فقدان 20 شابا من أبناء لحج استدرجوا للقتال في مأرب وصعدة

> تقرير/ هشام عطيري

>
شيخ قبلي: هناك أكثر من 20 شابا محتجزين في معسكرات شمالية
مصدر أمني: هناك أكثر من 200 شاب تم استقطابهم إلى تلك المعسكرات

تعيش العديد من الأسر في مناطق مديريتي الحوطة وتُبن بمحافظة لحج مأسي مؤلمة جراء فقدان التواصل مع أبنائهم الذين تم تجنيدهم في معسكرات بمحافظات شمالية كمأرب والجوف وصعدة، والزج بهم في جبهات القتال دون أن يتلقوا التدريبات اللازمة، بعد أن تم التغرير بهم وإغرائهم بالمال والوعود من قِبل أشخاص مقربين من تلك القيادات العسكرية.
6 أشهر مرت دون أن يعلم الأهالي في العديد من قرى الحوطة تُبن وخاصة بقرية الثعلب وما جاورها مصير أبنائهم الذين، بحسب معلومات وصلتهم “يتعرضون لشتى صنوف العذاب والسجن عقب فشل محاولاتهم للهرب من تلك المعسكرات بعد أن كشفوا حقيقة الأمر والخدعة التي تعرضوا لها”.

استدراج ومؤامرة
وطالب مواطنون، بعد أن بحت أصوتهم، الجهات المسئولة في المحافظة والتحالف بإعادة أبنائهم والذي تعرضوا لمؤامرة واستدراج للزج بهم في جبهات القتال في المناطق الحدودية بعد أن أوهموهم بالخضوع لعمليات تدريب وتأهيل في العبر ومنذ الوديعة ومن ثم العودة بهم إلى وحدات عسكرية في المحافظات الشمالية، بحسب رواياتهم لـ “الأيام”.

احتجاز للشباب
وأوضح عاقل قرية “الثعلب” أحمد محمد علي يحيى الكوكباني أن هناك أكثر من 20 شابا من أبناء القرية والمناطق المجاورة محتجزون في سجون تلك المعسكرات لا يعرف مصيرهم حتى اللحظة، عقب محاولتهم الخروج من المعسكر والعودة إلى مناطقهم بعد أن قامت قيادة المعسكر بالزج بهم إلى الجبهات دون تدريب”.
وذكر الكوكباني عددا من هؤلاء الشباب وهم: عادل محمد علي يحيى، مصطفى محمد بلعيد، حسان محمد علي مانع، عبدالله محسن عبدالله مبلع، عواد فضل عبدالله حامد، أصيل محمد حسن زيد، صفوان سالم مهدي، عبدالله علي بن علي الداحمة، محمد صياد، رهيب علي هادي، رضوان عارف محمد صالح، ومحمد عبدالله عبدالصفي اليافعي، وليد البيضاني، يوسف منصور حيدرة، وعبدالله أحمد حسن زيد الهلالي”.

خداع
فيما أكد الأبوان فضل عبدالله حامد، ومحمد علي مانع والأم نجاة علي فرج بأن أبناءهم تعرضوا لمؤامرة من قِبل سماسرة لا هم لهم سوى كسب المال مقابل تجنيدهم في مناطق ليست مناطقهم عن طريق التغرير والإيهام بأنهم سيخضعون للتدريب ومن ثم توزيعهم على وحدات عسكرية في المحافظات الجنوبية، مضيفين: “لو كان أبناؤنا يعلمون بأنه سيتم الزج بهم في تلك الجبهات لذهبوا إلى جبهات المخا والحديدة فهي الأقرب لهم”.
الوالدة نجاة علي فرج
الوالدة نجاة علي فرج

إن السرّية والتستر اللذين تكتنفان هذا الموضوع أثارتا العديد من الشكوك حول أسباب استقطاب هؤلاء الشباب الذين لا يتجاوز أعمارهم العشرين عاما، كما أثارا مخاوف وتساؤلات كثيرة في أوساط الأهالي والمواطنين.

استقطاب
مصدر في أمن لحج قال إن “هناك أكثر من 200 شاب، بحسب التقدير، تم استقطابهم إلى تلك المعسكرات في الشمال”، لافتا إلى أن “العديد من الحافلات التي كانت تقلهم تم احتجازها في فترات سابقة، وتخاطبت قيادات أمنية بهذا الخصوص مع هؤلاء الشباب وطالبتهم بالعودة ونصحتهم بعدم الذهاب إلى تلك الجبهات، وأن محافظتهم أولى بهم لكنهم تظاهروا بالاقتناع، وحينما تم السماح للحافلات بالتحرك منهم من تراجع وهم قلة، ومنهم من أكمل مشواره”.
الوالد محمد علي مانع
الوالد محمد علي مانع

وقال مسؤول محلي، طلب عدم ذكر اسمه، معلقا على ما حدث: “إن الحرب مازالت قائمة وكل شيء وارد وكل إنسان خبير بنفسه، وطالما التحالف جاء لدعم الشرعية فيجب علينا أن نقبل بحصول أبنائنا على فرص عمل لمواجهة صعوبة العيش في هكذا مرحلة، لكن علينا أن نثق بأن الجنوبيين أكبر وأوعى من أن يوجهوا أسلحتهم لصدور بعضهم البعض طالما وعدوهم وأضح والمتمثل بمليشيات انقلابية مآربها أكبر من تجند شباب عاطل عن عمل”، مضيفاً: “إن التحالف جاء لدعم إعادة الشرعية، وعلينا أن نتماشى مع هذه الآراء إلى أن نصل لمرحلة الانتفاض والانقضاض والتمكين والذي سيفرض أمرا واقعا جديدا سيرسم خارطة أحداث جديدة ستشهدها المنطقة وهذا ما بدأت خيوطه تتضح”.

ضد القضية
وأشار الشخصية الاجتماعية والأكاديمية حسن يافعي إلى أن “الزّج بأبناء الجنوب في حروب خارج حدود بلادهم لا تخدم قضية شعبهم ووطنهم ولا تحقق مطلبهم العادل والمتمثل في استقلال واستعادة دولتهم، بل هو عبث واستنزاف لدماء الجنوبيين وطاقاتهم، وعبث يماثل العبث والاستنزاف الذي طال أرضهم ومقدرات وطنهم، بل وأكثر سوءا وخطورة منه”.
وأضاف في حديثه لـ“الأيام”: “لقد كان ذلك رأينا من سابق في الحراك الجنوبي عندما كان يّزج بأبناء الجنوب في الحروب المفتعلة في بلاد الشريك في الوحدة والتي كان يُمارس خلالها غسيل دماغ لمن يشارك فيها من الجنوبيين وذلك لصرفهم عن قضيتهم، بل وتحويلهم إلى أعداء لها كحروب دماج مثلا.. وإننا لا ننكر دعم ومساندة الأشقاء في دول التحالف العربي لنا في الحرب الثانية التي شنها تحالف العفاشيين والحوثيين على الجنوب في ربيع عام 2015م، والتي تمكن الجنوبيون فيها من هزيمة وإفشال المخطط الإيراني وأدوات تنفيذه في المنطقة، وكان الهدف من ورائه هو السيطرة على الجنوب المتفرد بموقع إستراتيجي هام وثروات تختزن في باطني بره وبحره، وتمكن الجنوبيون من خلال تضحياتهم الجسيمة ودعم ومساندة دول التحالف العربي خلال فترة قياسية نسبيًا من تحرير أرضهم وتطهيرها من رجس الغزاة المدعومين من قبل إيران، ولأن الجنوبيين أهل وفاء وصدق وثبات أرادوا إثبات ذلك الوفاء للتحالف على أرض الواقع، فتجاوزوا معهم حدود الجنوب محررين مناطق كان الأجدر والأولى بأبنائها تحمل مسؤولية تحريرها، بل وضحى الجنوبيون بخيرة شبابهم وقياداتهم عند تحريرهم لتلك المناطق”.
الوالد فضل عبدالله حامد
الوالد فضل عبدالله حامد

ولفت حسن يافعي إلى أن “الأمر الغريب والمريب في عمليات التجنيد الأخيرة في لحج خاصة والجنوب بشكل عام هو أن التجنيد (شبه) محصور على أبناء الجنوب الذين أصبحت مسألة تجنيدهم مصدر رزق وارتزاق لمن هب ودب من ضعاف النفوس الذين يقومون بتسجيل الشباب بتوجيهات من جهات مجهولة مقدمين لأجل ذلك إغراءات مادية تجعل الشباب الذين تُعاني أسر الكثير منهم من الفقر وشظف العيش يندفعون دون تروٍ للتجنيد، إضافة إلى أن البعض من هؤلاء المجندين هم من صغار السن ولم يتم أخذ رأي أهلهم في مسألة تجنيدهم”.

 وقال:  “إن الزج بهؤلاء الشباب في أتون المعارك دون إشراكهم في دورات تدريبية يتعرفون فيها على طرق استخدام السلاح وفنون القتال قبل إرسالهم مباشرة إلى جبهات القتال لأمر جد خطير”.
وناشد في السياق الجهات المعنية أن “تقف بجدية تجاه هذا الأمر، خاصة وأنه قد بلغ مسامعنا بأن من يتم تجنيدهم من الشباب في بعض الجبهات لا يلقون معاملة حسنة ويّزج بهم في السجون في حال إبدائهم عدم رغبتهم في الاستمرار والبقاء هناك كما تجري كذلك محاولات لفرض قناعات سياسية وتوجهات يرفضها المجندون وفي الوقت ذاته، فإننا نناشد أولياء الأمور عدم الدفع بأبنائهم في مهاوي الردى أو اتخاذ موقف المتفرج أمام أي عمل يستهدف فلذات أكبادهم بسوء، وكذلك عدم البخل بالنصح لهم وذلك حتى لا يندمون في وقت لا ينفع فيه الندم”.

أسباب كثيرة
وأشار رئيس فرع الهيئة العسكرية بلحج العميد محمد علوي جعفر إلى أن “كثرة الحديث عن الاستقطاب للشباب الجنوبي وبخاصة مناطق الحوطة، تبن ومحافظة أبين، إلى معسكرات الشمال وأخص بالذات معسكرات مأرب وصعدة والجوف وهي معسكرات تابعة للإصلاح، وفيها يتم تهيئتهم وتدريبهم ليكونوا أعداء أو على الأقل أن يقفوا في الضد أمام طموح شعبنا الجنوبي وآماله في تحقيق فك الارتباط”.

وأكد العميد محمد جعفر، في تصريحه لـ“الأيام”، أن “هناك عوامل ومسببات تساعد في ذلك، من أهمها طموح الإصلاح ومن سار في فلكه في تكوين قوة عسكرية جنوبية خاضعة له يستخدمها لعرقلة الجنوب من تحقيق أهدافه في فك الارتباط وإخضاعه من جديد لباب اليمن خدمة لمصالحهم وأجنداتهم الضيقة وتستخدم لتحقيق ذلك الإغراءات وأساليب مختلفة نحو تحقيق هذا الهدف، إضافة إلى الفراغ وحالة البؤس التي يعيشها الشباب والتي أوصلته إلى وضعية لا يستطيع التفكير فيها بأي نتائج مهما كانت، المهم أن يحصل على مكسب مادي، بالإضافة إلى حالة التوهان التي يعاني منها بعض الشباب بسبب الإدمان على تعاطي القات والدخان والشمة حتى وصل الأمر إلى الحبوب المخدرة التي تقودهم إلى حضن يحصل منه على مبتغاه”.

وأشار جعفر إلى أن من الأسباب أيضاً ضعف اهتمام الدولة بالشباب والذي يساعد على نشر حالة التوهان في وسطاهم، إضافة إلى تدهور الأوضاع الأمنية أوجدت حالة اضطراب لديهم”. ولفت في ختام تصريحه إلى أن عدم تشكيل حزام أمني في مديريتي الحوطة وتبن من أبنائها أوجد حالة من التذمر في وسط الشباب وساعد على ارتمائهم بأي اتجاه بسبب شعورهم بأنهم ليس محل ثقة”.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى