> د. محمد فيصل باحميش
* تمخَّضَ اتحاد الكرة فأنجبَ دوريَّاً لمَّا يكمل فترة حضانته الجنينية ، وتتبعت مسار ولادته القيصرية ، وهو يشق طريقه غير آبهٍ بالأبواق الاعلامية الصاخبة ، فتحركت معه مياه رياضتنا الآسنة ، وشكَّل طوق نجاة لصفحة رياضية ، باتت في مهب رياح العزلة ، فاشرأبَّتْ له الأعناق فرحاً ، وتراقصت معه الجماهير طرباً ، وغنت لولادته نثراً وشعراً.
* أيها اللاعب قبل أن تركل الكرة بقدمك قم بركل كرة الأخلاق الرياضية أولاً ، وقبل أن تصوب سهامك الكروية إلى مرمى الخصوم ، قم باختيار تلك السهام بحيث لا تَجْرَحْ ولا تقدَحْ ، ولا تَفضَحْ ولا تَذبَحْ ، ولا تنزل بك إلى قاع الألسن فتُطْرَحْ ، لا تأخذ من قاموس الحياة إلا ما يساعدك على الظهور المثالي ، ولا تحفز من خصائصك إلا خصائص الردع السريع لكبح جماح الممارسات الخارجة عن قانون الكرة المتاح.
* واقع مرير أتى على أخضر الرياضة فأتلفه ، ومر بيابسه فنثره ووزعه وفرقه ، توقفت معه عجلات المؤسسات عن الدوران ، إلا عجلة المؤسسة الكروية تمردت وكسرت خطوط الرتابة والجمود ، ودارت في فلك الصمود فدارت معها الأسرة الرياضية حباً واحتراماً وعشقاً،
انطلق قطار الدوري وهو يرقب مشهد الختام النوعي ، وها هي عربة (تجمع عدن الكروي) تنطلق ، وهي تجر خلفها تقاليد رياضة عدنية بنكهة الياسمين ، وحلاوة الرمَّان ، لتعيد بسمة إلى شفاهٍ توارت ، في غياهب جب يوسفي ظمآن ، وتعيد لأقلام سلاستها التعبيرية ، بعد أن علاها ران الهجران ، وصدأ النسيان ، وها هي تعزف ترانيم الابداع ، لتحرك حبالاً صوتية خفت بريقها وتوارت خلف جدران الأحزان ، عربة كروية نقشت على بوابتها (معاً سنعيد رياضة زمان).
* أما آن لقطار الدوري أن يحمل على متنه كل من يؤمن بكفاءة الثقافة الكروية على بناء جيل كروي مختلف ، يقدم لغة الاحتراف على لغة الاغتراف ، وقد عزم على عدم التوقف إلا في محطة الختام ، ولكن إن اضطره شذاذ الآفاق على التوقف ، فهو لن يقف إلا في محطة الحب والوئام ، ومحطة التفاهم والانسجام ، ومحطة احترام المنافس كشريك يبدد الأوهام ويحقق الأحلام.
* أيها الإداري : هي منافسة ستبدأ وتنتهي بصافرة الختام ، فاجعل عبارة (الرياضة تجمعنا) ، شعارك على الدوام ، فلا تتخذ من هامشها معركة لفتح سجلات الانتقام ، ساهم بأفكارك بما يرفع مؤشر الجودة لتبلغ القوام ، ولا تشن معارك جانبية لتفريغ شحنات الكراهية ، فتفقد التقدير والاهتمام ، وقبل أن تطأ قدمك الملعب أفرغ ما في جعبتك من سهام النقد واستبدلها بورود الاحترام.
* أيها الإعلامي : قلمك حصانك إن أحسنت ترويضه صانك ، ونقلك إلى طبقات القبول العليا ، وإن أسأت ترويضه خانك وقذف بك إلى طبقات الرفض الدنيا ، وأرسلك على بساط نقده الجارح إلى مزبلة المعاتيه والحمقى ، فقلمك لا يقل عن أقدام اللاعبين ، فإما أن يساهم في اعتلاء الدوري منصة المجد المثالية ، وإما أن يدخله في فلك الغياب السريع ، فلا تختر من الحروف إلا أجملها ، ولاتضع من الكلمات إلا أميزها ، ولا تركِّب من العبارات إلا أنْفَسُهَا.