إهمال التخطيط

> عصام عبدالله المريسي

>
عصام مريسي
عصام مريسي
التخطيط هو العمود وحجر الأساس في صياغة كل الأعمال حتى تنجز على أحسن صورة وأكمل وجه على كل الأصعدة سواءً كانت على مستوى الحياة الشخصية للأفراد أو رسم الملامح العامة للمجتمعات والمدن والدول.
ولمّا كان التخطيط حجر الزاوية في بناء المدن وتشييد الحضارات حظي بكثير من الاهتمام وخصص لأجل الشروع فيه لهيئات وجماعات، وحتى في وقتنا الحاضر أقيمت الوزارات بنفقات مهولة كل مهمتها التخطيط وإعداد البرامج والخطط لإقامة المشروعات وتشييد المدن.

وفي بلادنا حظي التخطيط جانباً مهماً من حياة الدولة في كل المراحل؛ ولكن الفوضى التي تسود بعد كل حدث دامٍ تربك التخطيط، وتحل محله العشوائية والفوضى وإحقاق سياسة الأمر الواقع والقبول بما هو قائم ومعمول، خاصة إذا كان الأمر يتعلق بالوجهات السياسية والقبلية وعند انعدام الدولة بالوجهات البلطجية التي أصبحت تعبث بتنظيم البلاد وتعطل التخطيط وتحل محله العنجهية الفوضوية المدعومة بالقوة، وفرض حال ما هو كائن لابد أن يكون ويستمر.

نعم وجدت الوزارات والقائمون على هذه الوزارات وربما عدد أكبر مما يحتاجه المرفق؛ لكن عملهم لا يرى النور، وينطوي عمل مثل تلك الوزارات تحت ظل روتين يومي لا يخدم الهدف التي قامت من أجله الوزارة أو الهيئة.
وهذا ملاحظ؛ كيف قامت المدن العشوائية وأصبحت واقعاً ملموساً، ولم يكن لها أدنى نصيب من التخطيط والبرمجة التي تخدم مثل تلك المدن الناشئة بتوفير الخدمات الضرورية حتى تكون مدناً مكتملة ناشئة وفق أعلى معايير السلامة والتخطيط، وذلك يعود لأسباب كثيرة منها إهمال التخطيط بعدم توفر الكادر المختص والمهيأ بالدراسة لإعداد أفضل تخطيط؛ لأن التوظيف يتم دون مراعاة التخصصات، وإنما هي شغل خانات في قوائم التوظيف التي قد تتخللها الوساطات والمحسوبيات، ناهيك عن الأحداث السياسية والعسكرية التي تحدث وما يتبعها من تفلت أمني يكون مرتبطاً بالبسط العشوائي، وإحداث واقع جديد يتم التعامل معه من منطلق الأمر الواقع الذي يجري تقبله، وهو في نفس الوقت يدل على عجز الأجهزة الحكومية المعنية من حل مشاكل المواطنين؛ من حيث توفير المسكن المناسب وفق خطط وبرامج وإشراف حقيقي من الدولة ممثلة بأجهزتها الحكومية المعنية، وكذا هروب الدولة من توفير البدائل والحلول المناسبة لمعالجة مشاكل السكن وتوفير الخدمات من خلال مشاريع تخطيط مسبقة مدروسة ومبرمجة.

وما يضاعف الأمر تعقيداً ويقود الأمور إلى الفوضى وسيادة سياسة القوة والأمر الواقع هو قيام متنفذين في مرافق الدولة الحكومية وممثلين عن أصحاب وظائف وزارية بالبسط على مساحات شاسعة من أراضي الدولة بغرض الامتلاك الشخصي والمتاجرة وتوزيعها على المقربين، وهذا يحصل عقب كل أحداث مرت بها عدن على وجه الخصوص؛ بل مما يدفع المواطن في عدن للبسط وإقامة المدن العشوائية هو نزوح وافدين من غير أبناء عدن والقيام بالسيطرة على أراضٍ واسعة والإتجار بها، وقيام مدن للوافدين من غير عدن مع تسهيل توصيل الخدمات الضرورية لهم مع غياب التخطيط، وهذا ما حصل بعد حرب صيف 94م.

واليوم يلاحظ قيام المؤسسات المعنية في المديريات برصف الطرقات وتعبيدها، وما أن انتهت حتى بدأت بالحفر لترميم شبكة المجاري وذهب العمل السابق أدراج الرياح، كأنه لم يكن، وأعيد الطرق إلى سابق عهدها من الحفر والتشققات، وهذا أقل أضرار عدم التخطيط والعمل العشوائي لكثير من إدارات الدولة.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى