بروز وأُفول الجمعية العدنية (1949 - 2019)

> كتب/ عثمان ناصر علي

>
تأسست للتعبير السياسي عن توجهات وطموحات أبناء عدن ومطالبهم
 بعد انجلاء دخان الحرب العالمية الثانية بدأ الاقتصاد العالمي يستعيد عافيته وانعكس ذلك على أوضاع مستعمرة عدن ذات الموقع الإستراتيجي الهام على طرق التجارة البحرية العالمية، فكانت الصورة كما يلي عام 1946م: كان عدد العمال المسجلين 8200 عامل، عدد المدارس 17 مدرسة، وعدد الطلاب 3650 طالباً، وبلغ دخل عدن  (929, 247, 13 روبية) أي ما يزيد على المليون جنيه إسترليني بينما بلغ الإنفاق (038 ,556 ,9 روبية) أي أنه تم تحقيق فائض، وبالمقابل ارتفعت المعيشة 341 % بسبب ازدياد الهجرة إليها وتوسع التجارة والاستثمارات فيها.

وكان من طبيعة الأمور أن تحمل التحولات الاقتصادية في طياتها تطلعات سياسية وثقافية، التي كانت تجلياتها تظهر بوضوح عبر كتابات أبرز مثقفي ذلك الزمن الأستاذ محمد علي لقمان المحامي، وعلى صفحات باكورة الصحافة العدنية (فتاة الجزيرة) التي يملكها ويرأس تحريرها.
فعلى سبيل المثال - لا الحصر - كتب الأستاذ محمد علي لقمان في افتتاحية العدد 449 المؤرخ 12 ديسمبر 1948م شاكيًا “نحن إذا ألقينا نظرة فاحصة على حال العدنيين نجد أن ثروتنا كأفراد في هذا المجتمع ضئيلة والشاهد أن عددًا كبيرًا غادر عدن ليعمل في سبيل العيش في ظهران، ولا حصة لنا في الزراعة لجفاف بلادنا، والتجارة حظنا فيها قليل، والصناعة نحن فيها عمال على الأكثر، ويزداد فقرنا لأن حكومة عدن الموقرة تسمح دون مراقبة أو منع، لكل إنسان أن يدخل عدن ويعيش فيها حتى بالاستجداء واقتراف الجرائم، مع العلم أن البلاد جرداء ضيقة المساحة”. ودعا كذلك إلى ضرورة تحسين مستوى عمال المصانع والدفاع عن مصالحهم من خلال تأسيس النقابات وتوفير الضمان الاجتماعي، وتوسيع الفرص أمام المتعلمين من الناس للتقدم في المراكز والوظائف، وتأسيس المعاهد لهم يتعلمون فيها المهن كإصلاح السيارات والراديوهات والنجارة الفنية وغير ذلك.

ثم نلاحظ نبرة أكثر تشددًا في مقالة للكاتب في صحيفة “فتاة الجزيرة”، العدد 462 بتاريخ 13 مارس 1949م، فبعد أن استعرض منح بريطانيا الاستقلال لشعوب الإمبراطورية والحكم الذاتي لبعض المستعمرات الصغيرة، كتب قائلا: “ولم تبقَ غير عدن تطالب بهذا الحق مطالبة صاحب الحق بحقه الشرعي، إننا أبناء عدن لا نستجدي الحكم الذاتي ولكننا نطالب به ونطلبه ولن نألوا جهدًا في الوصول إليه بكل الطرق القانونية والوسائل المشروعة، ولكي نحقق هذه الغاية يجب علينا:
1 - أن نكون عدنيين أي مواليد عدن ومن الموالين للتاج البريطاني. 
2 - أن نثبت كفاءة لحكم أنفسنا.

وكذلك كان من الطبيعي أن تحرك الأفكار الرجال، ففي 25 فبراير 1949م وأثناء الإعداد لانتخابات سلطة الضواحي، تم تسجيل أول موقف معلن ضد إجراءات سلطة مستعمرة عدن، فقد رفع أربعون مواطنًا من عدن برقية إلى وزير المستعمرات يحتجون على النظام الانتخابي الذي منح مواليد عدن من سكانها نسبة 2 % من الأصوات فقط، فمن أصل أكثر من 22 ألفاً منهم منح حق التصويت لـ 621 مواطناً.

وقد طالبت هذه البرقية بتأجيل الانتخابات حتى تعدل القوانين جاعلة من الميلاد في عدن والمقام والمعرفة شروط مؤهلة، وقد وقع على هذه البرقية كل من: محمد حسن خليفة، علي محمد لقمان، حسن علي بيومي، علي عبدالله بديجي، أحمد محمد العلوي، عثمان حسين الأدهل، حسن طالب خليفة، محمد عبدالله باخبيرة، خالد علي لقمان، حسن أحمد القحم، حسن أغبري، محمد محبوب فرحان، أحمد محمد خليل، محمود أحمد باخريبة، محمد عبدالله عرجي، حسين صالح صوفي، محمد علي حميدان، علي إبراهيم نور، عبدالله محمد عبدالله إسماعيل، عبدالله صالح عمر، صالح حاجب علي، علي أحمد حيدر، محمد علي عوض، صالح علي لقمان، عبده حسين الأدهل، حامد محمد عولقي، عمر أبوبكر عمر، حسين علي بيومي، علي عبدالله بن عبدالله، أحمد علي جبلي، السيد علي عبدالله، عبدالله علي موشجي، عبدالقادر السوقي، سالم محمد سيف، السيد أحمد محمد حمود، محمد أحمد حمادي، عبدالله محمد كشر، حسين إسماعيل خدابخش.

لقد كانت هذه الحركة على بساطتها مؤشراً على تنامي مستوى من الوعي الرافض لحالة الجمود السائدة حينها، وكما هو واضح من أسماء مقدمي هذه العريضة - الاحتجاج، فإن معظمهم انتقلوا إلى العمل الإيجابي المنظم من خلال انضمامهم إلى الجمعية العدنية.
وهنا لابد أن نشير إلى أن فكرة إنشاء جمعية تتولى الدفاع عن حقوق ومصالح أبناء عدن بعد ما لمسه المواطنون من غبن وإجحاف في قانون انتخابات سلطة الضواحي، لذلك بادر عدد من المواطنين في منطقة الشيخ عثمان في نهاية عام 1948م إلى تأسيس “جمعية مواليد عدن في الشيخ عثمان”، وكان الداعي لتأسيسها هو الأستاذ عبدالله غالب عنتر، والتي لقيت تأييدًا واستعداد خمسين مواطنًا للمشاركة في تأسيسها كما أشارت صحيفة “فتاة الجزيرة” في عددها الصادر في 26 ديسمبر 1948م.

وأشارت الصحيفة في معرض خبرها إلى أن “عدداً ضخماً من أبناء عدن يتمنون اليوم الذي تقوم فيه هذه الجمعية ليشتركوا فيها اشتراكا فعليا.
وأوضحت الصحيفة أن البعض قد أُعجبوا بالفكرة ودعوا للشروع في إنشاء جمعية عامة كهذه تضم أبناء عدن في نادٍ واحد تحت مسمى “الهيئة العدنية العليا”.

وكانت صياغة الخبر بتلك الطريقة مؤشرًا لإعجاب محمد علي لقمان المحامي بالفكرة وتعبيرًا عن نيته تأسيس جمعية تشمل عدن وضواحيها تمثل التعبير السياسي عن توجهات وطموحات أبناء عدن ومطالبهم في المشاركة المباشرة في إدارة السلطة.
ووفق ما نشرته صحيفة “فتاة الجزيرة” في عددها الصادر بتاريخ 2 يناير 1949م، فقد تم تغيير اسم “جمعية مواليد عدن في الشيخ عثمان” إلى اسم “الجمعية العدنية في الشيخ عثمان” وتم انتخاب لجنة مؤقتة لإعداد قانون أساسي للجمعية من كل من:
عبده حسين الأدهل - رئيسا، علي عبدالله عباد - نائبا للرئيس، عبدالله غالب عنتر - أمينا، إدريس حنبلة - مساعد الأمين، علي عبده حسن - أمين المالية، علي عبدالله غالب - مساعد أمين المالية، وعضوية كل من: يوسف حسن سعيدي، محمد سعيد جرادة، سعيد سالم يافعي، محمد عباد عطية، محمد نائف صالح، لكن هذه الجهود اندمجت لاحقا مع المسيرة التي قادها الأستاذ محمد علي لقمان المحامي بهدف تأسيس جمعية تتبنى تطلعات ومطالب مواطني عدن في ظل الظروف الصعبة التي فرضتها السياسة الاستعمارية.

تأسيس جمعية عدنية
وكانت إشارة البدء في 16 أبريل 1949م عندما التئم في مبنى صحيفة “فتاة الجزيرة” حوالي 150 مواطنًا عدنيًا قرروا فيه تأسيس جمعية عدنية وناقشوا وضع مواد القانون الأساسي للجمعية وكلفوا لجنة لوضع القانون الأساسي المفصل حتى تضم الجمعية العدنية أكبر عدد من المواطنين لتأليف وحدة تسعى لترقية أهل البلاد وحماية الأقليات، وتكونت لجنة وضع القانون الأساسي للجمعية من كل من: محمد حسن خليفة، أحمد محمد خليل، حسن طالب خليفة، حسن علي بيومي، عبدالله غالب عنتر، عبده حسين الأهدل، علي محمد لقمان، محمد علي الأسودي، حامد محمد العولقي.

وفي 27 أبريل 1949م اجتمع الأعضاء المؤسسون (مائة وخمسون مواطنا) في الاجتماع التأسيسي لقيام الجمعية العدنية، حيث اختار المجتمعون الشيخ منصور داود لرئاسة الجلسة التأسيس، وقد عرض في الجلسة القانون الأساسي للجمعية العدنية، الذي احتوى على إحدى وثلاثين مادة رئيسية، وقد حددت المادة الثالثة أهداف الجمعية كما يلي:
أ‌ - العمل على رفع مستوى عدن والعدنيين والتعاون مع حكومة عدن لهذه الغاية.
ب‌ - ترقية العدنيين وحماية مصالحهم في مستعمرة عدن.
ج - تنظيم العلاقات:- بين العدنيين وحكومة عدن.- بين الموظفين والمخدمين.
- بين العدنيين أنفسهم.
د - تشجيع الآداب والفنون والعلوم ونشر الثقافة السياسية والحث عليها.   

فيما تناولت المادة الخامسة قضية العضوية حيث نصت على: “العضوية مفتوحة لجميع المواطنين على شرط موافقة المجلس الأعلى بشأن كل طلب للعضوية على حده”.                                                                             
وقد كلّف المجلس العام الهيئة التأسيسية التي وضعت دستور الجمعية بإجراء التدابير اللازمة لعقد اجتماع عام بعد فتح باب تسجيل الأعضاء في الجمعية مع توسيع أعضاء الهيئة التأسيسية بإضافة كل من: محمد أحمد شعلان، إبراهيم روبلة، محسن حسن خليفة، محمد عبدالله الصليلي، قايد محمد الأغبري، الشيخ منصور داود، الشيخ أحمد سعيد فضل، ورسمة حسن، الحاج محمد عبدالله عرجي، السيد زين صادق، صالح حاجب علي، محمود علي لقمان.

وينص القانون الأساسي للجمعية العدنية على أن الاشتراك الشهري نصف روبية يدفعها العضو العادي، بينما كل من يدفع ثلاثمائة روبية عند انخراطه في الجمعية يعتبر عضوًا دائمًا لطول العمر. 

عقد أول اجتماع
وقد عقدت الجمعية العدنية أول اجتماع عام لها للإعلان عن نفسها يوم الخميس 23 يونيو 1949م برئاسة الشيخ صالح حاجب، وقد أعلن في الاجتماع أن عدد أعضاء الجمعية أصبح يربو على ألف عضو.
وفي هذا الاجتماع تم انتخاب حسن علي بيومي - رئيسا للجمعية العدنية، كذلك تم انتخاب مجلس إداري مكون من: علي محمد لقمان، محمد حسن خليفة، أحمد محمد خليل، عبده حسين الأدهل، إبراهيم روبلة، صالح حاجب علي، حسن طالب خليفة، محمد علي لقمان، مهيوب سلطان سيف، محمد عبدالله عرجي، عبدالله غالب عنتر، محسن حسن خليفة، صالح علي لقمان، محمد علي الأسودي، حسن حسن أغبري، محمد يحيى الميسري، أحمد محمد العلوي، محمد راشد صالح، علي ربيع عبدالله، عبدالرحيم محمد لقمان، علي عبدالله بديجي، ورسمة حسن، أحمد سلطان، قايد محمد الأغبري، علي بن علي القربي، محمد محسن النونو، محمود حاجي أحمد، محمد أحمد شعلان، عبداللاه عوالة.

لقد عبرت كتابات مؤسس الجمعية العدنية محمد علي لقمان قبل تأسيس الجمعية، ثم توجهات الجمعية بعد تأسيسها، عن المطالبة بإجراء تغييرات دستورية تدريجية تتناسب وتطور الوعي الثقافي والسياسي لسكان عدن، ومشاركتهم في الأجهزة الإدارية والتشريعية، وإجراء بعض الإصلاحات الاجتماعية وتطوير النظام التعليمي.                                          
لكن عام 1954م حمل معه تحديًا فعليًا لمواقف الجمعية العدنية، ففي 8 يناير 1954م تم عرض أول مشروع بريطاني بشأن إقامة اتحادين لإمارات الجنوب العربي، أحدهما للمحميات الشرقية والثاني للمحميات الغربية والذي قام بإعداده المستشار السياسي للمحمية الغربية، كيندي تريفاسكس، ووافقت عليه الحكومة البريطانية، ويقضي المشروع بأن يكون حاكم عدن رئيساً لكلا الاتحادين على أن يشكل مجلس مستقل للأمراء في كل اتحاد، وعلى كل أمير إيفاد ثلاثة ممثلين عنه لتمثيله في اللجنة العليا المخولة بإصدار القرارات نيابة عن مجلس الأمراء، كما يتم تشكيل مجلس تنفيذي وآخر تشريعي في كل اتحاد ويتم تحديد أعضائهما بالتعيين، وتكون السلطة الاتحادية مسؤولة عن الجمارك والمواصلات والمعارف والصحة على ألّا تتدخل في الشؤون الداخلية الخاصة بكل إمارة، وتبقى عدن في هذه المرحلة خارج الاتحاد.                                   

وعرضت الجمعية العدنية موقفاً يعارض التصور البريطاني إدخال عدن في وحدة مع المحميات لعدم وجود تجانس سياسي وتشريعي وثقافي بينهما، لكن مع إبقاء العلاقات التجارية مع المحميات لأن ذلك يحقق مصالح أعضائها من التجار باستغلال الريف كسوق لتصريف البضائع.                                                                                                     
لكن عام 1956م كان عامًا لتحولات كبرى، فقد تنامت مشاعر المد الوطني والقومي، وبرز دور أكبر للنقابات العمالية الذي عبر عنه تأسيس المؤتمر العمالي في أبريل 1956م، وازدياد المطالبة باستقلال عدن وتوحيدها مع المحميات، الأمر الذي فرض على الجمعية العدنية تحريك مواقفها السياسية لمواكبة المد العام للحركة الوطنية في عدن فقام وفد منها بتقديم عريضة تحتوي بعض المطالب إلى وزير المستعمرات البريطاني أثناء زيارته إلى عدن في مايو 1956م تركزت في: طلب اختيار أعضاء المجلسين التشريعي والبلدي عن طريق الانتخاب، والاعتراف باللغة العربية لغة رسمية ليتسنى للسكان الاشتراك في أعمال الحكومة، وتخفيف عدد الموظفين البريطانيين، وإصلاح قانون الهجرة، وتنشيط التعليم، وطالبت كذلك بحصول مستعمرة عدن على الاستقلال الذاتي وإلحاقها بالكومنولث البريطاني. (فتاة الجزيرة - 1/ 7/ 1956م).

خلافات
وبدأت قيادة الجمعية العدنية تشعر أنها تتخلف كثيرًا عن القوى السياسية الأخرى الفاعلة في المجتمع، وبدأت جماهيرها وأنصارها يرنون بأبصارهم نحو حزب الرابطة والمؤتمر العمالي التي بدأت تتوسع وتعزز مواقفها أكثر فأكثر.           
وبسبب عدم قدرة قيادة الجمعية والعناصر المؤثرة فيها على اتخاذ مواقف متناسقة تعزز مواقع الجمعية ومسيرتها، فبرزت الخلافات بين رئيس الجمعية حسن علي بيومي وأمينها العام علي محمد لقمان إلى العلن، وكان ظاهرها الخلاف حول منع القات، فقد رأى علي محمد لقمان ضرورة منع القات بسبب أضراره الصحية والاقتصادية، لكن حسن علي بيومي أيد الإبقاء عليه، لكن جوهر الخلاف هو ما عبر عنه حسن بيومي في بيان نشرته الصحف حينذاك أبرز فيه أسباب الخلاف الأساسية بين رئيس الجمعية وأمينها العام والتي تركزت في: انتخاب مجلس إداري جديد للجمعية، وإدخال عناصر جديدة فيه، وتغيير بعض أهداف الجمعية، حيث أعلن حسن بيومي حل المجلس الإداري للجمعية، وحدد يوم 3 نوفمبر 1957م موعدًا لاختيار هيئة جديدة تكون مهمتها وضع دستور جديد للجمعية، وكان هذا الموقف بمثابة إعلان لعمق الانقسام الذي أصاب جسم الجمعية التي انقسم أعضاؤها بين مؤيد للانتخابات ومعارض لها.                                                             
التواهي عدن
التواهي عدن

وكان حسن بيومي قد وضّح في بيانه الأسباب التي دفعته لاتخاذ هذا الموقف؛ وهي: أن الجمعية العدنية لم تعقد اجتماعاً عاماً منذ تأسيسها في 23 يونيو 1949م (أي منذ حوالي ثمان سنوات)، وأن المجلس الأعلى للجمعية لم يفتح باب العضوية لجميع الراغبين؛ بل حصرها في مجموعة معينة رغم مطالبته للأمين العام (علي لقمان) بذلك، وعدم الاتفاق مع الأمين العام بشأن ضرورة إجراء انتخابات واختيار هيئة جديدة تعمل لصالح عدن وتنظر في صالح الجميع قبل مصالح الأفراد والعائلات المعينة.     
                                                                             
وأكد البيومي، في بيانه، أن الاتجاه المنحرف ضد أبناء المحميات واليمن لن يجد له مجالاً بعد الآن، وأن عدن جزء من جنوب الجزيرة العربية ولا غنى لها عنها. (صحيفة “الجنوب العربي”- 18 /10/ 1957م).                                                    
ونظراً لتفاقم الخلاف تقرر إجراء انتخابات عامة للجمعية في 9 /2/ 1958م تحت إشراف هيئة الوساطة الحكومية والتي انتهت بانتصار تيار حسن بيومي في هذه الانتخابات وفشل تيار علي لقمان، وهكذا حدث الافتراق النهائي بين الطرفين وانحلت الجمعية العدنية عام 1958م وانقسم قوامها (قيادة وقواعد) بين حزبين: الحزب الوطني الاتحادي برئاسة حسن علي بيومي، وحزب المؤتمر الشعبي الدستوري بزعامة علي محمد علي لقمان.                                                           

في مقابلة صحفية أجرتها معه صحيفة “الجنوب العربي” في عددها الصادر بتاريخ 11 /2/ 1958م وقد أتت بعد فوز تياره في انتخابات الجمعية العدنية، كرر فيها رؤيته لأسباب جمود الجمعية العدنية وعدم قدرتها على مسايرة القوى السياسية الأخرى، معيداً أسباب الانقسام إلى تذمر وسخط القاعدة الشعبية للجمعية من جمود المجلس الأعلى للجمعية وسلبيته تجاه الأحداث التي تواجهها البلاد، وأعلن عن استعداده لمد يده لكل الهيئات الوطنية معلنا بداية عهد جديد من التعاون لما فيه مصلحة عدن والجنوب، وأن مسألة الحكم الذاتي لعدن سيحددها الدستور الجديد الذي يستمد وجوده من أمال وأماني الشعب، لكن تلك الأفكار لم تجد طريقها إلى القرار السياسي للجمعية الذي ظل على موقفه.    
                               
يلاحظ أن هذه التصريحات لرئيس الجمعية العدنية قد نشرت في صحيفة لرابطة أبناء الجنوب ولم تنشر في أي من الصحف المحسوبة على الجمعية العدنية، وهكذا كان من الواضح أن حسن علي بيومي لم يعد يمثل أو يتبنى التوجهات السياسية للجمعية العدنية، وأنه سيبحث لرؤاه ومواقفه عن وعاء سياسي يحتويها ويعبر عنها، فكان ذلك هو الحزب الوطني الاتحادي، أما فكر الجمعية العدنية وخطها السياسي العام فقد انتقل إلى المؤتمر الشعبي الدستوري.

*باحث أول - مركز الدراسات والبحوث - عدن​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى