(رافعات الشوادر) ورقصة (الهبيش) في مهرجان البلدة بالمكلا

> محمد عمر معدان

> شهدت سواحل مدن حضرموت، وفي مقدمتها عاصمة المحافظة عروس البحر العربي المكلا، مهرجان نجم البلدة والذي دشن في المكلا صبيحة يوم الإثنين الموافق 15/07/2019، ومن سيف حميد بالمكلا، يعرج بالقراء على ربوع ساحرة البحر المكلا مروراً بأحيائها الجميلة، وعبر قصائد شعرائها الكبار منها قصيدة (رافعات الشيادر) كلمات وألحان الشاعر الكبير

صالح عبد الرحمن المفلحي: (1933- 2005) غناء الفنان الراحل كرامة سعيد مرسال.

فرحة العيد ما أعظمها، تغمر قلوب الصغار والكبار ومصفاة للنفوس. وللأعياد مواقع وأماكن يتجمع فيها الناس كلٌ بطريقة احتفاله، التجمع الكبير للنساء في مكان يسمى بحر (المشراف) المحادي للقصر السلطاني. أقيم فيه حالياً (مكتبة الطفل) والبعض بمختلف أعمارهم يتجمعون في حديقة السلطان، والتي أقيم على أنقاضها (مدرسة الجماهير)، وهي محادية لموقع كهرباء المكلا القديم.. والبعض من الشباب يمارس هواية لعبة كرة القدم في ساحل سيف فوه، والبعض وخاصةً من الأطفال يلعبون لعبة التزلج من أعلى أكوام الرمال، والبعض الآخر كذلك يمارسون لعبة كرة القدم في الساحل قبالة مدرسة الجماهير، والبعض أيضاً في سيف حميد أمام مسجدي الغالبي وعلي حبيب.

وقد أبدع سيد العشاق شاعر (برع السدة) وابنها الشاعر خالد محمد عبد العزيز في رائعته الشهيرة والتي تعتبر دليلاً سياحياً لمدينة المكلا (يا النوخدة با معاكم) من ألحان الموسيقي الراحل ابن سعاد الزبينة، إبراهيم الصبان، وغناها أيضاً الراحل الفنان كرامة مرسال، والتي يقول مطلعها:

يشتاق لك كل عاشق من وقت لآخر
ونا دوب المدى مشتاق
ما أنسى المكلا الا شق
ذا يومنا في المكلا سيد العشاق
بعد المكلا شاق
ما طيق في بعدها ع الشوق
يا النوخدة بامعاكم حتى لو هو على صنبوق معشوق.

ونعود لاحتفالات العيد، ويأتي في مقدمة الأماكن ديس المكلا، حيث البساتين والمزارع وآبار المياه والجوابي والسواقي، والناس في تلك المواقع يغدون ويروحون، ومدائر الشروحات التي تقام في شعب البادية، وجول الديس الذي استوحى الشاعر المفلحي رائعته الشهيرة منه (رافعات الشيادر).

إن معظم ساكني منطقة الديس قدموا من مدن وقرى قبلية، وحطوا رحالهم بمنطقة ديس المكلا مثل حافة البدو وشعب البادية وحافة باسويد التي جاء تسميتها على مزرعة باسويد وجول الشفاء، معظم سكانه من الحضارم مواليد الصومال، وأكثر القبائل الوافدة من منطقة المشقاص، وقد نقلوا معهم ثقافاتهم وموروثهم الشعبي. ومنها الشروحات التي كانت تقام في أيام العيد، ومن أحد المدائر لشرح الهبيش. التي يتقن أداؤها الراقصون والراقصات الذين يحضرون خاصة في أيام الأعياد من المناطق المشقاصية، للمشاركة في هذه الاحتفالات العيدية.

كان الشاعر المفلحي له شرف الحضور كمشاهد لهذه الرقصة من ضمن المشاهدين، ومستمعاً لألحانها التي كثيراً ما أعاد هندسة ألحانها على معظم أغانيه الشرحية، وبينما هو في صمته وتأمله لإبداع الراقصين، قفزت إلى ذهنه خاطرة شعرية مستوحاة من هذا المنظر، فقال لزميله خذ ورقة وقلماً، واكتب ما أمليه لك قبل لا أنساه.
غربت الشمس وحل المساء، وفي تلك الليلة هطلت أمطار على مدينة المكلا، والشاعر قابع في غرفته في انتظار هاجسه ليكمل قصيدته، التي قال مذهبها في عصرية ذاك اليوم. فهبت نسمة العليا عقب المطر، فاكتملت الصورة في ذهن وقلب الشاعر، فكتب على الفور رائعته والتي أعاد ترتيب أبياتها فيما بعد ليجعلها كالتالي:

يالذيك المناظر منظر الغيد لي يرتاح له كل خاطر
روح العاشق الشاعر رهين المشاعر
يفرح الزين قلبي لانظرته إلى الزين
عانك الله يا العاشق على قسوة البين
رافعات الشيادر روحن فوق جول الديس ملقات عاكر
مثل الظباء دقيقات الخصور الظوامر
ليتنا كون معهن في سمر حيث يضوين
عانك الله يا العاشق على قسوة البين
مشرقات النواظر
بالجفون النواعس والعيون السواحر
عاكفات الجعود الخامرة من غير ساتر
في الدروع الهية فوق قلبي يسحبين
عانك الله يا العاشق على قسوة البين
كم لذا القلب صابر غفلة دائماً بالصبر والصبر قاهر
عبر الليل ما بين المراويح ساهر
ياحبايب خسارة فين أنتم ونا فين
عانك الله يا العاشق على قسوة البين.

بعد أيام قلائل التقى الشاعر بفنانه المفضل وابن حارته الراحل كرامة مرسال في بيته وسلمه القصيدة ولقنه اللحن على الفور، أخذ مرسال العود وبدأ بالدوزنة إلى أن انتهى من ضبط الأوتار، وشرع بالغناء بأول مذهب للقصيدة.. مرور سهل بالكلمات واللحن الشرحي الأصيل، والذي دائماً ما تتوافق هذه الألحان مع طبقات الغناء للفنان مرسال، وبعد هذا اللقاء السحابي المثمر بـ (رافعات الشيادر) أقيم حفل زواج في ديس المكلا، حيث كانت ولادة القصيدة واللحن، وكان فنان السهرة مرسال، فكانت فرصة أن يغني هذه الرائعة، فهاج وماج جمهور الحضور عند سماعه أول مرة لهذه الأغنية وعلت الحناجر بالهتافات والأيدي بالتصفيق، وأعاد الفنان مرسال غناها مرة أخرى، حسب طلب الحضور.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى