الخلاصة الإستراتيجية الكبرى في اليمن.. ممحصات الوطنية والوطن

> د. باسم المذحجي

>
جنوبيو الشرعية خطر على مستقبل مأرب والجوف وتهامة والحجرية
التخطيط الإستراتيجي في مجال تطوير البلدان هو جهد منظم يهدف إلى اتخاذ قرارات أساسية، وإجراءات تحدد ماهية الدولة، وماذا تفعل، ولماذا تفعل ذلك، من خلال التركيز نحو المستقبل. والتخطيط الإستراتيجي هو عملية إستراتيجية لأنه يتضمن التهيؤ لأفضل الطرق استجابة للظروف البيئية المحيطة بالبلد، بغض النظر عن معرفة أو عدم معرفة هذه الظروف مسبقاً، وأن تكون إستراتيجياً يعنى أن تكون أهداف الدولة واضحة وكذلك مصادرها، وأن تكون واعياً للبيئة الديناميكية. فالتخطيط الإستراتيجي يتضمن تحديداً متعمداً للأهداف (اختيار المستقبل المرغوب) وتطوير أسلوب لتحقيق هذه الأهداف.

من الصعب جداً النجاح من دون إستراتيجية واضحة، وواقعية، ومرنة، ومستدامة، وقليلة هي الحكومات التي استطاعت تحقيق أكثر من هدفين أو ثلاثة بحد أقصى، والسبب الرئيس قلة الموارد والقدرات، لأن تلك الأهداف تستنفذ الكثير من قدرات وإمكانات الدولة، وقد نجحت دول عدة في ذلك، لكن اليمن ما تزال تبحث عن بصيص نور النجاح الإستراتيجي.
إن الدولة الجاهزة للتخطيط الإستراتيجي يجب أن تكون قادرة على:

1 - تحديد القضايا المهمة والخيارات التي يجب أن يناقشها التخطيط الإستراتيجي.
2 - تحديد الأدوار (من يعمل ماذا ؟...)

3 - تشكيل لجنة للتخطيط.
4 - تطوير صورة مستقبلية للدولة.

5 - تحديد المعلومات التي يجب جمعها لاتخاذ قرارات صائبة.

أولاً: تحليل الوضع الداخلي
الابتعاد عن التوترات الإقليمية تعد مدخل إستراتيجي يفضي لفهم الصورة الكاملة الحقيقية لما يجري في اليمن، والممثلة بالنقاط التالية:
1. جديد الأمس واليوم في مشروع الاستبداد والهيمنة المدار من الشمال اليمني:

أ. ابتزاز الكتلة القبلية الشمالية للجوار الخليجي.
ب. الابتزاز الجنوبي للشمال اليمني من قِبل السلطة الشرعية.

ج. شرعية البديل الأسوأ هي إستراتيجية الرئيس عبدربه منصور هادي.
د. مشاريع قطر وتركيا وخديعة الربيع العربي لأخوان المسلمين في العالم العربي.

هـ. الحوثية الإيرانية وكذبة محور المقاومة والممانعة العربي في الشمال اليمني.
2 - السلطة الشرعية في الشمال اليمني.

لقد حصلت شرعية عبدربه منصور هادي على تضحيات وطنية جاهزة، وعلى طبق من ذهب، ما حدبها مشاريعها الخاصة والإثراء حتى بدأت تتوسع في المناصب والأموال، لكنها فشلت في تحويها إلى مشاريع وطنية، ويعزو ذلك لأنها فشلت في حمايتها خصوصا، وإستراتيجية عبدربه منصور هادي تتقن التلاعب بإستراتيجية البديل الأسوأ كالجنرال الأحمر في موقع نائب رئيس الجمهورية، ورئيس البرلمان سلطان البركاني. في المجمل هي شرعية إستراتيجية الانتظار لجني المناصب، فجنوبي الشرعية هم ذات خطر يماثل خطر الحوثية على مستقبل أبناء مأرب والجوف وتهامة والحجرية؛ بل الجنوب العربي نفسه الذي ينتمون إليه.

تأخرت كثيرا السلطة الشرعية، فقد كان هناك طوق نجاة للشرعية اليمنية فيما مضى عبر عدد من الخطوات الإستراتيجية:
1. تصنيف الحوثية كجماعة إرهابية، والذي سيكون منطلق للبرلمان العربي لتصنيفها جماعة إرهابية، ثم تمهيد لإجراءات دولية.

2. حكومة حرب وتشكيل مجلس الأمن الوطني والمكون من تكنوقراط في المواقع التالية:

أ. الخارجية.
ب. المالية.
ج. الداخلية.
د. جهاز الأمن القومي.
هـ. جهاز الأمن السياسي.
و. جهاز الاستخبارات.
ز. الدفاع.
ح. الداخلية.

الخلاصة الإستراتيجية بأنها فشلت مع كل الخيارات الإستراتيجية المتاحة خصوصا بعد انكشاف مشروع إخوان المسلمون فيما يسمى بثورة التغيير، والتي كانت برنامجاً تركياً بتمويل قطري ورعاية إعلامية لنشر الفوضى والحرب والدمار في الشمال اليمني والجنوب العربي حتى اللحظة الراهنة.
3. كذبة الحوثية في الشمال اليمني.

كبرت مع الأيام وتضاعفت فاتورتها من قتلى، وتكشف صور الاستبداد ومظاهر الإثراء لمنتسبيها، والإضرار بالنسيج الاجتماعي اليمني في الشمال اليمني والجنوب العربي لما سواه، وتكون الخلاصة الإستراتيجية بأن الحركة الحوثية تاريخ سيء وحاضر أسوأ.
4. العالم من حولنا.

العالم له مصالح محددة، وترتب تباعا:
أ. الأمريكان يريدون خام النفط.
ب. الروس يريدون صفقات التسلح.
ج. الفرنس يريدون الغاز.
د. بريطانيا تريد الموانئ وإدارة مشاريع ذات الصلة.
هـ. الصين حصتها المعادن.

إن الخطة الإستراتيجية التي نراهن عليها لابد وستوفر خارطة طريق فعالة يمكنها أن تتنبأ بإيرادها المستقبلي ونجاحها بثقة. وعليه نحن نعي الضرورة المحتملة لتقييم الأولويات على الأجل القصير، وتحديد المجالات التي يمكن فيها توفير التكاليف وتضمن قدرة الشعب اليمني في الشمال اليمني والجنوبي العربي على تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية.

ثانياً: الخيار الإستراتيجي المتاح اليوم
الأولوية الأولى: تكمن في إسقاط النظام الحاكم المستبد، لكن ما أن تحقق الهدف لاحت في الأفق جماعات وفئات ركبت الموجة لتولي أجنداتهم، وانتماءاتهم الخاصة عن مصلحة ورفعة الوطن، وأصبح ولاؤهم لأهدافهم، وليس للوطن، وهكذا بدأت الصفوف الموحدة في التفكك والتفتت لتتراجع مصلحة الوطن نحو الوراء.
الهدف الإستراتيجي الأول: الجنوب العربي استعادة دولته.

الهدف الإستراتيجي الثاني: الحجرية وتعز تفرض خياراتها الإستراتيجية في ذوباب والوازعية والمخا وتشيد مشروع جسر باب المندب.
الهدف الإستراتيجي الثالث: مأرب والجوف منطلق لاستعادة الشمال اليمني وتعميم إستراتيجية تطوير التعليم والزراعة.

الهدف الإستراتيجي الرابع: تهامة وموانئ الحديدة لها خيارها في استعادة الموانئ والثروات البحرية والزراعية والحيوانية.

ثالثاً: الأولوية في بناء وطن ومصلحة الشعب.
الجنوب العربي أنموذجا
التنامي المطرد الذي شهدته فصائل الحراك الجنوبي التي لا تتبع الشمال اليمني ومكونات المقاومة الجنوبية التي تمخضت عنها الأحزمة الأمنية والنخب الجنوبية التي تشكل نواة الجيش الجنوبي، وفي المقابل فالمجلس الانتقالي الجنوبي هو الحامل السياسي للقضية الجنوبية، والتي أولوياتها استعادة الهوية الجنوبية بحدودها التاريخية وأرضها وثرواتها.

1. نظام الدفاع الجوي الروسي بانتسير- إس1:

بانتسير على عربة KamAZ-6560 الهيلمان الذي تحيط به ميليشيات الحوثي بنفسها عبر منظومة طيرانها المسير والصواريخ المختلفة من صواريخ كاتيوشا متنقلة أو كروز مجنح كلها يمكن وضع حد نهائي لها عبر اقتناء مجموعة نظام الدفاع الجوي الروسي المفردة والمتنقلة بانتسير Pantisr، وتلكم ما يتوجب على المجلس الانتقالي الجنوبي اقتنائها لحماية كل مناطق الجنوب الإستراتيجية والحيوية وتأمينها، وذلك تحسبا لتطورات النزاع المستقبلي ما بين الشمال اليمني والجنوب العربي غداة استعادة دولة الجنوب بحدود 1990.

2. الاستخبارات الجنائية في الجنوب العربي. مركز أمن عدن لحج أبين نموذجا.
التطور السياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي وما يصحبه من إستراتيجيات أمنية يلزم عليه تحسين مساره كنموذج للأمن والاستقرار وجلب رجالات المال والأعمال والاستثمار.

قوات مكافحة الإرهاب تعد نموذجاً يحتذى به خصوصا بعد كشف صناديق الأسلحة والأحزمة المتفجرة التي مصدرها دولة قطر.
ولكل ما سبق فتفعيل المربعات الأمنية وتطوير مسار يقظة الأجهزة الأمنية وقطع الطريق عن التطرف والجريمة المنظمة يعد خياراً إستراتيجيا لكل أبناء الجنوب العربي في هكذا مرحلة تاريخية.

في المقابل فلابد من تطوير الاستخبارات الجنائية في عدن ولحج وأبين بما يتواكب مع تكنولوجيا العصر عبر تطوير نظام مراقبة المربعات الأمنية من خلال استخدام كاميرات مراقبة تلتقط الجريمة من الشارع والحي، وذلك يسهل جمع وفحص وتحليل المعلومة بأقل جهد وأسرع وقت.
* التخطيط والتوجيه للاستخبارات الجنائية.

أمننة التحركات في شوارع وأحياء عدن ولحج وأبين لن تتحقق إلا إذا فرض نشر كاميرات مراقبة بصورة إجبارية في الجولات والتقاطعات وعلى المباني الضخمة والإستراتيجية بالإضافة إلى إلزام جميع المحلات والمنشآت التجارية تركيب كاميرات مراقبة تأخذ وضعية مجهر الخبراء الأمنيين الذين يشرفون على المربعات الأمنية.
لن تستقيم إستراتيجية إزالة المظاهر المسلحة والحواجز الأمنية في عدن ولحج وأبين إلا بتفعيل نقاط تفتيش متحركة داخل المدن، وكذلك لابد من دعم وتجهيز وتدريب أمن الطرق ببرامج مكثفة من كوادر وخبراء المجال الأمني.

* إستراتيجية تأمين المناطق العشوائية والجريمة خارج مراكز المدن الرئيسة.
ليست وحدها المداهمات كفيلة بتحقيق ذلك لكن يتوجب نشاط وحدات تحريات خاصة تمتهن وتجيد التخفي بصور مدنية كالباعة والبقالات الصغيرة، بالإضافة إلى مخبري وسائل المواصلات العامة والخاصة.

هناك سياسات عامة تحكم العمل الأمني، ومنها لابد ترتبط جميع الأجهزة بجهاز الأمن القومي الذي يتبع رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي مباشرة ما يجعله المتحكم الأوحد بجميع النشاط الذي يجري في المحافظات الجنوبية.
وهو الذي يضع الخطط لإدارة كامل أراضي الجنوب العربي، ويمسك بكل مفاصل الحياة بدون أي هامش.

* الإستراتيجية الكبرى تعني تحقيق التوازن بين الأهداف والوسائل لتعزيز الأمن، وغالباً يحتاج تحقيق أهداف الإستراتيجية ثمناً باهظاً.. وقلة الشجاعة أو القدرة لدى القيادة غالباً تكون من أهم سمات الفشل القيادي لتحقيق إستراتيجية تخدم الوطن. فتنفيذ الإستراتيجية هو نصف النجاح الأصعب، لأن بعض الأجهزة تعاني نقص الرغبة والوسائل والإرادة لتحقيق أجزاء محورية من الإستراتيجية.

الخلاصة الإستراتيجية الكبرى .. يبدو بأن نموذج المجلس الانتقالي الجنوبي هو الخيار الشرعي والإستراتيجي لأبناء تهامة والحجرية ومأرب والجوف وتعز في انتزاع شرعية الأرض والحكم الرشيد والتوزيع العادل للسلطة والثروة، والتي دأبت الكتلة القبلية الشمالية على اغتصابها تحت صور متنوعة منها الأهداف المعلنة لكنها. والحديث عن غير المعلنة هي ما وصلت بنا إلى هكذا وضع كارثي محلي وإقليمي ودولي.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى