ساحل أبين بعدن.. من متنفس إلى لوكندات مفتوحة لـ «الموالعة»

> تقرير/ سليم المعمري

> مواطنون: متعاطو القات أحرموا أسرنا من الاستمتاع بأجواء البحر

يُعد ساحل أبين أحد أهم المتنفسات في العاصمة عدن؛ لتميزه بمساحة كبيرة تتسع لآلاف الأسر القادمة إليه لقضاء أوقات ممتعة وللترويح عن النفس، واستنشاق هواء طلق على نغمات مده وجزره.
ومنذ سنوات، ونتيجة لغياب دور الجهات المعنية في العاصمة للحافظ عليه كمتنزه لعوائل، تحول إلى مكان للمقيل وتعاطي القات، تبدأ فترته من بُعيد الظهر مباشرة حتى المساء، الأمر الذي أحرم الكثير من الأسر من الذهاب إليه.
شباب يتعاطون القات في الساحل
شباب يتعاطون القات في الساحل

محمد علي
محمد علي
ويقول محمد علي سالم، وهو مواطن يسكن في ساحل أبين: «موالعة القات تجدهم حيثما تمر من أماكن وأزقة وطرقات، تجد أشخاصًا متكئين إما على شكل مجموعات أو أفراد ومن مختلف الأعمار، ولكن المكان الذي يكثرون فيه هو ساحل البحر، لاسيما في عطلة نهاية الأسبوع، وهذا ما حول الساحل من مكان للتنزه والترفيه عن النفس إلى مكان وملجأ للمخزنين، ومنهم شباب يتعاطون القات في السر والخفية من أهلهم، وبهذا صار من مكان طبيعي ونظيف لتنزه العائلات إلى مكب لمخلفات الموالعة من أكياس قات وقوارير مياه وشراب وغيرها، بل إن من يذهب إليه سيجدهم مصطفين على رصيفه وفي الخيم والسيارات أيضًا، وبهذا لا تستطيع العائلات أن تأخذ راحتها في الساحل».

من ساحل إلى لوكندات
محمد عبدالحكيم
محمد عبدالحكيم
فيما يقول الإعلامي محمد عبدالحكيم: «بات المرء يشاهد في هذا الساحل مشاهد مستفزة ولا تعبر عن المكانة الحضارية لمدينة عدن، إذ أن ظاهرة التخزين فيه حولته من متنفس جميل ومن قبلة للأهالي إلى مقايل لمتعاطي القات والشيشة، متناسين أن هذا الساحل هو للاستمتاع والترويح عن النفس وليس لمضايقة العائلات.
وأرجِع سبب انتشار هذه المشكلة إلى غياب الرقابة والمتابعة من قِبل الجهات المسئولة ممثلة بصندوق النظافة والتحسين والسلطة المحلية بمديرية خورمكسر وشرطة خور مكسر، والتي يتوجب عليها سرعة إنهاء هذه المظاهر السلبية التي شوهت السواحل والكورنيشات في مدينة عدن وحولتها إلى لوكندات مفتوحة».
صورة يظهر فيها تجمع السيارات في الساحل لتعاطي القات
صورة يظهر فيها تجمع السيارات في الساحل لتعاطي القات

وتضيف بثينة مانع قاسم ناصر، وهي ناشطة مجتمعية ومدربة بناء سلام وجندر: «ما يجري في ساحل أبين أمر غير حضاري، فكثرة الرجال فيه منعت العديد من الأسر والعوائل من ارتياده وأنا واحد منهم، ومتى ما وُجد رادع وإجراءات لحماية الساحل من المخلفات والجلوس الخاطئ للشباب المخزنين ستعود الأوضاع فيه إلى طبيعتها».
وقالت: «المجتمع يتحمل جزءاً من المشكلة لصمته عنها، كما تتحمل الحكومة الجزء الآخر لإهمالها دور الرقابة والمتابعة لهذا المتنفس وغيره في عدن».

انتشار السلوكيات السلبية
وتقول الناشطة المجتمعية، تسهيد عاصم، في حديثها لـ «الأيام»: «في هذا الساحل تشعر بأن الرجال تناسوا بأنه متنفس للعوائل والأطفال فحولوه إلى ما يشبه بالملكية الخاصة أثناء فترة المقيل، فصار المكان مليئاً بسيارات والمخزنين ومتعاطي الشيشة.. وغيرها من السلوكيات السلبية، بل صرنا نسمع ونرى العجب بها بعد أن كانت ملاذاً آمناً للأسر العدنية، ولهذا ما يحدث في هذا الساحل يتحمله الجميع، ولو وجدت الضوابط والقوانين وفرض الغرامات المالية على المخالفين لحدث التغيير».

نور سريب
نور سريب
وأضافت نور عمر سريب، وهي رئيس تحرير «الوطن اليوم» الإخباري: «في كل مكان عام يكون تواجد تجمعات الرجال والشباب الذين يتكئون بالطرقات لمضغ القات وتشويه المنظر العام، وهم بهذا يفرضون قيوداً على العائلات والأطفال ناهيك أنهم أصبحوا يمثلون مصدراً أساسياً لتدهور نظافة المكان وتشويهه بطريقة سيئة لا تليق بمدينة عدن، وأتمنى أن تختفي هذه الظاهرة من الشوارع والمتنزهات؛ كونها تعكس صورة سلبية، وتخلّف أضراراً بيئية».

ظاهرة غير حضارية
ماجد الشاجري
ماجد الشاجري
وعلّق حول هذه المشكلة الأمين العام للمجلس المحلي بمديرية خورمكسر، ماجد الشاجري، بالقول: «البحر يعد المتنفس الوحيد للمواطنين، وخاصة في فصل الصيف، ولكن ما نشاهده في هذه الأماكن أصبح يشكل ظاهرة غير حضارية ومنظراً غير طبيعي لرواد الساحل لاسيما للعوائل».
وأعاد الشاجري هذه الظاهرة إلى غياب الوعي وضعف الثقافة وعدم وجود شرطة سياحية لحماية الساحل من متعاطي القات، مضيفاً: «ونحن كسلطة محلية عملنا على سد كل الفتحات المؤدية إلى الساحل، وذلك لمنع دخول السيارات عبر مشروع بناء سور طوله 50 متراً وبارتفاع متر ونص، والذي سيتم إقامته من جهة منتزه الدولفين.

وعبر «الأيام» أدعو مرتادي الساحل أن يكونوا عوناً لنا في السلطة المحلية؛ من خلال الالتزام بالتعليمات التي سيتم وضعها بلوحات إرشادية لمنع تناول القات في الساحل والحفاظ على المتنفس الذي يُعد الملاذ لكثير من العوائل وخاصة أثناء الصيف».
من جهته، قال مسئول بصندوق النظافة في مديرية خورمكسر، ياسر سيف بن معنس: «تعاطي القات في الكورنيشات والسواحل تعد ظاهرة سيئة؛ لما لها من أثر سلبي ومضايقة للعائلات ومرتادي هذه الأماكن، ومن خلال «الأيام» نتقدم بشكوى للجهات المختصة ممثلة بالسلطة المحلية بضرورة محاربة هذه الظاهرة ومنعها، وتوفير الرقابة للحد من استفحالها، وذلك عبر توجيه الأمن بمنع ومحاسبة كل من يتعاطى القات بالسواحل والأماكن العامة».

بدوره، قال مدير إدارة الكورنيشات بصندوق النظافة والتحسين، م.صفوان عبدالعزيز السقاف: «يوجد قرار للمجلس المحلي لمحافظة عدن بمنع القات، وفعلاً تم تفعيل جهات الاختصاص لمحاربة هذه الظاهرة ممثلة بالمجالس المحلية في المديريات وكذا صندوق النظافة والجهات المعنية والشرطة البيئية وقسم المخالفات وقسم العوائق وصحة البيئة وقسم التوعية، وتم الحد منها إلى حد كبير، ومع الأسف؛ إن تضافر هذه الجهود ذهبت سداً بسبب الحرب وما نتج عنها، ومع هذا فهناك جهود تبذل من الجهات ذات العلاقة، وخاصة الأمن، لفرض تنفيذ واستمرار فعالية قرار المحافظة والخاص بمنع تعاطي القات، وبتضافر الجميع -جهات ومواطنين- ستحل هذه المشكلة بإذن الله».

المسئولية مشتركة
مدحت صالح
مدحت صالح
من جهته، قال وكيل وزارة السياحة، مدحت صالح جعفر: «المشهد في ساحل أبين مختلف كثيراً عن مكان آخر، واختلافه يعكس التنوع والتركيبة الاجتماعية لمرتادي الشواطئ، فلعب الشباب كرة القدم ظاهرة حضارية لأبنائنا، والكثير منهم يفضلون اللعب فيه، وهذه ميزة جيدة لهم، إلى جانب ممارسة رياضة السير بشكل مجموعات على طول الساحل، وهناك من الأسر من تنفرد بخصوصيتها في قضاء وقتها بالساحل، وخاصة أثناء اشتداد درجة الحرارة، وبالمقابل هناك تجمعات يتعاطون القات على طوله وبطريقة مكشوفة، وهذه ظاهرة غير مستحبة، وخاصة بالقرب من تجمع العائلات؛ لما تشكله من مضايقات وانتهاكات لخصوصياتها، ولهذا نتمنى من القادمين إلى هذا الساحل احترام مرتاديه من العائلات أو من الشباب الممارسين للرياضة، بالإضافة إلى المحافظة على نظافته وخاصة من المواد البلاستيكية وقوارير الماء.. وغيرها من المواد الأخرى المسببة بتلويث البيئة.

كما نرجو من المأمور والمجلس المحلي بخورمكسر وغيرهم من جهات الاختصاص في المحافظة، معالجة ظاهرة التخزين على ساحل أبين بشكل خاص».
وأضاف في تصريحه لـ «الأيام»: «الكل يتحمل المسئولية تجاه انتشار هذه الظاهرة بساحل أبين وغيره من الأماكن بدءاً بالمحافظ ووصولاً إلى مديري المديريات والمجالس المحلية فيها، ولهذا علينا إن لم نستطع منع تعاطي القات فيها بشكل عام على الأقل نحد منها من خلال تنظيمها وتخصيص أماكن معينة لها، ويكون عامل النظافة شرط أساسي يلازمها، مع أنني شخصيًا لا أحب تشجيع التخزين في سواحل البحر».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى