بريطانيا وعودتها إلى عقدة المشهد السياسي اليمني

> منصور الصبيحي

> 1 - إيجاد موطئ قدم لها.
2 - استعادة أمجادها الغابرة في جزيرة العرب.
3 - لعب دور ريادي.
4 - حماية مصالحها في البحر الأحمر والبحر العربي وخليج عدن.

إن الدخول بقوة للملكة التي لا تغيب عنها الشمس قديماً واللاعب الرئيسي على مسرح الأحداث من الهند إلى اليمن إلى أفريقيا والجزيرة العربية أدى إلى السيطرة على طرق التجارة والتحكم بالمضايق المائية لعهد قريب، حتى تحول ميزان القوى لصالح دول أخرى بفعل المتغيرات الدراميتيكية خلال القرن المنصرم وتعاقُب حدثين مهمين لم تشهد المعمورة مثيلاً لهما، وهما الحربان العالميتان الأولى والثانية، وظهور نظرية الشيوعية تقف على النقيض من الرأسمالية البرجوازية أدى إلى صعود روسيا ممثلة بالاتحاد السوفييتي في قلب أوروبا مستثمرة كل الصراعات السياسية ذات الأطماع الإمبريالية المتشددة ومستفيدة من النكسة والإحباط الذي أصاب العالم جراء قتامة الصراع ذي الخلفيات التوسعية، بغية الهيمنة المستمرة على مصادر الطاقة والمعادن.

وبعد الفتور للإنجليز الذي دام عقودا من الزمن، الذي من أسبابهِ بروز متغيرات في إستراتيجيا المعادلات لفن السيطرة الاقتصادية عن طريق عدد من الأساليب المتنوعة غير المتبعة قديما التي انحسرت في تدخلات مخبراتية وقليل منها عسكرية، حال تعثر الجانب الرئيسي المتبع وتمكين عمل الداخل من يمثلون وكلاء رسميين لدول الكبرى على مستعمرات الأمس عسكريا ومستعمرات اليوم اقتصاديا، وهكذا تبرز بريطانيا بعد طول غياب كلاعب في الشؤون الدولية منفردة الرؤى ذي النظرة المختلفة في سياق طفرة جديدة للخروج عن مألوف تبعية القرار والحل، بحيث إن البداية تلك قد فاجأت المراقبين، حيث كانت بوادرها الملف اليمني كأساس انطلاق لإثبات القدرات الدبلوماسية الكامنة للسايس البريطاني الذي يوصم بتبني النظرة الأمريكية في كثير من الملفات على صعيد الشرق الأوسط خاصة.

مأرب سياسية داخلية وخارجية
1 - محاولة منها إعطاء انطباع إيجابي للداخل.
2 - إزاحة الصورة النمطية التي يوصم بها السايس البريطاني في تبعيتهِ للسياسة الأمريكية.
3 - محاولة إشغال الداخل لتخفيف الاحتقان جراء مشكلة الخروج عن الاتحاد الأوروبي.

منذو صعود قطبي الصراع (الروسي الأمريكي) وإلحاق وتجيير السياسية الإنجليزية نحو المواءمة مع نظيرتها الأمريكية باتت على إثر ذلك بريطانيا هي أكثر البلدان ارتباطا من سائر الأوروبيين، وتمثل عمقا إستراتيجيا من أعماق الولايات المتحدة، وحليفا قويا تشاركها الملفات سلبا وإيجابا لإيجاد نفوذ تكون لها هي الحصة المعتبرة في ذلك، وبالتالي أصبح الإنجليز لا يمثلون عمق أوروبا الذين غدوا تربطهم بأمريكا علاقة على استحياء فقط، وتتسم بالبرودة ويسلكون سلوكا حذرا.

وما زاد الطين بلة هو الاستفتاء الذي أيدهُ الشعب البريطاني نحو مغادرة بريطانيا زريبة أوروبا، تحقيقًا للهدف الذي طال انتظاره من البيت الأبيض الذي يتمحور في كيفية تفكيك الاتحاد الأوروبي، خوفا من أي تحالفات جديدة مستقبلية تنشأ مع معسكرات أخرى، وعلى هذا الحال تحاول بريطانيا جاهدة في تغيير النظرة السلبية عنها من جانب العالم والأوروبيين وشعبها، خاصة نحو رسم خط إعلامي مختلف نوعا ما عن ذي قبل، وتصدير نفسها تتمتع بأحادي القطبية ذي النظرة المختلفة سياسيا عن الجميع انطلاقا من الإرث التاريخي ذي النزعة الاستقلالية قديما، لتبدأ من الأماكن التي تعدها من الأكثر ارتباطية بها، وعلى هذا الأساس يكون التحدي الذي يصادف الإنجليز هو تحدِِ صعب داخليا لمعالجة الاحتقان وتوجيه نظر المواطن نحو الخارج، على أساس رسم صورة ذهنية أن بلدهم تعد كقوة فاعلة حال نجاحها في حلحلة الوضع اليمني، عله يعيد شيئا من ثقة الشارع، وهذا ما يتجانس والسياسية مع النظرة البريطانية وما ينتج من رؤى أممية يمثلها المندوب الأممي ذو الجنسية البريطانية والطفولة العدنية.

الإنجليز حنين إلى الماضي
لا شك أن كل شعب يحن إلى ماضيه كما يحن الفرد إلى ذلك، فالاختيار الذي توافق عليه بريطاني الجنسية (جريفيثس) كممثل للأمم المتحدة، الذي يعد من مواليد عدن، إنذار أن الإنجليز ما زالوا يطربهم ماضيهم إلى عدن، وما جرى من استقبال حافل لرئيس المجلس الانتقالي في العموم البريطاني يؤكد ما لا يدع مجالا لشك، وقد سبق ذلك بعض التمهيد للأرضية من جانب الانتقالي كإعادة عمل بعض الموروثات الثقافية للإنجليز مثل (ساعة بج بن عدن)، والشروع في ترميم بعض أماكن أخرى تحمل ارتباطا وجدانيا لهم، وتكلل أخيرا بزيارة خاطفة لوزير الخارجية إلى عدن، لما تحمله تلك الزيارة من دلالات معنوية أكثر منها سياسية لأبناء عدن، كمبدأ يطرحهُ المراقبون للجدوى من وراء الزيارة لعدن مع وجود الثقل السياسي في الرياض ممثلة بالرئيس ونائبه ووزير خارجيته.

كل ذلك يضعنا أمام تساؤلات: هل تنوي بريطانيا أن تلعب دورا رياديا في المنطقة وتعمل على استعادة مجد إمبراطوريتها انطلاقا من عدن؟ وهل سئم الإنجليز واستاءَ من تصرف الأمريكان؟
وهل يملك الإنجليز أسرارا تنذر بقرب نكوسِِ لأمريكا جراء الأخطاء المتراكمة في الشرق الأوسط والعالم وتحاول النأي بالنفس استباقا لأي طارئ؟ أم أن السياسة ستبقى رهينة عقدتها وكل ذلك فقط من باب تبادل الأدوار لا غير؟
هذا ما ستكشفهُ الأيام المقبلة...

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى