميق وتأخذها الأحلام والأماني إلى ما تصبو إليه كل ام من الاحتفال بعرس ولدها واستقبال المهنئين وهي في خضم انشغالها مازالت تضفي بابتسامتها العريضة الدافئة على كل الحاضرين قائلة: أهلا وسهلا.. تفضلن بالجلوس.. ثم تستدير نحو النسوة المجتمعات لمساعدتها في استقبال المدعوات وهي تلقي إليهن بالإسراع ليقمن بواجب الضيافة نحو الحاضرات.. اسرعن في تقديم العصائر للضيوف.

وجميع النسوة المقربات الحاضرات للمساعدة في تقديم واجب الضيافة يطفن على المدعوات كأسراب نحل يتفانين في الخدمة وأم العريس تتمخطر كطاؤوس يستقبل كبار الضيوف وهي تشعر بالنشوة والفخر وهي تتلقى التهاني من المدعوات: مبارك زواج ولدك
بفرحة غامرة وحالة من النشوة والزهو تجيب وترد مباركة الحاضرات: مبارك عليكن وعقبى الافراح تعم داركم.

الفرحة تغمر الام وكل جاراتها يباركن فرحها وهنّ في جو من السرور في انتظار موكب العروسين، تنطلق الزغاريد معلنة وصول الموكب وتدق الطبول استقبالا للموكب وتطلق الاعيرة النارية مدوية في سماء الحي والام تصرخ: اوقفوا اطلاق الأعيرة النارية.. أمنعوا الشباب من اطلاق الرصاص.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى