​ شلوا بقشكم وارحلوا

> انتصرنا على صرخة الحوثي وجحافل عفاش، وكبرنا، وسجدنا لله حمدا، وحسبناها معركتنا الأخيرة، وتخيلنا بأن الجنوب سيغتسل بهذا النصر من أحزانه، ويطوي صفحة جراحه، ويعيش في سلام، ولكن السياسة وتحالف الضرورة بعثروا أحلامنا، وجعلونا نعيش نفس الكابوس.
كل الذين (فحطوا)، وجروا مؤخراتهم وراءهم، عادوا بجواز الشرعية، ومن أهانهم الحوثي في صنعاء أصبحوا في عدن دولة، وكل فاسد سابق فصلوا له كرسي أكبر من الأول، وكل من هز ذنبه شخطوا له قرارا بمنصب، وأحقرهم منحوه راتب وسيارة وتذكرة، والسفيه اعتمدوا له صرفة، وتركوا لنا مرارة الحرب نتجرعها بحسرة، وعاقبونا، وجعلوا حياتنا أزمة لا تنتهي.

حشروا الجنوب في خانة صغيرة، وحاولوا نزع أنيابه، فجاءت اللحظة التاريخية، وتمخضت ميلاد المجلس الانتقالي، وشعرنا بأنه فتحٌ جديد، واخترنا القائد عيدروس رئيسنا، وفوضناهم لتقرير مصيرنا، وانتظرنا موعد زلزلتهم، ولكن قرارهم كان مربوطا، وحدودهم صغيرة، وخشينا أنهم رهنوا حريتنا بالوهم، وكادت تنطفئ جذوة قضيتنا، ويمسي حلمنا رمادا في مهب الريح. 

استقرت الشرعية في الجنوب، وباتت سلطتها واقعا، وأصبحت مقاومتنا بألف رأس، وأمسى البلطجي قائدا، ومات كم من "عاصر شنب"، وعاش الطراطير ملوكا، وسكنوا القصور، وزفت الجنوب أشرف رجالها إلى المقابر، ورقص الصعاليك في شارع الهرم!
كان علة بعضهم أشرف أن يتنحوا دون ضجيج، ولا تمس كرامتهم، ولا ننكر مواقفهم في حرب الحوثة، ولكن المقاومة واجب وشرف وليس صك ملكية، وقد نجد الخيانة تهمة كبيرة، ولكن كلنا يعلم الحقيقة بأن بعضهم كانوا عدما، وملكوا ثروة، والذي سرقوه في أربع سنوات يغنيهم من الجوع هم وأبنائهم وأحفادهم عمرهم كله. كما إن كثيرين وهبوا حياتهم لكي نتنفس الكرامة، وتركوا خلفهم أسرهم تلتحف السماء، وتتدين أراملهم (الراشن)، وأيتام أقصى أحلامهم لعبة ودفتر وحقيبة مدرسة!.. أفٍ لنا، نشك بأن ضمائرنا مازالت حية!

كل مرة نُطعن، وتنزف جروحنا، وبعد أن تسقط الأقنعة ونلعنهم ونبصق في وجوههم ونخرجهم من الخرم، يعودون من الباب الكبير، وبدلا من أن يستحوا ويحملوا (بقشة) نضالهم ويرحلوا من حياتنا، نجدهم يحكّون جلودهم بجدران المرحلة الجديدة، وتمر الأيام فيصبحون صوت القضية ورمز التضحية، والذين يدفعون مهر مواقفهم لقمة عيشهم وخبز أطفالهم لا يجدون مكانا في زحمة الانتهازية، فالوطنية لا يعقرها غير المرتزقة.

مازلنا نراهن على المجلس الانتقالي، فهناك فرق كبير بين من يلبس العزة وروحه وكفنه على كفه من أجل قضية شعبه، وبين من همهم السرقة ويسيل لعابها على راتب الجندي ويتدثرون بالجنوب ليستروا عورتهم!
شلوا بقش مؤامراتكم وفسادكم وارحلوا من حياتنا، ودعونا نضع نقطة، ونبدأ سطرا نظيفا، وندعو بالرحمة لشهدائنا، وبالشفاء لجرحانا، ونصلي لكي تكون هذه آخر قطرة دم جنوبية جنوبية تسقط. 

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى