مُخرجات مكة.. خارطة طريق جديدة لعلاقات إقليمية مختلفة

> الجمعي قاسمي

>
تحوّلت القمّتان الطارئتان العربية والخليجية اللتان عُقدتا بمكة المكرمة بمخرجاتهما وما صدر عنهما من قرارات، إلى حدث سياسي بأبعاد استراتيجية ارتقت إلى مستوى التحديات التي فرضتها طبيعة المرحلة على الصعيدين الإقليمي والدولي، وفي مقدمتها التحدي الذي تطرحه سياسات طهران العدائية وسلوكاتها الخطرة على الأمن والاستقرار.

ولم يؤثر اعتراض العراق، الذي تربطه علاقات جيدة بإيران، وتحذيرات الرئيس برهم صالح من اندلاع حرب شاملة "إن لم يتم إدارة الأزمة الحالية بشكل حسن"، على البيان الختامي للقمة العربية الذي كان واضحا في تحميل إيران مسؤولية التدهور الأمني الخطير في المنطقة.

وأكد القادة العرب في القمتين، على حق السعودية في الدفاع عن أراضيها واعتبار عمليات إطلاق الصواريخ الباليستية الإيرانية الصنع من اليمن على المملكة تهديدا للأمن القومي العربي.

وشددوا في البيان الختامي لقمتهم الطارئة، على أهمية تحرك المجتمع الدولي باتخاذه موقفا حازما لمواجهة إيران وأنشطتها التي تستهدف زعزعة الاستقرار في المنطقة، وذلك في أعقاب تلك الهجمات التي استهدفت محطتين لضخ النفط داخل المملكة السعودية وأخرى على ناقلات نفط قبالة سواحل الإمارات.
وبالتوازي مع ذلك جددت القمة الخليجية في بيانها الختامي، إدانتها إطلاق الميليشيات الحوثية الصواريخ الباليستية تجاه السعودية، والتي بلغت 225 صاروخا فضلا عن 155 هجوما بطائرة من دون طيار.

كما أدانت تعرض أربع سفن مدنية لعمليات تخريبية في المياه الإماراتية، واصفة ذلك، بـ "التطور الخطير الذي ينعكس سلبا على السلم والأمن الدوليين"، مؤكدة في المقابل، "تماسك التعاون بين دول مجلس التعاون الخليجي، ووحدة الهدف والرابط".
وكان لافتا في هذا البيان الختامي، التأكيد على اتفاقية الدفاع المشترك بين دول مجلس التعاون الخليجي، والتي تعتبر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها جميعا.

واعتبر وزير الخارجية السعودي، إبراهيم العساف، أن قمتي مكة الطارئتين "حققتا نجاحا كبيرا ظهر من خلال التوافق، والتأييد الكبير لموقف السعودية والإمارات ودعمهما ضد تعرض سفنهما لهجمات تخريبية وإرهابية مسؤولة عنها إيران".
وشدد خلال مؤتمر صحافي مُشترك مع أمين عام الجامعة العربية، أحمد أبو الغيط، والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبداللطيف الزياني، على ضرورة أن "تكف إيران عن تدخلاتها واستفزازاتها في المنطقة".

وفي توضيح لبعض الرسائل التي بعثت بها القمة العربية، قال أحمد أبو الغيط، إن أبرزها هي تلك "الرسالة الحازمة للغاية إلى كل من يتدخل في شأن الخليج أو يتعرض للإمارات والسعودية".
وفي سياق قراءة الرسائل التي بعثت بها القمتان، يرى مراقبون أنها اقتربت كثيرا من رسم خارطة طريق جديدة لأشكال التصدي لمخاطر التهديدات الإيرانية على مستويات ثلاثة سياسية ودبلوماسية، وميدانية، عكست شكلا من التمازج بين الرؤية الاستراتيجية على مستوى المنطقة، وعلى الصعيد الدولي.

وبحسب محمد الحمادي، رئيس تحرير صحيفة الرؤية الإماراتية، فإن أبرز تلك الرسائل، هي التأكيد على أنه لم يعد بالإمكان السماح لأي دولة خليجية، أو عربية البقاء في المربع الرمادي في ما يتعلق بالخطر الإيراني، وذلك بعد تبلور وعي جديد لدى كافة القادة العرب بأبعاد هذه الخطر، وانعكاساته على مجمل المنطقة.

وقال لـ "العرب"، إن العلاقات العربية-الإيرانية شهدت في السنوات الماضية الكثير من مشاهد التوتر بسبب السلوك العدائي لطهران الذي تجسد في أعمال تخريبية لم يعد بالإمكان السكوت عنها، لذلك كان تأكيد القادة العرب على ضرورة القطع مع المواقف الرمادية، وذلك في إشارة واضحة إلى الموقف العراقي، وكذلك أيضا الموقف القطري.

وتكاد مجمل القراءات تُجمع على أن القمتين بتوقيتهما ومضامين القضايا التي طرحتهما، أضافتا فرقا سياسيا لا يمكن تجاهله أو القفز عنه، باعتباره سيُساهم في مراكمة إدراك عربي بأبعاد استراتيجية من شأنها تحديد طبيعة العلاقات العربية العربية وضرورة التشارك الفعلي في التصدي للتهديدات الإيرانية.

وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي الأردني، رأفت علي لـ "العرب"، إن القمتين العربية والخليجية، ارتقتا إلى مستوى التحديات في تظاهرة قل نظيرها في الاتفاق على كلمة واحدة لمواجهة التهديدات الإيرانية.
ولم يستبعد في هذا الإطار أن تدفع مُخرجات القمتين العربية والخليجية، السلطات الإيرانية إلى مراجعـة حساباتهـا، وذلـك في الـوقت الذي قال فيه صبري عزام، الخبير المصري في الشؤون العربية، إن قرارات القمتين "جاءت مناسبة، وتحمل دلالات على إيران إدراكها جيدا حتى لا تقود المنطقة إلى مخاطر جسيمة ستدفع طهران تبعتاها أولا".
"العرب"​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى