باشراحيل في ذكرى رحيله الـ27

> محمد عبدالله مخشف

>
محمد مخشف
محمد مخشف
يموت العظماء وتبقى ذكراهم خالدة في قلوب ونفوس أهاليهم ومحبيهم ومريديهم، لما كان لهم من مآثر وبصمات أثّرت في مجرى الحياة، تركوها بعدهم ليستلهم منها الأبناء والأحفاد وسائر محبيهم العبر والدروس.
وفي هذا السياق، نقف اليوم أمام واحد من أولئك الذين أثروا الحياة السياسية والصحافية والأدبية والثقافية والاجتماعية، وأرسوا تقاليد سار عليها الأبناء والأحفاد من بعدهم. ذلكم هو الراحل الكبير الأستاذ محمد علي باشراحيل، السياسي المحنك والصحافي الجهبذ، الذي أسس بموهبته مدرسة صحافية قائمة بذاتها، ذاع صيتها وانتشر فكرها في أرجاء البلاد.

وكان لي الشرف والفخر بأن كنت واحداً من بين عديدين تتلمذوا وشربوا أصول المهنة وحرفيتها وأخلاقياتها على يد الأستاذ باشراحيل في صحيفة “الأيام”، حيث تزاملت مع الأساتذة محمد حامد عولقي والقرشي عبدالرحيم ومحمد زين الكاف وإبراهيم الكاف.
ففي عُمر مبكر من حياتي شاءت الأقدار السعيدة أن التحق بالعمل في “الأيام” بعد إعادة إصدارها في فبراير عام 1965، بعد توقف قهري من قبل الحاكم البريطاني لعدن آنذاك.

وفي “الأيام” وجدت المجال رحباً وواسعاً لتعلم أصول وحرفية وأخلاقيات المهنة ومصداقياتها، وكيفية التعامل مع القارئ في تقديم وجبة صحافية صادقة ومعبرة عن همومه وشجونه وتطلعاته، وإطلاعه على مجريات الأوضاع للحياة السياسية والثقافية والاجتماعية المعتملة في البلاد.
وفي الفترة التي قضيتها في “الأيام” حتى توقفها اللا إرادي في أبريل 1967م تعلمت وعرفت واطلعت على كثير من خبايا وخفايا الحياة بمختلف تجرعاتها وكبرت فيها ومعها على يد الأستاذ باشراحيل، وبحكم صغر سني اعتبرني الأستاذ وعائلته الكريمة وعلى رأسها الوالدة الحجة المغفور لها ـ بإذن الله ـ أم هشام واحداً منهم، وهي رابطة وعلاقة راسخة استمرت منذ ذلك الحين وحتى اليوم في عهد الابن أخي تمام والأحفاد الأعزاء باشراحيل وهاني ومحمد هشام باشراحيل.. وإذا كان لنا من كلمة في هذه المناسبة فإن المآثر والدروس والعبر التي تعلمتها على يد الأستاذ باشراحيل هي التي تركت بصماتها على سير مجريات حياتي المهنية والأسرية والاجتماعية، فمن الأستاذ باشراحيل استمددت أولاً احترام النفس، بمعنى أن الذي لا يحترم نفسه لا يحترم الآخرين ولا هم يحترمونه، وثانياً أن الحياة بحر واسع عليك أن تتعلم العوم فيه والنجاة من أمواجه في عملك وحياتك العائلية والاجتماعية والعامة.

ففي الذكرى الـ 27 لرحيل الأستاذ باشراحيل في عام 1993م نقف إجلالاً وترحماً على روحه الطاهرة، ونتذكر مآثره وسيرته العطرة، لنستلهم منها الصبر والدروس في مختلف مناحي الحياة.
وفي هذا السياق، أود أن أشير بالاستحسان لفكرة أخي تمام في نشر مقتطفات من افتتاحيات الأستاذ التي كان ينشرها في عموده “كلمة اليوم”، ففيها تمتزج فكرة الرأي السديد بالتحليل الواقعي والاستخلاص الرصين لمجريات الأمور وأحوال الأوضاع السائدة وتفاعلاتها.

إن “الأيام” إذا كانت قد استمرت في عهد الأستاذ باشراحيل المؤسس 9 سنوات حافلة وصاخبة بالمعارك والأفكار، فإن “الأيام” اليوم منذ إعادة إصدارها في عام 1990 على يد أخي هشام، طيب الله ثراه، وأخي تمام، أطال الله في عمره، تسير وفق المبادئ والقيم التي أرسى دعائمها الأستاذ الراحل، وسار على خطاه الابنان هشام وتمام ومن بعدهما الأحفاد باشا وهاني ومحمد..
فعلى هذا الطريق، وهذا السلوك المهني، سوف تظل “الأيام” هي “الأيام” على مدى العمر إن شاء الله.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى