أزمة غاز خانقة في يافع

> تقرير/ فهد حنش

>  تشهد مديريات يافع بمحافظتي لحج وأبين، منذ فترة، أزمة خانقة في مادة الغاز المنزلي، أزمة لأول مرة يعيشها أبناء هذه المديريات بهذه الصورة، حيث اختفت من المحطات الرسمية، ومن الأسوق على حدٍ سواء.
«الأيام» تتبعت أسباب الأزمة، من خلال النزول إلى محطات الغاز الممولة لمديريات يافع في لبعوس، وكذا محطات التعبئة الخاصة التي تبيع الغاز في السوق السوداء بصورة دائمة وبأسعار مضاعفة.
435234234
وقال صالح المرفدي، وهو أحد مواطني مديرية لبعوس: «غاز الطبخ من المواد الضرورية، ومع هذا نعاني منذ سنوات من أزمة حادة في هذه المادة، بعد أن كنا نتحصل عليها بكل سهولة وبأسعار مناسبة جداً، بل كان، في كثير من الأحيان، يتم إيصالها إلى البيوت بفارق سعر قليل، ومع تغير الأوضاع، أصبح همّ كل أسرة الحصول على الغاز. فمثلاً محطة (الشعيبان) في لبعوس، لم توفر هذه المادة كما كانت قبل سنوات، ولهذا انتشرت المحطات الخاصة، والسيارات الصغيرة التي تحمل صهاريج الغاز تتجول في القرى لكن بأسعار مرتفعة ومضاعفة، وبات على من يرغب بتعبئة أسطوانة الغاز أو أسطوانتين من محطة الشعيبان الوقوف في طوابير لساعات، وأحياناً لأيام بسبب الزحمة، وهناك من يحرم منها بعد طول انتظار لنفاد المادة، وحسب ما فهمنا أن الشركة نقصت الاعتماد على المحطة الرئيسية من أربع شحنات في الأسبوع إلى شحنة واحدة فقط، ولكن الذي لم نفهمه هو: لماذا الغاز متوفر في المحطات الخاصة باستمرار؟».
محطات السوق السوداء في لبعوس
محطات السوق السوداء في لبعوس

تخفيض المخصص
محمد عبدالله
محمد عبدالله
وفي رده عن أسباب الأزمة قال مشرف محطة الشعيبان محمد عبدالله: «محطة لبعوس تمون ثلاث مديريات (لبعوس والمفلحي والحد)، وكان مخصصنا في 2010م أربع مقطورات أسبوعياً أي (8800) أسطوانة غاز، ومع هذا كنا نواجه عجز في تغطية الثلاث المديرات، وفي عام 2011م تم تخفيض المخصص إلى النصف ليصبح مخصصنا مقطورتين في الأسبوع. وفي الآونة الأخيرة، وتحديداً في ديسمبر 2018م، تم تخفيض المخصص إلى مقطورة واحدة في الأسبوع بسبب أعمال الصيانة في صافر، وبعد انتهاء الصيانة ظل الحال كما هو، فلم يتم إعادة المخصصات إلى ما كانت عليه مما فاقم أزمة الغاز، فالاحتياج في تزايد مطّرد، والمخصصات في تناقص مستمر، ولم نستطع تغطية الاحتياج المتزايد بفعل الزيادة الكبيرة في عدد السكان، حيث يبلغ سكان لبعوس والمفلحي والحد (270000) نسمة، بينما تجد بعض المديريات في محافظة لحج تستلم مخصصات أكبر وسكانها أقل. فمثلا إحدى المديريات سكانها بحدود (65000) نسمة، وتستلم مخصص ضعف مخصصنا، فنحن نستلم في الأسبوع (2200) أسطوانة، وهم يستلمون (4400) أسطوانة، وكذلك مديرية أخرى عدد سكانها نحو (57000) نسمة، ويستلمون أسبوعياُ (1800) أسطوانة، ومن خلال هذه المقارنة البسيطة يتضح للجميع عدم وجود عدالة في التوزيع».
محطة الشعيبان لبعوس
محطة الشعيبان لبعوس

من جهته أوضح مشرف محطة لبعوس لـ «الأيام» بأن «أبناء المديريات الثلاث اضطروا، بسبب الأزمة الخانقة في مادة الغاز، للحصول عليها من السوق السوداء وبأسعار مضاعفة، حيث انتشرت محطات الغاز الخاصة التي تعمل في هذه الظروف على تموين أكثر من 80 % من احتياجات هذه المديريات، ومن المعلوم أن الغاز الذي يباع في السوق السوداء يتم استيراده من صافر».
وعن الصعوبات التي تعيق عمل محطة لبعوس للغاز أضاف: «المعوقات التي نواجهها كثيرة، وأهمها نقص المخصصات والتي تسبب لنا العديد من المشاكل مع وكلائنا والمواطنين، حيث يتم تخفيض الكمية عليهم بشكل كبير جداً، وهذا يسبب لنا زحاما شديدا، وقد تم تشكيل لجنة أهلية للإشراف على عمل المحطة وعملية التوزيع لمادة الغاز، أيضاً نعاني من سوء معاملتنا في صافر، حيث لم نستطع مقابلة أي مسؤول إلا بوساطة، كما رفض البنك المركزي بمأرب التعامل مع البنك المركزي بعدن، ولهذا يتم تسديد قيمة الغاز في بنك مأرب، كما نعاني من الروتين المعقد وابتزاز النقاط الأمنية لنا، وأنزلنا مؤخراً لجنة من الشركة إلى المحطة واعتمدوا لنا ثلاث قاطرات أسبوعياً، إلا أن هذا الاعتماد لم ينفذ، كما تم التواصل مع محافظ لحج والأمين العام وأعطونا رسائل وتوصيات إلى شركة صافر غير أنه لم يتم الأخذ بها، وعبر «الأيام»، نطالب الجهات المعنية التكرم برفع مخصصاتنا بما يتناسب مع احتياجات الثلاث المديرات التي تمونها محطتنا، كما نطالب بتخفيف الروتين المعقد في صافر، ونطالب أيضاً الأجهزة الأمنية التعاون معنا في تسهيل حركة القاطرات بما يعود بالنفع لمصالحة المواطنين».

قيمة الأسطوانة 7 آلاف  
ولم تكن مديريات (رصد وسرار وسباح) أحسن حالاً من مديريات (لبعوس والحد والمفلحي) خلال الأشهر الماضية، حيث تسبب تخفيض مخصصات محطة القارة للغار بنقص حاد في السوق، الأمر الذي اضطر على إثره تجار الغاز إلى تغطية العجر من السوق السوداء، لتتجاوز سعر أسطوانة الغاز الواحدة 5000 ريال، مع خفض عبوتها.
حسين الصلاحي
حسين الصلاحي
وقال حسين محمد الصلاحي، وهو أحد مواطني مديرية رصد: «لا أقول إلا كما قال المواطن التونسي (هرمنا) ونحن نجري كل يوم لتوفير الغاز، حتى أنني من كثرة انشغال تفكيري بالغاز عندما أمر على جماعة أو أدخل أي مجلس، أول ما أسألهم عن الغاز، إن كان قد تم توفيره.. لقد أصبح توفير الغاز همّا كبيرا يشغل كل أسرة، فهناك الكثير من الأسر اضطرت إلى استخدام الحطب لعدم قدرتها على شراء دبة الغاز التي، إن توفرت في السوق تكون بأسعار تقصم الظهر، حيث وصلت إلى 7 آلاف ريال».

وأضاف في حديثه لـ «الأيام»: «لقد استمرت محطة الغار في (رصد) ولفترة طويلة، توفر الغاز بصورة ممتازة وبأسعار مناسبة وثابتة، ولكن منذ أشهر لم تعد تتوفر هذه المادة كما كانت في السابق بسبب خفض المخصص الذي كانت تحصل عليه، وهو ما أجبر تجار الغاز على استيراده من لبعوس وأماكن أخرى بأسعار باهظة وعبوات ناقصة، ومؤخراً علمت أن محطة جار ستوفر الغاز، لذا نطالب بعدالة التوزيع لأن بعض الوكلاء يتلاعبون بالغاز، فيأخذون جزءاً من مخصصات مناطقهم لتخزينها أو للتجمّل بها».

تفاقم الأزمة
بدوره أوضح مدير محطة القارة للغاز، سالم عبادي السعدي لـ «الأيام» بأن «المحطة تغطي ثلث محافظة أبين بمادة الغاز وأجزاء من مديرية يهر التابعة لمحافظة لحج»، لافتاً إلى أن أزمة الغاز بدأت نهاية العام الماضي نتيجة لتخفيض المخصص إلى قاطرة واحدة في الأسبوع بفعل إجراء عمليات صيانة دورية في صافر، ومع استمرار تخفيض المخصص خلال الأشهر الماضية، تفاقمت الأزمة.
وأضاف: «كنا نوزع مخصصنا الأسبوعي وهو (2200) أسطوانة، وفق آلية خفض المخصص على وكلائنا في المديريات والمناطق المختلفة، ولكن بسبب عجز المحطة في تلبية الطلب، سعى التجار إلى تغطية العجز من السوق السوداء بأسعار مضاعفة، ومع هذا تمكنا مؤخراً، إلى حدا ما، من رفع نسبة مخصصات المحطة، بدءاً من شهر أبريل، ولكن حدث معنا خلل في سيارة النقل الداخلي، إذ إننا ننقل الغاز من صافر إلى المحطة على مرحلتين: المرحلة الأولى عبر صهريج كبير إلى مديرية يهر، والمرحلة الثانية يتم النقل عبر صهريج صغير إلى المحطة، بسبب وعورة الطريق وعدم مقدرة القاطرات الكبيرة في الوصول إلى المحطة، وهذا يكلفنا نفقات إضافية، كما أن بُعد المسافة يؤخر وصول القاطرات من صافر إلينا بنحو أسبوع إلى عشرة أيام، فمخصصات أبريل بدأ صرفها في 13 أبريل واستمر الصرف حتى 17 من ذات الشهر، وبسبب تعطل السيارة المخصصة لنقل الغاز من يهر إلى المحطة، توقف الصرف حتى استأجرنا ناقلة أخرى، وتم استئناف صرف مخصصات أبريل في 5 مايو، ومازال الصرف مستمراً إلى يومنا هذا. ويتوفر لدينا أيضاً مخزون في يهر والمحطة من مخصص أبريل بالإضافة إلى مخصصات شهر مايو لذا نطمئن المواطنين أنه بتعاونهم معنا سنعمل بقدر الإمكان على تغطية الاحتياج والتخفيف من حجم الأزمة، بشرط عدم تخزين الغاز وفرض رقابة من قبلهم على الأسعار وإبلاغنا عن أي تلاعب بالأسعار أو التخزين من قبل وكلائنا في مناطقهم».

الأزمة سببها نافذون
حسين علي الحصني، أحد مالكي محطات الغاز الخاصة في يافع قال: «نحن نمتلك عدة محطات غاز في عدن ويافع، ونشتري هذه المادة من مأرب والبيضاء وعدن بأسعار باهظة جداً، يصل سعر الطن الواحد منها إلى (485000) ريال وأكثر، وحالياً نبيع اللتر الغاز بسعر 265 ريالا، نتيجة لشرائنا لها بمبالغ مرتفعة، فضلاً عن كون أسعار الغاز خاضعة لعمليتي العرض والطلب».
وأضاف الحصني في حديثه لـ «الأيام»: «أمتلك في يافع أكثر من محطة غاز، ونقوم بتغطية كثير من مناطق يافع وقد ازداد الطلب على هذه المادة قبل رمضان بأسبوعين، ووصل الحال أننا نبيع في اليوم الواحد قاطرة (صهريج كبير)، إلا أن كثيراً من تجار الغاز الذين يتعاملون معنا تتم تعبئة الأسطوانات لهم بحسب طلبهم، فهم من يطلب التعبئة الكاملة أو الناقصة».

وعن الجهة التي يشترون منها الغاز قال: «نشتري الغاز من تجار كبار ومعروفين في السوق، وأحياناً من أصحاب المحطات الرسمية المعتمدة من قبل شركة الغاز، فمنهم من يستخرج كميات إضافية فيبيعها في السوق، ومنهم من يبيع من مخصصات محطته ليحصل على أرباح كبيرة بدلاً من بيعها بالسعر الرسمي، وبالمجمل عادة ما يتم استغلال هذه المادة والتلاعب بها من قِبل تجار كبار وقيادات نافذة في الدولة، ونحن بدورنا سعينا وتابعنا الجهات المعنية على أن يتم اعتمادنا من قبل البريقة وصافر كوكلاء معتمدين، للحصول على مخصصات بالسعر الرسمي، ونحن مستعدون على توفير الغاز وبأسعار تنافسية مع المحطات المعتمدة، ولكن لم نوفق بالمتابعة حتى الآن».

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى