هل سيتعافى البرلمان اليمني من موته السريري؟

> نهى البدوي

>
عاد البرلمان اليمني مجدداً إلى الواجهة بدعم وإسناد ودفع إقليمي لإنجاح انعقاد جلساته في سيئون شرق اليمن، بعد مغادرته ذاكرة اليمنيين وتجاوز عمره الـ 15 عاما، ودخوله مرحلة الموت السريري في نوفمبر 2011م، مروراً بالحرب وما تعرض له من حقن متكرر أفقده عناصر المناعة، وصار عاجزاً ولا صوت يسمع له حول ما جرى ويجري في الساحة، عودته ليست حدثا عابرا، إنما محطة مهمة في سياق محطات الحرب والصراع في اليمن، طالما كان ولا زال أحد محاور الصراع والحرب فيه، وبعد تعثر محاولات متكررة لانعقاده، فهل عودته إلى سيئون مؤشر لاقتراب إيقاف الحرب، أم أنها الحاجة لصوته لحسم ما عجزت عنه الحرب؟

وتحظى خطوة عقد جلسة البرلمان في سيئون برعاية خليجية وحماية أمنية سعودية- يمنية، وبتأييد إقليمي ودولي، لاسيما من الدول الـ 19 الراعية للتسوية السياسية في اليمن المرجح حضورها جلسة الافتتاح، المزمع افتتاحها برئاسة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، المعترف به دولياً، وكان قد سبق هذه المستجدات السياسية خلافات سياسية كبيرة بين الأطراف اليمنية الموالية للرئيس هادي الذي تدعمه دول التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات ووصلت الخلافات ذروتها منذُ العام الماضي، وكلاً على طريقته مارس ابتزاز الآخر حول التوافق على المرشحين لمنصب رئيس ونواب رئاسة البرلمان، لتحقيق مكاسب سياسية مقابل الوصول إلى التوافق أو السماح أو منع عقد جلساته، في وقت لا يزال جزء من أعضائه تحت سيطرة جماعة الحوثي ويدين بالولاء لها، بينما يصر الموالون للرئيس هادي على استئناف عقد جلساته لانتخاب رئاسة جديدة للبرلمان، في حين تتزايد دعوات أطرف جنوبية لمنع انعقاده في سيئون الجنوبية أو أي محافظة جنوبية، إذ اعتبر القيادي في المجلس الانتقالي أحمد عمر بن فريد في تغريدة لهُ على تويتر «عدم تمكن الشرعية من عقد مجلس نوابها المهترئ في عاصمة الجنوب العربي عدن أو حتى المكلا نصرا كبيرا لإرادة شعبنا واحتراما واعترافا بقضيتنا من قبل التحالف العربي».

يكتسب نجاح لملمة أعضاء البرلمان اليمني واكتمال النصاب لعقد جلساته في سيئون أهمية سياسية كبيرة، سيكون لها أثرها على صعيد تفعيل مؤسسات الدولة وتقويض جماعة الحوثي سياسياً وإزاحة الغطاء الذي تحاول الاحتماء به دولياً، وستفقد بذلك أحد أذرعها التشريعية، لذلك أقدمت على فرض الإقامة الجبرية على ثلاثين نائباً يحاولون مغادرة صنعاء للالتحاق بزملائهم لحضور جلسات البرلمان، وبنجاح عقد جلساته يكون الرئيس هادي ودول التحالف العربي حققا ثاني إنجاز سياسي، بعد نقل البنك المركزي اليمني، وستكون تبعاته موجعة لجماعة الحوثي، رغم أنها سبق ووجهت له ثاني طعنة في الظهر بعد المبادرة الخليجية بإعلان الجماعة تأسيس مجلس دستوري في سبتمبر 2014م.

ويبدو أن المجتمع الدولي يعول على أهمية انعقاده للخروج من مآزق التسوية السياسية، وتحريك جهود السلام في ضوء مساعٍ جديدة للمبعوث الأممي مارتن جريفيثس، لتنفيذ الخطة الأممية المعدلة، لوقف الحرب واستعادة أنشطة المؤسسات والسلطات المرتبطة بتصويته، كمنح الثقة لأي تشكيل حكومي قادم، والتصويت على الموازنة، واستعادة نشاط وتفعيل البنك المركزي اليمني، الذي يرحب معظم اليمنيين بتحييد عمله بعيداً عن تدخل الأطراف المتحاربة، لضمان إنقاذهم من المجاعة وخطر الأزمة الإنسانية، التي تهدد حياتهم، رغم أن الحرب أوجدت واقعاً سياسياً جديداً، يجعل البرلمان غير قادر على التعاطي معه وقيامه بمهامه كسلطة تشريعية، إلا أن الحاجة والضرورات تضغط مجدداً وبشدة، للاستفادة من صوته غير المسموع لإضفاء شرعيته على تفعيل عمل بعض المؤسسات، حتى وإن كان في وضع الموت السريري، وهذا ما يفسر تعويل المجتمع الدولي على دوره في الوقت الراهن.

الاهتمام الكبير الذي تحظى به عودة البرلمان اليمني من دول الخليج والمجتمع الدولي لإنجاح عقد جلساته تجذب الأنظار نحو سيئون، فهل سيتعافى فيها البرلمان اليمني من موته السريري؟

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى