المرقشي.. مانديلا الجنوب

> أحمد يسلم

>
حين زرته وهو بين قضبان السجن بمعية أخي وزميلي العزيز أرحب من طاقم صحيفة «الأيام» وجدناه في أعلى درجات الثقة بالنفس وإيمانه المطلق ببراءته من كل تهمة، استقبلنا بشوشا مرحا غير عابئ بظلم جلاديه، يتحدث إلينا حديث القلب إلى القلب، كنا يومها قد أحضرنا له بعض الملابس واللوازم بتكليف من أستاذنا الجليل رحمة الله عليه هشام باشراحيل، تبادلنا معه الحديث وسوالف عابرة مع تحوطات المكان، لكن كانت ثقة أحمد عباد المرقشي بالله وثقته بنفسه وبعدالة قضية «الأيام» في أعلى درجاتها، وعلى محياه تقرأ ما يكتنزه الرجل من قدرات خارقة للعادة تلين الصخر وتفحم كل أفاك أثيم.

لم يكن المرقشي مجرد مسجون بين القضبان؛ بل أسداً في عرينه يزأر بالحق وصوته يخترق الزنازين ويتخطى الأسلاك الشائكة يتردد صداه في الأفاق غير هياب ولا مستسلم، كانت قوة الحق تفصح عن نفسها في قضية ملفقة قابلها المرقشي بالتحدي الصارخ مؤمنا ليس ببراءته فحسب؛ بل وعدالة القضية الجنوبية التي كان يحمل لواءها في وجه السجان وزعيم السجانين من يومها، ورغم قناعتي المسبقة ببراءته إلا أن زيارتي له زادتني يقينا واقتناعا أن المرقشي بريء كبراءة الذئب من دم ابن يعقوب.

حتى لقد قيل لقد اختزلت القضية الجنوبية في صنعاء في شخص مانديلا الجنوب أحمد المرقشي، لم يكن المرقشي مجرد سجين مظلوم في قضية ملفقة كانت عبارة عن رسالة شديدة اللهجة ليست لـ«الأيام» الصحيفة الحرة ولناشريها هشام وتمام باشراحيل وطاقمها فحسب؛ بل لكل الجنوب ولكل جنوبي، وعندما حملت «الأيام» لواء الدفاع عن القضية الجنوبية العادلة أحدثت زلزالا بقوة 7 درجات بقياس رختر في منظومة النظام الاحتلالي، ورغم كل الوسائل والإغراءات ومن بينها إخراج المرقشي من سجنه لكنها «الأيام» وربانها الميامين، الذين لن ينال منهم جبروت العسكر وقذائف المدافع والرصاص التي طالت مبناها في كريتر وأدت إلى استشهاد أحد حراسها وجرح آخرين، وكيف تم جرجرت رئيس تحريرها «أبو باشا»، رحمه الله، أن يخوض المحاكمات ولن تهتز له شعرة.

لن أخوض في سلسلة المتاعب والمشاكل التي عانتها «الأيام» منبر الكلمة الحرة عن القضايا الوطنية وكل المظلومين، وهي مسألة مبدأ لا تخضع للمساومة، وخط أخطته «الأيام» لن تحيد عنه منذ تأسيسها على يد مؤسسها المغفور له محمد علي باشراحيل، وحتى اللحظة.

اليوم بعد تحرير أسد الجنوب أحمد المرقشي وخروجه
إلى بين أحضان وطنه وأهله، نجدها فرصة ذهبية ليتعظ الجنوبيون، ومن دروس المرقشي ورسالة «الأيام» النبيلة والتاريخية نتعلم الصبر والثبات والإصرار والإيمان بقوة العدالة مهما كانت المصاعب ومهما كانت العقبات، فالحق قوي بقوة رجاله وصناديده، فالحق يعلى ولا يعلى عليه.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى