الشرق الأوسط الجديد.. الاستعمار الذكي

> د.باسم المذحجي

> تقوم الفكرة الإستراتيجية، على بلورة تنافس إقليمي بين عدد من الدول تختلف في مشاريعها، وبحدوث الصدام تحدث الفوضى الخلاقة، في إدارة التغيير، والصراع، والأزمات، وهلم جرا.

أركان إدارة الصراع والتغيير
1. برنامج تركيا: المدير العام للبرنامج مشروع الإسلام السياسي، والتمويل قطري، والموارد البشرية هي شعوب البلدان التي تقبلت فكرة التغيير، مثل تونس، ومصر، وليبيا، واليمن أنموذجًا غير مسئول.
2. برنامج إيران: المدير العام، والممول للبرنامج مشروع يقوم على الطائفية السياسية، ويشمل لبنان، العراق، سوريا، واليمن. وهذا البرنامج يتقاطع نوعًا ما إستراتيجيًا، ونفعيًا مع البرنامج الأول وهو أنموذج عنيف.

3. برنامج التكتل الإقليمي المناهض: المدير العام المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وهو مشروع يقوم على تقديم نفسها، كنموذج قائم على الاندماج الاقتصادي، والعسكري، والمصالح المشتركة بما فيها التعاون الإستراتيحي مع دولة إسرائيل. ويشمل مصر، والبحرين.. إلخ، وهو أنموذج براجماتي.
الصراع والتنافس الإستراتيجي ما بين هذه المشاريع الثلاثة مجتمعة، هي الفوضى الخلاقة في منطقتنا العربية الشرق أوسطية.

الحديث اليوم عن الاستعمار الذكي والناعم هو بناء مدخلات فكرية، وثقافية، وتكمن المشكلة بأن الدول المتقدمة تسقط تجاربها الديمقراطية على مجتمعات لم ترتقِ للنضج الكافي، وعليه ففكرة الاستعمار الذكي تختصر بأن الشعوب الأكثر ذكاء وأقوى اقتصادا هي من تتحكم بمصير بقية الشعوب الأقل وعيا، وإنتاجا، إما بالرخاء والسؤدد، أو بالدمار والخراب.
لب الفوضى الخلاقة، بأنها تقدر تقديرا زمانيا، ومكانيا للمطالب الشعبية، ومن ثم تترجمها إلى نزاع حقوقي، وتنموي ظاهر، لكنها أفكار استبدادية في الخفاء تهدف إلى السيطرة على السلطة.

الفوضى الخلاقة تعد صناعة قرار هجين من مطالب حقوق، ورفع الظلم، وتغيير نظام إدارة الدولة، لكن إدارة هذا القرار نحو إسقاط الدولة، واستبدالها باللادولة، هو الفوضى الخلاقة بصفة نقية 100 %.

بروباجاندا الاستعمار الذكي
دولة قطر تتخذ من ملف قضية خاشقجي بروباجاندا تحريض دولية، والهدف منها الإطاحة بالسلطات الحاكمة في المملكة العربية السعودية، وهذا هدف معلن، ومن ثم إدخالها في دوامة فوضى، وحرب أهلية تنتهي بالتقسيم، وهذا هدف غير معلن من قبل من يدير الفوضى الخلاقة.
المعالجة: هناك قراءة منطقية للأحداث، تتوقع استمرار التدويل القطري لقضية خاشقجي، لكن هناك مسلكا وحيدا تستطيع بموجبه المملكة العربية السعودية وضع حد نهائي لفوضى الدولة القطرية عبر شن حرب بسيطة بالوكالة، وعبر دولة البحرين. فهكذا حرب بسيطة تتقاطع تماما مع كل ذرة مصلحة قطرية، نظرًا لأنها دولة صغيرة المساحة، وقليلة السكان وتحقق ألف باء إستراتيجية الفوضى الخلاقة.

الدراسات العملية عن مسرح عمليات الفوضى الخلاقة تعرفها بالنقط الحرجة للشعوب، لتراوح مكانها في منطقة هشة، يَغيب فيها الاستقرار، وتغيب فيه الدولة.

مقياس حقيقي لوعي الشعوب
هذه الأفكار تقدم إستراتيجية احتواء لتداعيات الفوضى الخلاقة في منطقتنا العربية الشرق أوسطية، وكيف يتم إدارتها بطريقة مقبولة بحيث تمتص صدمات الاستعمار الذكي، وتحوله إلى شراكة، وتوأمة إستراتيجية.

شعارات ومصطلحات براقة
معظم شعوبنا العربية عبارة عن (سنة، وشيعة)، وجزء منها يحوي كذلك (كرد، ومسيحيين، ويهود)، ومن هذا المنطلق، فبمجرد سقوط الديكتاتوريات القمعية من قبل الإسلام السياسي، أو أي قوى أخرى، فذلك يفسح الطريق أمام الجماعات الميليشاوية الطائفية، لتغرق البلدان في فوضى السلاح، والدولة الطائفية، فهي تمتلك إستراتيجية عابرة للحدود.
سقوط الديكتاتوريات كان بفعل تنامي المطالب الحقوقية من غياب العدالة، والمساواة، والحرية، لكن المشكلة بأن الاستبداد يسقط من طرف ليتسلمه طرف آخر، وهو من يرفع تلكم الشعارات، والمصطلحات البراقة.

المعالجة: تحجيم النظام الحاكم، بالنظام، والقانون، وأنجعها العصيان المدني، بدلًا من المظاهرات، والاحتجاجات التي تقود إلى ضحايا مدنيين، وليس إسقاطه بالقوة هو الحل.

الحروب الديموغرافية وتدمير البنية التحتية
تفكيك المجتمعات، وتفريغ السكان، في صورة مأساوية تفتقر إلى حماية الإنسان بموجب القانون الدولي الإنساني، لأن القانون الدولي الإنساني لا يعنى بجبر الضرر بخلاف قانون حقوق الإنسان.
المعالجة: معالجة أسباب النزاع من الجذور، وبشكل مرحلي، ومجزأ، وبطريقة تنموية بعيدًا عن سياسة الفوضى الخلاقة، في تقديم الأبرياء من الشعب في مواجهة سلطة الحكم. والخلاصة الابتعاد عن الوصول بالسلطة على حساب دماء المتظاهرين.


الإعلام الموجهة
رؤى، وخطط تهدف إلى منح كل طرف متصارع صوت، لكن هذا الصوت لا يخدم الشعب، بقدر ما يخدم من يمول، ويقف وراء هكذا بروباجاندا، ومنابر فضائية.
المعالجة: العلاقات الدولية، وتتبع مصادر الإلهاء والتتويه، ومنابر تسير الشعوب، والتميع للقضية الرئيسية. وهكذا علاقات مدروسة مع العالم الذكي من حولنا، هي المفتاح، والتحري عن جوقة التشبيك، والاتصال، لكشف كل المضامين الإعلامية الكذوبة، أو المزعزعة للأمن، والاستقرار.

التحكم بالشعوب
حدوث نقطة الصدام في أي بلد، يعد نقطة أولى لممارسة سياسة التجويع، والحرمان من الخدمات، واستخدام الورقة الأمنية، للانتقال من وضع سيئ إلى أسوأ.
الخلاصة، بدل من القفز إلى الأمام بالخدمات، والرعاية للمواطنين، يحدث العكس وخيبة آمال للشعوب الراغبة بالتغيير، وبالتالي يريد المواطن العودة إلى السابق، ويتنازل عن كل مطالبه السابقة، والتي سبقت نقطة اللاعودة. بمعنى يفقد المزيد من الحقوق، والحريات.. إلخ.

المعالجة: بدء ثورة اقتصادية لها رجالها وممولوها، تواجه وتنافس النظام القائم بدولة موازية تنموية، تكشر عن أنيابها الاقتصادية، والتنموية، وتخلق فرص عمل، وتحد من الجوع، وتقدم التعليم، والتنمية البشرية، والفرص الاستثمارية المتجددة عن كل سياسات الحكومة الأخرى.

فن الابتزاز الدولي
ترتفع فرص التدخل الخارجي في شؤون البلدان، ومنها الحجز التحفظي، وتجميد الأموال، والأرصدة البنكية، والحسابات ليتم استثمارها لصالح الدول التي قامت بالاستيلاء على الأموال.
المعالجة: نحن نحتاج اليوم لوسيلة تمنع سرقة الأموال، وهذه تتطلب دعوى قضائية تلغي كل قرارت الحجز، والتحفظ المالي.

هجرة رؤوس الأموال والعقول
غياب الاستقرار، والأمن، واستمرار الفوضى، والاحتراب يقود إلى هجرة الأموال، والخبرات، والعقول كنتاج طبيعي.
المعالجة: الحكم الذاتي، وهذا يتم بعدة خطوات: بناء جيش، وأمن من أبناء البلد، أو منطقة الحكم الذاتي، ومن ثم تشكيل مجلس حكم مؤقت، ولو من عشرة أفراد مشهود لهم بالكفاءة، والخبرات السابقة، ومن ثم القيام بخطوات استثمارية، وتوأمة تنموية، وشراكة عقود تجلب الأموال، والاستثمارات فورًا.

الاستثمار في الصناعات العسكري
الفوضى الخلاقة هدفها تنامي النزاع، وتعدد الأطراف المتحاربة، وذلك يقود لرغبة مشتركة في التسليح، والأخيرة تعود بالعائد المادي لكل الدول المتخصصة في مجال التصنيع العسكري، لكن التقنيات الحديثة هي من تأخذ الحصة الكبرى في سوق استثمارات السلاح.
المعالجة: الاهتمام بالنوع من السلاح، بدل الكم، والسعي الجاد لبناء جيوش نظامية تمتاز بصناعة قرار جماعي، وليس فرديا عند حالة القوة القهرية، والطارئة، بمعنى تكون فرصة لبناء جيوش ذات عقيدة قتالية وطنية، وتدريبها، وتـأهليها تأهيلا نوعيا، وباقتدار لتحمي الشعب فقط.

شبح التقسيم
بغض النظر عن مآلات الواقع الجديد الناشئ، لكنها مرحلة استثنائية، وتمتلك مبررات معقولة، تجعل الكل يعيد حساباته الإستراتيجية بشكل عقلاني.
المعالجة: جعلها حدودا معنوية عبر نظام الحكم الذاتي، وليست حدودا واقعية، فبمجرد تنامي التنمية، والاستثمار، وخلق فرص العمل عبر إستراتيجية الحكم الذاتي فكل دعوات الانفصال ستعد عدما.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى