> «الأيام» استماع
قال المحلل السياسي ونقيب الصحفيين اليمنيين الأسبق، عبدالباري طاهر، إن طول أمد الحرب في اليمن أضعف طرفيها لصالح القوى الإقليمية الداعمة لهما، ما جعل بالتالي مصير هذه الحرب بأيدي قوى خارجية لا بأيدي المتحاربين داخل اليمن.
ولفت طاهر، في حوار مع إذاعة مونتا كارلو الدولية، إلى أن الحديدة باتت هي محور الارتكاز لحرب اليمن، وأنها المنطقة التي يعتقد كل طرف أن تحقيق أي تقدم فيها هو نصر بحد ذاته، مؤكداً أن العملية السياسية أصبحت معطلة والعملية العسكرية هي التي تتحدث وتشكل الواقع.
- التصعيد في كل حرب في مد وجزر، وأوهام الحسم العسكري موجودة لدى كل الأطراف، كل طرف يعتقد أنه الأقدر على الحسم العسكري، والكارثة في اليمن أنها حرب أهلية ودخلت عليها حرب إقليمية، هذه الحرب الآن المشكلة أنها حرب لن تكفي طول اليمن وعرضها في نهم والجوف وصعدة وحدة وصرواح والبيضاء وفي المناطق الوسطى وفي الحديدة، يعني معركة ممتدة وفيها أكثر من موقع، والأطراف كلها أصبحت تجد مليشيات مسلحة، والمليشيات المسلحة هي الطرف الأقوى في الحرب، العقل السياسي سواء لدى الإقليم أو الطرف الوطني المحلي يجب أن يكون قادراً على اتخاذ قرار في هذه الحرب، هذه الحرب متفلتة وطبعاً أصبحت بالفعل اليمن كلها ميداناً لهذه الحرب، يعني مؤشر هنا غير محدد وغير واضح.
- هذا التصعيد واضح الآن، إن الأطراف كلها رهن الخارج، إن كل طرف يريد أن يحقق انتصاراً، هناك ضغط دولي وضغط من الأمم المتحدة ومجلس الأمن للوصول لحل سياسي، وهناك مسألة الحديدة والهدنة التي تحققت في السويد، فكل طرف يريد أن يحقق انتصاراً قبل الذهاب للمفاوضات، ولكن هذه الرهانات كبيرة ولن يستطيع أي طرف أن يحقق نتيجة، ولكن يكون لدى طرف من الأطراف ضعف في الحديدة سيعوض عنها في منطقة أخرى والعكس صحيح، في الجوف أو في حجة، فسيعوض في منطقة أخرى في مكان آخر يمتلك تفوق وقدرة فيه، فللأسف هي حرب أطرافها عديدة وغير محسومة وتتبدل فيها التحالفات، يعني فرضاً اليوم مع الطرف الإقليمي فغداً ممكن أن يكون مع طرف آخر، فهي غير محددة ولا في أي اتجاه من الاتجاهات؛ لأن أي طرف ممكن أن ينتقل من موقع لموقع، وتكون حرب مفتوحة على الآخر وليس لها بداية ولا نهاية.
- المشكلة أن العملية السياسية معطلة والعملية العسكرية هي التي تتحدث والتي تتشكل على الواقع، وهي التي تمثل الكارثة بكافة اليمن وعرضها والعقل والتفكير السياسي، المشكلة في هذه الحرب كان هو الطرف الأقوى ودعواه موجهة على طرفين أنصار الله وشرعية، الآن هؤلاء الطرفان ضعفا لصالح الطرف الإقليمي السعودية والإمارات وحليفاتهما، وإيران وحزب الله في طرف الآخر، فأصبح الطرف الإقليمي في الحرب هو الطرف الممول، وهو الداعم في هذه الحرب بصورة مباشرة وغير مباشرة، أصبح الطرف الإقليمي هو الأقوى الآن، أصبح واضحاً أن الطرف الدولي الداعم للحرب هو الذي يمثل قوى بديلة للطرف الوطني والطرف الإقليمي أيضاً.
- واضح في قضية الحديدة، الحديدة المشكلة أنها أولاً في الاتفاقية نفسها غير المكتوبة والموقع عليها وغير واضحة ومحددة المعالم، والشيء الثاني أن الحديدة كل طرف يريد أن ينفرد بالحسم، لأن الحسم في الحديدة يعني الحسم في 12 محافظة، فالحديدة هي الرئة والشريان الذي يمد في 12 محافظة وأكثر من 80 مليوناً بمستلزمات الأغذية والمواد والأدوية وكل شيء، فالحديدة معركة مصيرية ونقطة الضعف، واتفاق الهدنة وقف عند حدود الحديدة ولم يأخذ البعد في مناطق مختلفة، فالهدنة في الحديدة بدون باقي المناطق تصبح مستحيلاً، فنقطة الضعف أن المسألة بقت في الحديدة ولم تأخذ بقية المناطق بعين الاعتبار.
- العقبات الحقيقية أن كل طرف يتمسك بالحديدة ويعتقد بالفعل أنه إذا ما سيطر على الحديدة فسيصبح بإمكانية الحسم والتفاوض من مكان أقوى من خلال الحديدة نفسها، فالحديدة نقطة مهمة جداً، ونجد كل الأطراف تركز قتالها على الحديدة، فكون القتال في المناطق الأخرى لتخفيف الضغط على مواقعها في الحديدة، والآن تعقيد الحرب في الحديدة يأتي من هذا الجانب لأنها هي الغنيمة والفائدة الأكبر في الحرب.