> عبدالإله هزاع الحريبي
الحديث عن جماعة الإخوان المسلمين في اليمن يختلف عنه بالنسبة إلى مثيلاتها في دول عربية أخرى، إذ بدأ نشاط هذه الجماعة في الأربعينيات مع إرسال الجماعة الأم في مصر الفضيل الورتلاني، إلى اليمن لنشر فكر الجماعة، إلا أن الورتلاني فشل في تكوين فرع للجماعة بالصورة التي ينشدها المؤسس حسن البنا، إذ كانت التيارات اليسارية والقومية هي الموجودة بقوة في الساحة اليمنية، وبالذات في عدن، حيث تأسست أحزاب طليعية يسارية كثيرة، في حين لم يرصد أي نشاط رسمي مبكر لجماعة الإخوان في اليمن.
وكانت أبرز محطات الجماعة تشكيل حزب الله في الشمال، وضم شخصيات تأثرت بفكر الجماعة، على الرغم من عدم انتمائها لها كالشهيد، محمد محمود الزبيري، والذي تنصح أشعاره بالقومية العربية. ظلت التيارات القومية واليسارية هي الموجودة في ميدان العملين، السياسي والعسكري، في شمال اليمن، وكان ذلك يُقلق الجوار الخليجي، فدبرت المؤامرات تلو المؤامرات، للقضاء على هذه التيارات وعناصرها المؤثرة التي كان لها وجود في المؤسسات الأمنية والعسكرية والمدنية. ولعل أقسى تلك المؤامرات كانت اغتيال الرئيس إبراهيم الحمدي، وتصفية رموز الحركة الناصرية في اليمن، بعد محاولة انقلاب أبيض لم تسل قطرة دمٍ واحدة، حيث أوجدت السعودية ودول أخرى تحالفا بين القبيلة وبقايا الإمامة وجماعة الإخوان المسلمين في بداياتها وعلي عبدالله صالح وبعض القيادات العسكرية لتصفية هذه التيارات في كل المؤسسات ذات الأهمية، وبالذات الجيش والمؤسسة الأمنية، واستبدال من ينتمون لهذه التيارات بمشايخ قبائل وقيادات تتلقى دعماً من الجوار المتآمر.
بعد وصول علي صالح إلى السلطة، بدأت جماعة الإخوان الوجود الفعلي والملموس في الدولة والشارع، وأتيح لها التمدد والانتشار في ربوع المحافظات الشمالية قبل الوحدة، مع عمل منظم للتواجد في الجنوب لزعزعة وإسقاط الحزب الاشتراكي اليمني ونظامه هناك.
وفي الثمانينات، انتشرت المعاهد العلمية وحلقات تحفيظ القرآن في كل المدن والقرى، وبدعم سخي من السعودية، وكانت مخرجات هذه المعاهد ومدارس التحفيظ تصب في زيادة جماعة الإخوان وتوسعها، بالإضافة إلى ذلك كان للإخوان المسلمين الدور الفاعل في حرب المناطق الوسطى لمواجهة اليساريين في الجبهة الوطنية التي كانت تناهض حكم صالح، وتأسست الفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن آنذاك، من هؤلاء الذين تشربوا بفكر الإخوان المسلمين وثقافتهم، فأصبحوا قوة ضاربة داخل مؤسستي الجيش والأمن، وكان لهم دور فاعل داخل المؤتمر الشعبي العام قبل الوحدة.
«العربي الجديد»