«الأيام» تنشر بحثا خاصا عن عوامل نشأة وتطور الحراك السلمي الجنوبي (8-9)

> كتبه/ عثمان ناصر علي

> يُعد الحراك السلمي الجنوبي من أبرز الظواهر التي صاحبت التفاعلات السياسية والاجتماعية في الجمهورية اليمنية في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين.
فبعد أن انقضى القرن الماضي، وقد تحققت وحدة اليمنين (الشمالي والجنوبي) في دولة واحدة استمرت أربع سنوات فقط (1990 ـ 1994م)، إلا أن مسار الدولة الموحدة أخذ منحى لا يتفق مع أبسط قواعد الدولة الواحدة، حيث أثبتت الممارسة والعمل المشترك أن الطرف الشمالي يسعى بكل إصرار على إقصاء وتهميش الشريك الجنوبي والاستئثار بكل ما يختزنه الجنوب من ثروات، وبالرغم من محاولات إصلاح ذات البين بين طرفي الوحدة، والتي كان آخرها الاتفاق على "وثيقة العهد والاتفاق"، غير أن كل تلك الجهود والمساعي لم تفلح في إيقاف دوران عجلة الحرب التي وصلت محطتها الأخيرة باجتياح جحافل التحالف العسكري (القبلي - الديني) لعدن عاصمة الجنوب، وكذلك كل مدن الجنوب، وتحويلها إلى غنائم حرب.

وإثر انجلاء دخان المعارك في يوليو 1994م، صحا الجنوبيون على واقع لم يألفوه ولم يراودهم حتى في أسوأ كوابيسهم، فقد تحولت مصانعهم ومؤسساتهم الاقتصادية، والمنشآت الثقافية والتعليمية والصحية ومزارع الدولة والتعاونيات الزراعية، ومحطات تأجير الآلات الزراعية، إلى ملكيات خاصة لأفراد من القيادات السياسية والعسكرية والدينية الشمالية. وتوالت قرارات المنتصر فتم تسريح (ثمانين ألف جندي وضابط) من القوات المسلحة وأجهزة الأمن الجنوبية، وتسبب الاستيلاء على المؤسسات الاقتصادية وتملكها من قبل نافذين، أو من خلال قرار غير مسؤول، بإعادة المؤسسات المؤممة إلى الملاك السابقين، أو بواسطة التفريط الكبير الذي تم تحت غطاء ما عرفت بـ "الخصخصة"، فقد أكثر من ثلاثمائة ألف عامل وموظف مصدر عيشهم الوحيد.
تجاهل المطالب الحقوقية للعسكرين حوّلها لحركة تحررية
تجاهل المطالب الحقوقية للعسكرين حوّلها لحركة تحررية

كل هذا مورس في حق المؤسسات الجنوبية فقط، وكأن الجنوب دولة أخرى وليس طرفاً في إقامة الجمهورية اليمنية، وأن ممتلكاته وكوادره هي جزء من ممتلكات وكوادر الدولة الموحدة، الأمر الذي رجّح وجهة النظر القائلة بأن الوحدة قد قُتلت بالحرب، وأن الجنوب في الواقع، أصبح تحت الاحتلال اليمني.
ولا يجب إغفال المحاولة الهامة التي بذلها عدد من الأعضاء القياديين (الجنوبيين) في الحزب الاشتراكي اليمني، على رأسهم د.محمد حيدرة مسدوس، ود.عبدالرحمن الوالي وعلي منصر وآخرون، والذين دعوا، بعد أن أدركوا المنزلق الخطير الذي تسير إليه الأمور بعد انتهاء الحرب التي شُنت على الجنوب، دعوا لتبني رؤية سياسية مشتركة تهدف إلى تلافي الانهيار الحتمي للوحدة الطوعية بين طرفيها في حال استمر الطرف الشمالي في نهجة لتصفية أي وجود مادي أو معنوي للجنوب، وأطلقوا عليها تسمية مشروع "إصلاح مسار الوحدة اليمنية " ولكن لم يلق القبول لدى قيادات الحزب الاشتراكي (الشمالية)، وكذلك من تحالف الحرب، (المؤتمر الشعبي العام و التجمع اليمني للإصلاح)، وكانت تلك محاولة جادة لإنقاذ الوحدة من الانهيار التام، إلا أنها وئدت قبل أن تثمر عن شيء ذات قيمة، ولم يبق منها سوى التسمية، أما المؤسسين فقد حملوا إحباطهم وتجربتهم إلى صفوف الحراك السلمي الجنوبي.

وقد نجحت الوعود الكاذبة بالإصلاح ووقف الانهيار والنهب في تأخير ردة الفعل الجنوبية الغاضبة والرافضة لهذه الممارسات لبعض الوقت، لكن عدم تحقق أي من الوعود، وتفاقم المعاناة، أديا إلى بدء أولى حركات الاحتجاج المعلنة والتي نظمها العسكريون المقاعدون قسرياً في عدن، بمبادرة من مجموعة منهم على رأسها العميد ناصر علي النوبة، وكان ذلك إضافة مميزة للمشهد الجنوبي، حيث يتولى العسكريون قيادة وتنظيم النضال المطلبي لشعب الجنوب، في حين وقفت اللجان النقابية المعنية بالدفاع عن العمال وحقوقهم، والمنتشرة في كل المؤسسات، موقفاً متفرجاً ولم تحرك أي منها ساكناً للدفاع عن منجزات ومكاسب العمال والموظفين البسطاء، رغم ما كانت تتمتع به من سلطة ونفوذ في دولة الجنوب، ويعزى ذلك ببساطة إلى أن كثير من القيادات النقابية أو الأعضاء في اللجان النقابية كانوا من ذوي الأصول الشمالية الذين حملهم الجنوب على أكتافه ووفر لهم التعليم والسكن والوظيفة، ولكنهم اختاروا، فيما يبدو، الانحياز لأصولهم الحقيقية، وأداروا ظهورهم للجنوب ودولته الوطنية الديمقراطية، في ساعة المحنة.

شهداء وجرحى
واستخدمت الدولة كل ما يقع تحت يدها من وسائل القمع لوقف المسيرة المظفرة للمقاعدين العسكريين الذين كانت تواجه مسيراتهم السلمية بعنف بالغ بحيث تتحول كل مسيرة ينظمونها إلى مجزرة يسقط خلالها الشهداء والجرحى، حيث يشير تقرير المرصد الجنوبي لحقوق الإنسان (ساهر) لشهر فبراير 2012م إلى أن عدد الشهداء الذي سقطوا برصاص القوات الشمالية في ذلك الشهر (22 شهيداً و185 جريحاً و79 معتقلاً)، وقد أشير فيه بوضوح إلى اسم الشهيد وعمره ومكان وتاريخ استشهاده، فيما تجاوز عدد الشهداء منذ بداية تنظيم الحراك لفعالياته ومسيراته السلمية (ألف شهيد) لم ينصفهم أحد ولم يُحاسب أحد على قتلهم، اشترك في قتلهم نظام صالح ونظام تحالف أحزاب المشترك، سواء بسواء وبنفس الكيفية. وامتد ذلك إلى المجال الحقوقي حيث يتم التلاعب بالأدلة أثناء محاكمات نشطاء الحراك، حيث يتحول الضحية إلى مُدان ويُبرأ المجرم، هذا إذا قُدّم إلى المحاكمة في الأصل، بل إن طلب الحصول على الشرعية القانونية لجمعية المقاعدين العسكريين، والذين تقدموا في أواخر عام 2003م بطلب مستوفٍ لكل الشروط القانونية إلى الجهات المتخصصة لتأسيس جمعية تمثلهم لدى مؤسسات الدولة للمطالبة بحقوقهم المهضومة بدون وجه حق، وفق ما يسمح به القانون، قٌوبل بالرفض دون إبداء الأسباب، فلجأ المقاعدون العسكريون، بدء من 2004م، إلى أسلوب الاعتصامات أمام مبنى محافظة عدن، حيث كانت تتواجد يومياً أعداد منهم، ترفع اليافطات فقط ولا ترد على شتائم وتحرشات أفراد الحراسة من الجنود الشماليين، وبالرغم من قلة عدد المتواجدين في كل مرة، والذين يقدر عددهم بالمئة أو أكثر قليلاً في مرات معدودة، إلا أن المثابرة والعناد الذي أبدوه أتى بثماره بعد سبعة أشهر من التجاهل، حين طلب منهم محافظ عدن حينها د.يحيى محمد الشعيبي، اختيار لجنة تمثلهم للحوار معها حول مطالبهم، حيث تكونت اللجنة من كل من:
العمداء: محمد مثنى المحجري، وخالد السعدي، وصالح بن صالح الجحافي، ومحمد ناصر المسلمي، وصالح ناجي حربي، والعقيد محمود مطلق، ومحام متطوع.

وبعد الاستماع لمطالبهم ويقينه من عدالتها، قام المحافظ بالاتصال بوزير الدفاع متمثلة بالعميد عبدالله علي عليوة، الذي طلب إيفاد شخصين إلى صنعاء لعرض هذه المطالب ومتابعة حلها مع الجهات المختصة في صنعاء، ولهذا الغرض تم تكليف كل من: العميد محمد ناصر المسلمي والعقيد محمود مطلق، والتقيا وزير الدفاع وسلماه مذكرة باسم العسكريين المقاعدين قسراً  تضمنت مطالبهم الحقوقية كما يضمنها قانون الخدمة العسكرية النافذ، والمساواة بين الشمالي والجنوبي في القوات المسلحة والأمن، وكان المطلب الرئيسي في مذكرتهم هو: التوقف عن تسريح الجنوبيين من القوات المسلحة والأمن، ومثّل ذلك بنداً سياسياً واضحاً في هذه المذكرة المطلبية، ولم يخرج اللقاء العتيد بأي شيء ملموس سوى وعد وزير الدفاع برفع فحوى المذكرة للقيادة السياسية.

وفي تزامن لافت للانتباه، تقدم المتقاعدون العسكريون النظاميون في القوات المسلحة الشمالية بمطالب إلى رئيس الجمهورية، والذي أحالها إلى وزير الدفاع برسالة مؤرخة بتاريخ 5 فبراير 2005م موجهاً بمعالجة أوضاع المقاعدين العسكريين الواردة أسماؤهم في المذكرة، فأصدر وزير الدفاع قراراً بتشكيل لجنة خاصة لدراسة كل المطالب برئاسة نائب رئيس هيئة الأركان لشؤون الأفراد وعضوية كل رؤساء الدوائر بوزارة الدفاع، التي نفذت توجيه رئيس الجمهورية بالحرف ونظرت في مطالب المتقاعدين النظاميين الشماليين وتجاهلت المطالب العادلة للمقاعدين قسرياً.

تحول للنضال السياسي
فعاد المتقاعدون العسكريون إلى نقطة البدء، الاعتصام أمام مبنى محافظة عدن، حيث سلموا المحافظ د.الشعيبي مذكرة موجهة إلى رئيس الجمهورية مؤرخة 23 إبريل 2005م، أشارت في أول بنودها بصراحة ووضوح إلى أنه "منذ ما بعد حرب صيف 1994م جرى ويجري تسريح الكوادر العسكرية والمدنية من أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية وفي مقدمتها محافظة عدن، حيث جرى تسريح معظم عمال وموظفي القطاع العام، والكوادر العسكرية المؤهلة، وبصورة انتقائية". كما جاء في بند آخر "إعطاء أو منح مناضلي الثورة اليمنية ما يستحقونه من العلاوات والرعاية والاهتمام اُسوة بأقرانهم من المحافظات الشمالية". وكانت تلك الإشارات في المذكرة المذكورة دليل لا يقبل التأويل على حدوث تحول هام في تصورات المحتجين التي خرجت من مدارات النضال المطلبي والحقوقي الضيقة، إلى آفاق النضال السياسي المعبأ بمطالب التحول والتغيير، ومؤشراً على أن قوى اجتماعية أخرى قد التحقت بركب الاحتجاجات وبدأت برفع ذات المطالب، لكن روح التعالي والغطرسة العنصرية حجبت عن صانع القرار في صنعاء إمكانية إدراك جوهر التحولات التي تتم في المزاج الشعبي للمحافظات الجنوبية، ببطء ولكن بثبات، ناقلة معها الوعي الجمعي الجنوبي إلى ساحة الحنين للماضي الذي ولّى، والتطلع بقوة إلى إمكانية بعثه من جديد، مهما كانت المصاعب ومهما كلّف من تضحيات، فازدادت أعداد الحشود المشاركة في التجمعات الجماهيرية في مختلف مناطق الجنوب، وكانت تلك التجمعات مناسبة لإطلاق شعارات الوحدة والتصالح (الجنوبي- الجنوبي) كضمانة لتحقيق أهداف ما بدأ يتجلى كحراك جنوبي (اجتماعي- سياسي) واعي ومنظم يملأ الفراغ الذي أحدثته هجرة وخروج الحزب الاشتراكي من الجنوب بعد حرب 1994م، وكانت أول صرخة تشير إلى أهمية وضرورة التلاحم الجنوبي من خلال إتمام عملية التصالح والتسامح، هي التي أطلقها الشاعر الكبير على حسين البجيري (وهو من أبناء أبين) في المهرجان الجماهيري الذي اُقيم في منطقة شُكع بالضالع، وشارك فيه عشرات الآلاف من أبناء جميع المناطق الجنوبية، لتشييع الشهداء من أبناء المنطقة الذين سقطوا برصاص قوات الأمن الشمالية، فتردد صدى هذه الصرخة في جمعية العواذل وحالمين لتنتشر في كل مناطق الجنوب، وتتوج بلقاء التصالح والتسامح الذي احتضنته جمعية ردفان في عدن يوم 13 يناير 2006م، وحاولت السلطة إفشاله من خلال مداهمة مقر جمعية ردفان في عدن، وإصدار قرار بإغلاق الجمعية واعتقال عدد من المنظمين للاجتماع، في موقف غريب من سلطة يفترض أنها تشجع أعمال التصالح بين مواطنيها، لكن ذلك الموقف المخجل أثبت من جديد صحة الرأي القائل بأنها سلطة احتلال تؤجج الفتن وترغب في استمرار الصراعات (الجنوبية- الجنوبية) للتفرغ لنهب خيرات وثروات شعب الجنوب، لكن هذا المسعى أخفق في تحقيق أهدافه الدنيئة، لكي يصبح مبدأ التصالح والتسامح هو الركيزة الثانية التي قام عليها الحراك السلمي الجنوبي، بعد الركيزة الأولى التي مثلتها الاحتجاجات المتواصلة التي قادها ونظمها المتقاعدون العسكريون.

ولغرض استكمال الأشكال المؤسسية التي تؤطر هذه الوسائل النضالية، التي تبلورت في غمرة المعاناة، ومسيرة التضحيات من مجرد الحصول على بعض المطالب المستحقة، إلى استعادة وطن مسلوب باسم وحدة لا أساس لها ولا وجود، فتأسست جمعية المقاعدين قسرياً في عدن بتاريخ 27 فبراير 2006م، وتم إشهارها في 3 يونيو 2006م، لتكون الإطار المنظم لفعاليات ونشاطات المتقاعدين العسكريين وكل الفئات الشعبية الجنوبية التي تبنت نفس الأهداف وسارت على نفس الطريق.

بدء الاحتجاجات الجماعية
واستمرت الاعتصامات أمام مكتب محافظة عدن، وبزخم أكبر، رغم تعيين محافظ جديد هو أحمد محمد الكحلاني، الذي وافق على استلام مذكرة من جمعيات المقاعدين العسكريين موجهة إلى رئيس الجمهورية مؤرخة بتاريخ 31 يناير 2007م تضمنت كل المطالب التي أثارتها المذكرات السابقة وأضافت عليها قضية السطو على أراضي المقاعدين العسكريين، والمطالبة بوقف السطو على أراضي التعاونيات الزراعية، بل ودعمها من أموال صندوق التقاعد، وفي ختامها نبهت المذكرة إلى أنه في حال عدم استجابة الجهات المسؤولة لحل هذه المطالب حتى نهاية فبراير 2007م، فان "جميع هذه الجمعيات وأُسر الشهداء والمناضلين في هذه المحافظات (يقصد المحافظات الجنوبية التي تمت الإشارة إليها في متن المذكرة بالاسم) ستصعد من خطوات مطالبها مثل الاعتصامات الجماعية السلمية في جميع المحافظات"، وذكرت أسماء ممثلي المحافظات ورتبهم العسكرية بوضوح، ووقع كل منهم أمام اسمه.

ولأن شيئاً لم يتغير، وبقيت السلطة على عنادها، قررت جمعية المقاعدين العسكريين، ومعها الجمعيات المدنية ومنظمة أسر شهداء ومناضلي الثورة، والشباب العاطلين عن العمل، اختيار السابع من يوليو2007م (ذكرى احتلال عدن عاصمة الجنوب عام 1994م) كموعد لبدء الاحتجاجات الشعبية في المحافظات الجنوبية، التي واجهتها السلطة بعنف بالغ أدى إلى سقوط شهداء وجرحى في جميع مناطق الجنوب وتم اعتقال المئات من النشطاء.

وكانت تلك إشارة واضحة إلى أن حركة المقاعدين العسكريين والمدنيين، قد أضحت حراكاً جماهيرياً كبيراً ومنظماً، وأنه قد أصبح فعلياً الحامل السياسي والحاضنة الوطنية لما بدأ يُعرف بـ "القضية الجنوبية"، التي لم تحظ بالاعتراف بها وبما تمثله لا من قبل السلطة ولا من الأحزاب السياسية اليمنية، وكلاهما أصر، بعد أن سالت الدماء الجنوبية غزيرة، على اعتبارها قضية مطلبية تنادي بالحصول على بعض المطالب المتعلقة بالوظائف والأراضي وبعض الحقوق، وتجاهلوا الحقوق السياسية التي ينادي بها أبناء الجنوب وفي مقدمتها الحق المقدس في تقرير المصير بعد انهيار الوحدة الطوعية بين طرفي الوحدة اليمنية.

حركة تحررية
إن الحراك الجنوبي السلمي الذي بدأ مطلبياً تحول في مسيرة النضال اليومي الشاق، وفي قلب اللهب والمعاناة إلى حركة جماهيرية تحررية واسعة الطيف، تضم فئات مختلفة ومتفاوتة اجتماعياً واقتصادياً بل وسياسياً، تجمعها المعاناة المشتركة من ممارسات الاحتلال اليمني، وتوحدها التطلعات للاستقلال واستعادة الدولة الجنوبية.
وفي مطلع 2015، بعد لجوء الرئيس عبدربه منصور هادي إلى عدن فراراً من محاولة قتله من قبل التحالف (العفاشي- الحوثي) الذي انقلب على نتائج مؤتمر الحوار الوطني وسعى للاستفراد بالسلطة من خلال التخلص من الرئيس هادي الذي اتفقوا على تنصيبه كحل ومخرج من دوامة الصراع التي بدأت تعصف بهم.

وكان السعي للتخلص من هادي في عدن هو الشماعة التي تحركوا في ظلها لإعادة احتلال الجنوب والسيطرة على أرضه وثرواته، لكن الأمور لم تسر كما توهموا، فقد فوجئوا بمقاومة شرسة في كل خطوة يخطونها في أرض الجنوب، رغم توقعاتهم بأن لا شيء سيعترض طريقهم بعد أن تمكنوا من أسر القيادة العسكرية التي عينها هادي لتنظيم الدفاع عن عدن.

إن إحساس أبناء الجنوب بالخطر الداهم الذي تمثله هذه القوى الغاشمة دفع بالشباب للبحث عن السلاح واقتحموا مخزن السلاح في جبل حديد وجمع كل ما وقعت عليهم أيديهم من أسلحة والتي كانت أسلحة خفيفة من نوع رديء لا يصلح للحرب وتجمعوا في مجموعات على مستوى الأحياء لتنظيم صورة بسيطة لمقاومة تصد العدو وتمنع تقدمه، وقد فوجئ العدو ببسالة المقاومة منذ اللحظة التي وطئت فيها أقدامه عاصمة الجنوب البطلة، بدءاً من دار سعد و مروراً بخور مكسر وكريتر والمعلا والتواهي، حيث خسر المعتدي جزءاً لا يستهان به من قواته الغازية.

لقد تحول شعار المسيرات السلمية للحراك الجنوبي: "إما استعدنا الكرامة أو موت وسط الميادين" إلى فعل ميداني قوي تحولت من خلاله هذه المجموعات الموزعة من الشباب المقاوم إلى تيار عاصف: المقاومة الجنوبية التي جرعت ولازالت تثخن جسد العدو بالجراح والخسائر التي لا تعوض.
بدأ الحراك الجنوبي سلمياً وتحول إلى مقاومة شريفة وباسلة تذود عن الأرض والعرض وسوف تنتصر بإذن الله ثم بعزم الرجال وتضحياتهم.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى