حرب اليمن في حضرة السلاح الأمريكي والألماني

> «الأيام» غرفة الأخبار

>
أثبتت تحريات صحفية أن التحالف العربي يستخدم أسلحة من صنع ألماني في حرب اليمن، ويطالب سياسيون من المعارضة الألمانية بوضع حد للشراكة الإستراتيجية مع العربية السعودية.

وتلعب الأسلحة الألمانية في حرب اليمن دوراً أكبر مما كان محتملاً إلى حد الآن. وكشف صحفيون من عدة مؤسسات صحفية بينها DW عن العديد من الأدلة على استخدام أنظمة أسلحة ألمانية في حرب اليمن على الأرض وفي الجو والبحر. وتسببت هذه التحريات لدى الكثير من السياسيين في غضب. “جميع الادعاءات من الحكومة الألمانية التي تفيد بأن الأسلحة الألمانية لا تُستخدم في اليمن، ما هي الآن سوى تمويه”، هذا ما قاله المتحدث باسم الشؤون الخارجية لحزب الخضر في البرلمان، أوميد نوريبور، وأضاف في حديث مع DW أن “الحكومة الألمانية فقدت السيطرة على ما تفعله”. وأكد ممثلو الحكومة الألمانية لوقت طويل بأنه لا توجد لديهم أدلة على استخدام أسلحة ألمانية في حرب اليمن. “لا أعرف شيئاً من هذا القبيل”، سبق وأن قال وزير الاقتصاد الألماني “بيتر ألتماير” خلال فعاليات مؤتمر ميونيخ للأمن بداية شهر فبراير 2019.

لكن بعد هذه التحريات، يطرح سؤال لدى كثير من السياسيين، وهو هل إجراءات المراقبة المتبعة إلى حد الآن كافية؟
الالتزام بالقواعد
يورغن هارت، المتحدث باسم الشؤون الخارجية لأحزاب الاتحاد المسيحي، قال في مقابلة مع DW: “كل دولة تحصل على أسلحة من ألمانيا يجب أن توقع وتؤكد بأن الأسلحة ستبقى في الدولة وإلى أين تم تسليمها، وإذا لم يستجب بلد ما لهذه الالتزامات، فإن هذا ستكون له عواقب جدية على صادرات لاحقة”. وهارت، يعني بهذا التصريح أنه قد لا يتم تصدير أسلحة إضافية مثلا إلى العربية السعودية.

وحالياً يبقى وقف صادرات الأسلحة إلى العربية السعودية حتى (التاسع من مارس 2019) ساري المفعول، والسبب هو اغتيال الصحفي السعودي، جمال خاشقجي. وقال هارت في لقائه مع DW: “من وجهة نظري يجب علينا مواصلة هذا النهج، كما اتفقنا عليه داخل الحكومة، أي عدم التصدير لدول مشاركة فعلاً في حرب اليمن”.

أسلحة ألمانية في أيادٍ خاطئة
وبالنسبة لنائب رئيس كتلة الحزب الاشتراكي، رولف موتسنيش، تكشف التحريات أن “بوصلتنا في السياسة الخارجية في السنوات الأخيرة فشلت”. وأكد أنه كان يخشى منذ مدة أن الأسلحة التي تم تصديرها في السابق من ألمانيا إلى مناطق توتر، أصبحت الآن وسيلة لشحن النزاعات، وبالتالي فإن المعارضة الألمانية تطالب باتخاذ إجراءات لاحقة واضحة. وفي هذا السياق قال المتحدث باسم الشؤون الخارجية، نوريبور: “الحكومة الألمانية يجب عليها أن توقف نهائياً الشراكة الإستراتيجية مع العربية السعودية”. وحتى حزب اليسار يشتكي، إذ أن المتحدث باسمه للشؤون الخارجية، شتيفان ليبيش، قال: “بهذا بات واضحاً أكثر أن ألمانيا تتحمل المسؤولية في آلام الحرب في اليمن. وإذا لم نكن نرغب في ذلك، فوجب فوراً وقف صادرات الأسلحة للجهات المشاركة في الحرب”.

وما تزال الحكومة الألمانية، حسب نائبة المتحدثة باسم الحكومة أولريكه ديمير، تتحقق من التقارير. والحكومة الألمانية لا تتوفر حالياً على معلومات حول مصير أسلحة مصدرة إلى العربية السعودية. وقضية مصير تلك الأسلحة مركزية. وذُكر من جانب الحكومة أن “القضية ستخضع للبحث، ويتم حالياً مناقشة ما إذا سيتم استئناف صادرات الأسلحة إلى العربية السعودية بعد التاسع من مايو”.

وفي الأثناء تتفاوض المستشارة أنجيلا ميركل، مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس حول صادرات الأسلحة. فهي ترغب في الحصول على قواعد جديدة في التعامل مع الأسلحة المنتجة بصفة مشتركة، ويصدر انتقاد شديد من فرنسا وبريطانيا بسبب وقف صادرات الأسلحة الألمانية إلى العربية السعودية، لأن مشاريع مشتركة تكون مستهدفة، ويبقى الحزب الاشتراكي الديمقراطي يعارض تخفيف القواعد المتشددة.

السلاح الأمريكي
وفيما يخص السلاح الأمريكي قال خبراء لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني إن إنهاء الدعم الأمريكي لقوات “التحالف” التي تقودها السعودية في اليمن من شأنه أن يحد من جهود الرياض الحربية ويعجل بإنهاء ما تصفه الأمم المتحدة بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

ووصف السفير الأمريكي السابق لدى السعودية، روبرت جوردان، الدعم الأمريكي بأنه حيويّ لقدرات الرياض العسكرية.
وقال جوردان لموقع ميدل إيست آي، الأسبوع الماضي: “إذا علَّقنا توفير قطع غيار لطائرات (أف 15) الخاصة بهم، فإن قوتهم الجوية سوف تتعطل في غضون أسبوعين”.

وأضاف: “لذا أعتقد أن هناك احتمالاً كبيراً أنه إذا حدث ذلك، فسيجدون جاذبية أكثر نحو الذهاب إلى طاولة المفاوضات والتفاوض”.

وصوّت على التشريع الأمريكي المقترح بشأن وقف الدعم العسكري الأمريكي عن التحالف السعودي الإماراتي في اليمن، من قِبل مجلس النواب الشهر الماضي، ومن المتوقع أن يصوت عليه مجلس الشيوخ الذي وافق على اقتراح مماثل في أواخر العام الماضي في وقت لاحق.

غطاء نفسي وإستراتيجي
وقال خليل جهشان، المدير التنفيذي للمركز العربي في واشنطن العاصمة: “إن كلاً من واشنطن والرياض ترغبان في التقليل من تأثير المشاركة الأمريكية في اليمن، لكن دور الولايات المتحدة في الحرب يظل “بالغ الأهمية” من الناحية اللوجستية والسياسية، فإلى جانب المساعدات العسكرية، فإن واشنطن توفر “غطاءً نفسياً وإستراتيجياً” لحرب السعودية في اليمن على حد قوله.

ويعتقد جهشان أنه إذا سحب الدعم الأمريكي “فستشعر السعودية بأنها مجبرة على إنهاء هذه الحرب بشكل أسرع مما تريد”.

وبينما يواجه ترامب انتقاداً في كثير من الأحيان بسبب علاقته القوية بحكام المملكة العربية السعودية، فقد بدأ الصراع في اليمن في عهد سلفه باراك أوباما، حيث شنت السعودية والإمارات حملة قصف شاملة في اليمن في عام 2015م لاستعادة حكومة الرئيس عبدربه منصور هادي والسيطرة على صنعاء بعد أن سيطرت عليها حركة “أنصار الله”.

وفي حين لا يحظر مشروع قانون الكونجرس المبيعات العسكرية، فإن المشرعين الأمريكيين مستعدون للتدقيق في مشتريات سعودية مستقبلية من الأسلحة الأمريكية، مدفوعين في ذلك بالغضب الذي أثاره اغتيال الكاتب الصحفي بواشنطن بوست، جمال خاشقجي، من قِبل فريق سعودي.

دعم أمريكي
شملت المساعدة التي قدمتها الولايات المتحدة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن إعادة تزويد الطائرات المقاتلة بالوقود في الجو، والمساعدة في الحصار البحري، والمساعدة في تنسيق العمليات العسكرية، من بين أمور أخرى.
وقال نبيل خوري، وهو دبلوماسي أمريكي سابق عمل في اليمن من عام 2004 إلى عام 2007، قال: “إن المساعدات كانت حيوية للخطط العسكرية السعودية”. مضيفاً أن “اعتماد السعودية والإمارات بشدة على الدعم الأمريكي أمر لا يمكن إنكاره”.

وأضاف: “بالتأكيد في البداية، لم يكن بإمكانهم البدء بهذه الحرب دون دعم الولايات المتحدة والمملكة المتحدة”، لكن على مدى سنوات الحرب، طورت الرياض وأبوظبي قدراتهما العسكرية الخاصة باستئجار خبراء ومرتزقة من القطاع الخاص لمساعدتهم.

وأوضح أنه عندما توقفت واشنطن عن إعادة تزويد القوات السعودية بالوقود من الجو في العام الماضي، اكتسب السعوديون القدرة على القيام بذلك من تلقاء أنفسهم.

وقال خوري: “إن إنهاء المساعدات التي تقدمها واشنطن، بما في ذلك بيع الأسلحة، سوف يجبر السعودية على إنهاء الصراع”. واستشهد بتصريح للرئيس ترامب العام الماضي قال فيه إنه خاطب الملك سلمان قائلاً: “قد لا تتمكن من البقاء لأسبوعين بدوننا”.

وفي أواخر عام 2018، دعا كل من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، ووزير الدفاع السابق جيمس ماتيس، إلى إنهاء الصراع في اليمن، ورغم ذلك لم تفعل واشنطن الكثير للضغط على حلفائها السعوديين والإماراتيين من أجل التوصل إلى سلام دائم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى