موسيقار الأجيال محمد سعد الصنعاني.. شاعرا ومُلحنا ومطربا وأستاذا للموسيقى

> كتب/أحمد فضل ناصر

> صادف يوم السبت الموافق 22 يونيو 2019م الذكرى الـ 28 لرحيل أبرز رواد لحج واليمن للموسيقى والتلحين والشعر والغناء والفنون التشكيلية. فقد كان خطاطاً بارعاَ، إنه موسيقار الأجيال الراحل محمد سعد الصنعاني، وقد خلت الساحة من المبدعين الرواد والفرسان.

لا زالت ألحان وموسيقى الصنعاني خالدةَ إلى يومنا هذا، وسيظل يرددها معظم الموهوبين في الداخل والخارج، لما تتميز به من تركيبات ونقلات لحنية متميزة، ومقدمات ولوازم وقفلات موسيقية فريدة. فهلاّ رددتم معنا موسيقى ولحن (لوعتي) التي فصلها الصنعاني لعذوبة ومساحة وصوت الغرّيد عبدالكريم توفيق، وهلاّ تذكرتم "العيون السود" و "يا شاكي غرامك" و "يا للي وعدت القلب" و "ردد التغريد"، وغيرها من روائع الصنعاني التي تفرد بابتكاراتها في عصر النهضة الفنية الذهبية التي شهدتها الساحة.

محمد سعد الصنعاني يعتبر واحداً من أربعة موسيقيين متنورين ومتميزين بمواهبهم وموسيقاهم في الوطن، وهم: الصنعاني، يحيى مكي، أحمد بن أحمد قاسم، جميل غانم. كما كان مرجعاً هاماً للألحان التراثية، وخصوصاً القمندانية، وقد قدم للكثيرين من الفنانين ألحاناً قمندانية، كنا نجهلها وأعدنا أداءها.

كما أنه كان متطلعا للتنوير والتعليم الموسيقي، حيث درس الموسيقى بالمراسلة حتى نال شهادة (عرابي) من القاهرة، وقد جاءت تجربته الأولى فريدة ومفيدة للأجيال، منذ منتصف السبعينات، ولم تتكرر، حيث أنشأ صفاً دراسياً في لحج لتنوير الأجيال بأصول الموسيقى، علمياً في لحج، من حيث كتابة وقراءة النوتة الموسيقية، ودراسة النظريات والتطبيق على آلتي العود والكمان وغيرهما من الآلات، وكان ذلك في المركز الاجتماعي بالحوطة. من تلامذته كوكبة من المبدعين منذ الخمسينات إلى أن وافاه الأجل في 91م، ممن أثروا الساحة الفنية بروائعهم، نتذكر منهم قائد الندوة اللحجية المرحوم صلاح ناصر كرد. كذلك الفنانون عبدالله محمد حنش، وعبد الكريم توفيق، محمد عوض شاكر، فيصل علوي، فضل وحسن كريدي، محمد بن محمد باسويد، بشير ناصر، أحمد محسن عبدالله (الشلن)، أحمد مهدي مفتاح، أحمد فضل ناصر، وآخرون. ومن أبنائه الموهوبين، الطيار والفنان والموسيقي المرحوم عبدالقوي محمد سعد الصنعاني والصحفية المتميزة سلوى صنعاني، بالإضافة إلى الكثيرين ممن شجعهم من العنصر النسائي في المجال الفني، ومنهم الفنانة القديرة لول نصيب، التي اكتشفها في مجال الغناء وشجعها بتقديم أحد ألحانه لها، التي قدمته بصوتها معنا ضمن نشاط الثقافة عند أول تكوين للفرقة في 78م.

وثّق بعض أعماله بصوته للأسطوانات والإذاعة والتلفزيون، كما سجلت له إذاعة عدن، في منتصف السبعينات، برنامجاً وثائقياً خاصاً بعنوان: "مهرجان الذكريات" في30 حلقة.

ولد في حوطة لحج في 1920، أمه سلمى درينة، كانت شاعرة تميزت أيضا بصوت جذاب، وخاله علي درينة الذي كان الفنان الخاص للسلطان علي عبدالكريم، درس الصنعاني بالمحسنية، وعمل فيها مدرساً، كما تعلم أصول الموسيقى من الفنان صالح عيسى الذي كان عازفاً بالفرقة السلطانية، كما تعلم العزف على يد الفنان الطميري. وذاع صيته وشهرته من حين خروجه من أول مخدره في منطقة الوهط في 1939م.

عاصر الصنعاني معظم أساطين الفن والطرب، ومنهم العنتري وباشراحيل والجراش والماس، وغيرهم، وقد أبدع وابتكر روائع الألحان الخالدة، التي لازالت تمثل علامة بارزة في سماء الفن والإبداع، وهي كثيرة ومتعددة المقامات والإيقاعات، كما تميزت بنقلاتها اللحنية والهندسة الفريدة للمقدمات الموسيقية التي وضعها الصنعاني لتلك الألحان، حيث جاءت ألحانه من عصارة جهوده وموهبته ومخزونه الإبداعي، منذ بداية مشواره، من خلال متابعاته واستماعه للموسيقى الشرقية الأصيلة والموسيقى الغربية والهندية وغيرها، التي كان ميالاً للاستماع إليها، كما كان متأثراً بغناء منيرة المهدية، من خلال استماعه لتلك التسجيلات في الجلسات التي كانت تتم في مبرز عبدالله داعر وغيره.

عاصر معظم الندوات والفرق الفنية، وكان من أبرز أعضاء الندوة اللحجية بقيادة المرحوم صلاح ناصر كرد.
أنشأ الصنعاني منتدى خاصاً به خلف منزله، وقد كان يلتقي فيه بأصدقائه وتلامذته، حيث لا زالت أطلال هذا المنتدى ظاهرة للعيان إلى يومنا هذا.

يحدونا الأمل أن تتكاثف الجهود للحفاظ على مقتنيات وأرث الصنعاني، وإحياء موروثه الإبداعي، والرواد في لحج، وأرشفة إبداعاتهم، والعمل على صيانة منازلهم ومواقع إبداعاتهم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى