مراوغة أممية وتحديات داخلية قد تغلقان أبواب السلام في اليمن

> «الأيام» غرفة الأخبار

> خلال أسبوع.. جريفثس يقدم روايتين مختلفتين عن مصير اتفاق ستوكهولم

طوى اتفاق ستوكهولم بشأن اليمن شهره الرابع دون تحقيق أي نتائج إيجابية على الأرض، وعلى الرغم من الوعود الأممية بالتنفيذ، فإن تعنت أطراف الصراع لاسيما جماعة الحوثي لا يزال يحول دون إحلال السلام.
ومنذ 18 ديسمبر الماضي، تراوغ جماعة الحوثي في تنفيذ اتفاقيات ستوكهولم التي جاءت كثمرة لمشاورات السويد السياسية، وخصوصا فيما يتعلق بملف «الحديدة»، وقضايا المعتقلين والأسرى وملف مدينة تعز.

وعلى الرغم من تجزئة الأمم المتحدة لاتفاق الحديدة على مرحلتين من أجل قطع الطريق أمام المراوغات الحوثية، فإن الميليشيا الموالية لإيران تحبط أي تقدم، وتطالب بمكاسب تبقي لها المهيمنة على الوضع في المدينة الساحلية.
وبدأ صبر حكومة الشرعية ينفد إزاء التأخير المتعمد من قبل الجماعة الحوثية لاتفاق ستوكهولم، والخميس الماضي، ظهر رئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك، في مؤتمر صحفي رفقة السفير الأمريكي ماثيو تولر، يدعو المبعوث الأممي إلى «عدم محاباة الحوثيين» وضرورة أن تكون لهجته أكثر حزما حيالهم.

وفي مقابل استهانة الحوثي بفرص السلام، تحرص الشرعية على التمسك بتنفيذ اتفاق ستوكهولم، حيث اعتبر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، خيار الفشل اغتيالا كليا لعملية السلام التي يتمناها اليمنيون.
وتعمل مليشيا الحوثي على تضليل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفثس قبيل كل جلسة مرتقبة لمجلس الأمن، ففي حين ترفض كل الخطط الأممية لتنفيذ خطة الانسحاب على مدار أسابيع، إلا أنها تلجأ إلى إعلان موافقتها على على بدء التنفيذ عشية جلسة مجلس الأمن، لكن الوضع يتغير بعد ذلك.

وخلال أسبوع واحد، ظهر المبعوث الأممي متناقضا في روايتين جراء المراوغة الحوثية، ففي حين أعلن، الإثنين الماضي، أمام مجلس الأمن موافقة الأطراف على خطة الانسحاب بالحديدة، ظهر الأربعاء، وأعلن أن التنفيذ «قد يكون خلال أسابيع قادمة»، وأنه لم يتم الاتفاق بعد على هوية القوات المحلية التي ستحل بديلا للمليشيا الحوثية في ميناءي الصليف ورأس عيسى.
وقال مصدر حكومي، إن ميليشيا الحوثي تقوم بابتزاز الأمم المتحدة والضغط عليها لإجراء تعديلات جديدة على خطة الحديدة، تبقيها هي المهيمن الفعلي على الموانئ الإستراتيجية.

وأشار المصدر إلى أن ميليشيا الحوثي تطالب ببقاء سيطرتها الإدارية والفنية على ميناءي الصليف ورأس عيسى ونهب إيراداتهما الضخمة، في مقابل السماح لقوات دولية فقط بالتمركز بدلا منها، على أن يتم مناقشة المرحلة الثانية قبل تنفيذ المرحلة الأولى من خطة إعادة الانتشار..، بحسب «العين الإخبارية».
وذكر المصدر أن المليشيا الحوثية تحاول مساومة الأمم المتحدة أيضا على ضرورة نقل آلية التفتيش للسفن من جيبوتي إلى الحديدة، وهو ما سيجعل المليشيا الإرهابية متحكمة بالقرار الأول في ماهية الواردات سواء كانت أسلحة أو نفطا إيرانيا وغيره.

وترفض الحكومة الشرعية تلك التعديلات على خطة الحديدة، واعتبرها عضو مشاورات السويد وزير الثقافة مروان دماج، في بيان صحفي، أنها «تشرعن الوجود الحوثي» في الحديدة وتمنحه امتيازات أكبر بغطاء أممي.
وشهدت الأيام الماضية حراكا دوليا جديدا بشأن اتفاق ستوكهولم مع دخوله الشهر الخامس، حيث دعا مجلس الأمن الدولي، مساء الأربعاء، إلى «تنفيذ اتفاق ستوكهولم دون إبطاء».

وفيما رحب باتفاق الحكومة اليمنية والحوثيين حول مفهوم العمليات للمرحلة الأولى من عمليات إعادة الانتشار بالحديدة، دعا المجلس الأطراف اليمنية إلى «المشاركة البناءة مع المبعوث الأممي للموافقة السريعة على الترتيبات الأمنية المحلية والمرحلة الثانية من عمليات إعادة الانتشار».
وبعيدا عن اتفاق الحديدة، تطرق مجلس الأمن للمرة الأولى للملفات المهملة في اتفاق ستوكهولم منذ أشهر، حيث طالب الأطراف اليمنية بمضاعفة الجهد «لوضع اللمسات الأخيرة» على ترتيبات اتفاق تبادل السجناء وإنشاء لجنة التنسيق المشتركة في تعز.

وعلى الرغم من التحذيرات الدولية المتكررة، فإن ميليشيا الحوثي تواصل خروقات هدنة الحديدة السارية من طرف واحد، ففي حين تواصل مقاتلات التحالف عدم شن أي غارات جوية بالساحل الغربي منذ 4 أشهر، صعدت مليشيا الحوثي من اعتداءاتها على القوات المشتركة والمدنيين جنوب الحديدة، وذلك بالهجمات الصاروخية والطائرات بدون طيار.
وتقول إحصائية رسمية إن عدد الضحايا المدنيين للخروقات الحوثية بالحديدة ارتفع إلى 121 قتيلا منذ سريان الهدنة في 18 ديسمبر الماضي.

ويخشى سكان مدينة الحديدة من تجدد القتال مع تضاؤل فرص السلام وتصاعد المخاوف من نشوب حرب جديدة في ظل تحشيد مسلح من طرفي النزاع.
ورغم التطمينات، التي يقدمها المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفثس بخصوص موافقة الحوثيين والحكومة، على المرحلة الأولى لإعادة الانتشار، إلا أن كل المظاهر بالمدينة تشي بحرب جديدة تلوح في الأفق.

ومنذ أكتوبر العام الماضي تطوّق القوات الحكومية مدينة الحديدة الواقعة على ساحل البحر الأحمر، من الجهتين الجنوبية والشرقية، فيما يسيطر الحوثيون على المدينة والجهة الشمالية منها.
ووافق الطرفان على اتفاق لوقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في 18 ديسمبر الماضي.

كما أوفدت الأمم المتحدة فريق مراقبين دوليين، لتنفيذ اتفاق السويد وتسمية الطرف المعرقل للسلام بالمدينة، التي تحوي ميناء رئيسيًا يستقبل 75 % من الواردات والمساعدات المقدمة لليمنيين.
غير أن الفريق فشل في مهامه حتى اللحظة، فالمعارك تشتعل من وقت لآخر، خصوصًا في مناطق التماس بين الطرفين.

ونقلت وكالة «الأناضول» التركية عن المتحدث باسم قوات العمالقة الموالية للحكومية، مأمون المهجمي، قوله: «إن معارك عنيفة دارت أمس الأول ضد الحوثيين في الدريهمي جنوبي المدينة، عقب هجوم شنه الحوثيون.
وأوضح بأن قواتهم تصدت للهجوم، وقتلت 8 حوثيين وجرحت العشرات، متهمًا الجماعة بمواصلة خرق الهدنة والسعي لإفشال جهود السلام.

في المقابل، نقلت قناة «المسيرة» الناطقة باسم الحوثيين عن مصدر عسكري في الجماعة قوله، إن «قوات الشرعية تقصف بقذائف المدفعية والرشاشات مطار الحديدة وجولة يمن موبايل وسيتي ماكس (جنوبي)».
وأضاف أن القصف طال أيضًا سوق الحلقة ومحيط مستشفى الكويت وكلية الهندسة ومناطق في حي 7 يوليو السكني، بينما «يحلّق الطيران الحربي والتجسسي (للتحالف العربي بقيادة السعودية) في سماء الحديدة».

في المقابل، فإن المتحدث باسم قوات الحوثيين، العميد يحيى سريع، اتهم الحكومة اليمنية بخرق الاتفاق 16 ألفًا و322 مرة.
ووفق مراقبين، فإن الاتهامات المتبادلة تشير إلى حجم التعقيدات على الأرض، إذ يصر كل طرف على التمسك بموقفه، في مقابل عجز الأمم المتحدة عن اتخاذ أي خطوات.

ويقول أحد أعضاء الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار الأممية، برئاسة قائد فريق المراقبين الدوليين الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، إن مساعي الأمم المتحدة ليست بحجم التحديات على الأرض.
والأسبوع الماضي، طالب اللواء صغير بن عزيز، وهو رئيس وفد الحكومة في لجنة إعادة الانتشار، أعضاء البرلمان اليمني والحكومة بإقناع المجتمع الدولي بعدم إمكانية التوصل إلى حل مع الحوثيين في الحديدة، سواء باتفاق السويد أو بغيره.

أما آخر تصريح لمحمد علي الحوثي، وهو قيادي رفيع في الجماعة، وعضو المجلس السياسي (أعلى سلطة للحوثيين) فقد اتهم فيه الحكومة اليمنية بالتصعيد.
وقال، في تصريحات لتلفزيون «فرنسا 24»، إن «الطرف الآخر لم يقدم أي مبادرة أو أي خطوة تؤكد أو تثبت بأنهم يسعون نحو السلام».

وتسببت الأوضاع الجديدة في مزيد من التدهور للوضع الإنساني بالمدينة، التي تقل فيها مظاهر الحياة باتجاه الأحياء الجنوبية، التي تقع فيها المصانع والمؤسسات التجارية، بما في ذلك مطاحن البحر الأحمر.
وتقع تلك المطاحن على خطوط التماس بين الحوثيين والقوات الحكومية، وتسيطر عليها الأخيرة حاليًا، فيما تستخدمها الأمم المتحدة منذ بدء الحرب لطحن القمح المقدم كمساعدات للمدنيين.

وتحوي مخازن المطاحن 51 ألف طن متري من القمح، تكفي لإطعام 3.7 مليون شخص لمدة شهر واحد.
 ورغم إعلان برنامج الغذاء العالمي استئناف العمل في المطاحن، إلا أن الحوثيين منعوا 120 فنيًا من الوصول إلى المطاحن لإعادة تشغيلها وتوزيع القمح المخزّن فيها، طبقًا لمصدر عسكري حكومي للأناضول.

ويقول سكان، للأناضول، إن الأوضاع تنحدر للأسوأ خصوصًا مع دخول الصيف حيث ترتفع درجة الحرارة إلى قرابة 43 درجة مئوية، وانقطاع الكهرباء بصورة تامة، ودخول شهر رمضان.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى