هل الجنوبيون قادرون على خوض حرب مزدوجة مع (الحوثيين + الإرهاب)؟!

> العقيد محسن ناجي مسعد

> التفجيرات المتزامنة التي استهدفت، صباح الخميس، 1 أغسطس 2019م، مركز شرطة الشيخ عثمان ومعسكر الجلاء في مديرية البريقة، تدل دلالة قطعية بأن المستهدف من وراء تلك العمليتين القذرتين هو الجنوب، بغض النظر عن الطريقة التي اتُبعت في تنفيذ تلك العمليتين الغادرتين، وبغض النظر أيضاً عن طبيعة الوسيلة ونوع المتفجرات التي استخدمت في هاتين العمليتين اللتين تشيران بصورة جلية بأن من يقف خلفهم ليس طرفاً بعينه، بل نستطيع أن نقول وبكل ثقة بأن الذي يقف خلفهم طرفان هما داعش والمليشيات الحوثية، اللتان تقاطعت مصالحهم واتفقت على استهداف الجنوب لخلق المزيد من الفوضى التي من شأنها أن تفشل مشروع قيام الدولة الجنوبية التي بدأت تتشكل ملامح قيامها الأولى على أرض الواقع الجنوبي، والذي مازال بحاجة إلى المزيد من الخطوات العملية التي يستطيع الجنوبيون من خلالها أن يهيئوا لأنفسهم كافة الظروف والعوامل والمناخات التي تثبت أقدامهم على الأرض الجنوبية بعد أن يكونوا قد تمكنوا فعلاً من تخليص جنوبهم من دائرة التجاذبات الخطيرة، التي تقف خلفها تعدد الإرادة السياسية والعسكرية والأمنية والمليشاوية والإسلاماوية التي تطفح بها الساحة الجنوبية التي تعاني من آثار هذا التعدد الخبيث الذي شكل وسيشكل عقبة كؤود في طريق قيام الدولة الجنوبية التي لن يكتب لها النجاح ولن ترى النور إلا في حال أستطاع الجنوبيون أولاً أن يفرضوا وعلى أرض الواقع الجنوبي إرادة سياسية وعسكرية واحدة بعيداً عن عبث التعدد الراهن، الذي له يد في الفوضى التي تعم الجنوب.

كافة المعطيات السياسية والعسكرية والأمنية تشير بصورة واضحة بأنه قد حدث في الآونة الأخير تقارب كبير بين التنظيمات الإرهابية والمتطرفة كداعش وتنظيم القاعدة وجماعة الإخوان المصنفة بالإرهابية من جهة، ومليشيات الحوثي من جهة أخرى، وقد نتج عن هذا التقارب، الذي مضى عليه فترة ليست بالقصيرة، عقد العديد من التفاهمات والصفقات السياسية والعسكرية والأمنية والتي تم بموجبها تحديد ملامح العلاقة التي ينبغي أن تقوم بين مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية والمتطرفة وبعض شرائح القوى الشمالية المحسوبة على الشرعية والحاقدة على الجنوب، والتي هي الأخرى التحقت بركب العلاقة الجديدة التي رسمت مليشيات الحوثي أبعادها ووضعت أبجدياتها السياسية وحددت ملامحها المستقبلية التي ركزت على عمليات تجاوز الماضي بكل ما له وعليه وفتح صفحة جديدة من العلاقة بينهم تقوم على أساس توحيد جهود ومواقف الجميع الذي يتحتم عليهم في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة، وأن يتفرغوا كلياً لمحاربة المشروع السياسي الجنوبي والوقوف بصورة حاسمة ضد قيام الدولة الجنوبية مهما كلفهم ذلك من تضحيات وقد تجسد ذلك من خلال مواقفهم السياسية المعادية للجنوب التي عبروا عنها في مناسبات مختلفة وكان آخرها هو قيامهم بتنفيذ الجريمتين البشعتين التي اقترفوها بحق الجنوب وأبنائه صباح يوم 1 أغسطس 2019م، في مركز شرطة الشيخ عثمان ومعسكر الجلاء، وقد أسفرت تلك العمليات عن سقوط عشرات الشهداء ومئات الجرحى من أبناء الجنوب.

إن دلالات العمليتين اللتين نفذتها التنظيمات الإرهابية والمتطرفة ومليشيات الحوثي، صباح يوم 1 أغسطس 2019م، تشير بشكل واضح إلى أن على الجنوبيين من الآن فصاعداً أن يعدوا أنفسهم وأن يكونوا على أهبة الاستعداد اعتباراً من هذا اليوم لخوض حرب مزدوجة ضد مليشيات الحوثي من جهة وضد التنظيمات الإرهابية والمتطرفة التي ما زال لها تواجد مؤثر وواضح لا ينكره عقل ولا تخطئه عين في العديد من المحافظات الجنوبية التي ينبغي أن تتطهر من دنس هذه الجماعات الإرهابية والمتطرفة.

إن المجزرة التي تعرض لها أبناء الجنوب في مديريتي الشيخ عثمان والبريقة لا يمكن أن نرجع أسبابها إلى اختراق أمني، بحسب ما تروج له وسائل الإعلام المختلفة وبعض المحللين السياسيين الذين جانبوا الصواب في تحليلاتهم حول الأسباب التي تقف وراء الجريمتين، فمنهم من صور المسألة بالاختراق الأمني وكون الجنوب يعيش في حالة سلم، متناسين أنه مثله مثل باقي المحافظات الشمالية يعيش في حالة حرب ضروس مع مليشيات الحوثي في أكثر من جبهة، وهذا يعني بأننا نعيش في حالة حرب، وحالة الحروب عادة تفرض علينا العيش في ظل ظروف ومناخات تختلف تماماً عن ظروف ومناخات السلام من كافة النواحي، وتفرض علينا أيضاً الكثير من الالتزامات والكثير من القيود التي لا مجال للهروب منها أو تجاوزها نظراً للأضرار التي قد تلحق بنا نتيجة عدم اكتراثنا بالقيم والقوانين والمبادئ التي تصنعها الحرب، والتي قد تعود علينا بالضرر الكبير ما لم نتحلى طوال فترة الحرب باليقظة والحذر الشديدين، وأن نراعي في كل خطوة نقدم عليها الظروف الاستثنائية التي فرضتها الحرب، وأن نمتنع عن إقامة الفعاليات التي تعرض أرواح الناس للخطر، وألاّ نسمح بإقامة أي فعاليات عسكرية كتلك الفعاليات العسكرية التي اعتدنا على تنظيمها في ظروف السلم أو في حال امتلاكنا عمق جيواستراتيجي بعيد عن مرمى أسلحة العدو، كتلك التي أقيمت في العند منذ قرابة أكثر من عام وتعرضت لضربة عسكرية من جانب الحوثيين، وها نحن اليوم نعيد تنفيذ نفس سيناريو العند باختلاف الزمان والمكان، حيث قدمنا لمليشيات الحوثية وحلفائها من المتطرفين والإرهابيين، وعلى طبق من ذهب، فرصة ثمينة ما كان لهؤلاء المجرمين أن يحصلون عليها لو كنا فعلاً تعلمنا الدرس من كارثة العند التي لم نتعلم منها شيئ كما تبدو لنا الصورة والوقائع الشاخصة على الأرض.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى