رمضان شهر الخير

> يقول الله تعالى: «شهر رمضان الذي أُنزِل فيه القرآن هدىً للناس وبيّناتٍ من الهُدى والفرقان». 
هذه الآية الكريمة تسمو بأعلى القيم وأعظم المعاني والعِبر إن أخذ بها المسلم المؤمن حقاً يستقبل هذا الشهر الفضيل بكل شوق ومحبة، استقباله لأغلى ضيف عزيز على قلبه. إنه رمضان، شهر المغفرة والطاعة والإيمان والتقوى، شهر العبادة والتقرّب إلى الله بنفسٍ خاشعةٍ مؤمنة، لا يشوبها شائبة.

 شهر رمضان شهر العتق من النار.. شهرٌ فضيل، يتوحّد فيه كل مسلمي العالم، فما أجدرنا أن نأخذ بالمعنى الحقيقي لهذا التوحّد، يجمعنا دوماً في كل الشهور والأعوام، يُوحّد قلوبنا، فيملؤها بالمحبة والتراحم، بالتعاطف والالتزام الإنساني، يدفع قوِيّنا لمناصرة ضعيفنا، وغنيّنا لمساعدة فقيرنا، لأن التضامن والتكافل شعارٌ نستوحيه من رسالة الإسلام العظيمة في هذا الشهر الفضيل. فعلى كل مسلمٍ ومسلمة أن يستقي من روحانية رمضان المعاني الجليلة السامية، ونُجسّد كل ما جاء فيه من فضائل إلى واقعٍ ملموسٍ، ونُكرّس كل اهتماماتنا إلى ترابط وثيق يجمع أمة الإسلام والعرب، ويُلملم شملها المُمزّق شرّ تمزيق، ويدعو إلى وحدة صفّنا ونزع فتيل المُماحكات التي فرّقت الأمة.

 شهر رمضان، هو شهر التعبّد والطاعات وعمل الخير والتراحم والسعي لكسب المال الحلال. وأعظم ما وصف فيه هذا الشهر العظيم قوله عليه الصلاة والسلام: «أتاكم شهر رمضان، شهر بركة، يغشاكم الله فيه برحمته، ويحطّ الخطايا ويستجيب الدعاء، وينظر الله إلى تنافسكم فيه، ويُباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيراً، فإن الشقي من حرم نعمة الله» (رواه الطبري).

فما أحرانا أن نتمسّك بفضائله، لتفيض النفوس بالتراحم وعمل الخيرات، والسعي لكسب المال الحلال، وأخصّ هنا أخوتنا التجار الذي انتهجوا طريقاً آخر غير ما نصّ عليه القرآن والسنة، فقاموا برفع الأسعار بصورة غير معقولة، لتحقيق الربح الفاحش في شهر الرحمة والتّواد، والذي لا مبرّر له إلا الجشع الممجوج، فالمواد الغذائية وكل السلع الرمضانية متوفرة، وأسعارها ثابتة ومستقرة عالمياً، والحكومة لم ترفع أي أسعار، ولم تفرض ضرائب أبداً، لا بل علّقت استيفاء الرسوم مساهمةً في الحد من ارتفاع الأسعار لتحقق للمواطن شراء ما يلزمه، فلماذا إذاً استغلال شهر الرحمة بهذه الطريقة البشعة، واللجوء لمثل تلك الهجمة الشرسة على المواطن الذي يسعى جاهداً ليُقدم لقمة العيش لأسرته التي أمضت سحابة يومها في الصوم وطاعة الله. تنتظر لقمة ساخنة تشبع جوعها وعطشها. لماذا أيها التاجر تسعى لغضب الله في شهر المغفرة والتوبة، وتلجأ لتحقيق الربح المحرم شرعاً لتحرم عوائل كثيرة من الاستمتاع بطيب هذا الشهر المبارك.

 أيها الأخ التاجر، كيف يطاوعك ضميرك بتناول إفطارك وعائلتك على مائدة فاضت بما لّذ وطاب من الطعام على حساب هذا المواطن الصائم لتصبح متخماً وغيرك جائع؟ هل تهنأ بلقمة العيش على حساب حرمان الآخرين منه؟ ألم تتذكر وأبناؤك حولك بأنك حرمت أطفالاً كثرا من هذا الطعام، وباتوا على جوع بطنهم يستقبلون يوماً آخر من الصيام، رأفةً بهؤلاء البسطاء، مدّ يد العون لهم، والتزم بتطبيق الأسعار كما يجب، وابعد بنفسك عن معصية الله، واسع على كسب الربح في الحسنات التي توصلك إلى مرضاة الله، ونيل حسن الخاتمة، وليكن الصيام خالصاً لوجهه تعالى.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى