قرابة قرن لكهرباء عدن!

> عبدالله ناصر العولقي

> مضى على دخول الكهرباء إلى مدينة عدن ما يقارب قرن من الزمان، حيث عرفت ذلك في منتصف عشرينات القرن الماضي، وكان حينها ذلك الحدث له وقعه البالغ في نفوس أهل عدن، فقد بعث التيار الكهربائي المتردد ثباتاً وطمأنينة في نفوسهم، كما نشر شعاع نور مصابيحه البهجة والسعادة في قلوبهم، وقد أضفى هذا الابتكار الساحر الذي انتشرت أسلاكه في منازل ومرافق المدينة طابعاً جديداً ورائعاً على عدن المدينة الصغيرة في امتدادها ومبانيها في ذلك الزمان، وبمرور الزمن اتسعت مدينة عدن ونمت مبانيها في الاتجاه الأفقي والرأسي معاً، وازدانت شوارعها بالمصابيح، وقد واكب ذلك النمو ارتفاع في مصادر الطاقة الكهربائية منح عدن حاجتها الكافية لتغطية جميع أحمالها.

وظلت عدن على تلك الحال عقوداً عديدة دون حدوث عجز أو انقطاع للتيار الكهربائي، بل توسع انتشار الكهرباء إلى مدن وقرى بقية المحافظات الجنوبية، ولم يسمع أبناء عدن في ذلك الزمن عن مولد طاقة كهربائية منزلي، ولا خازن طاقة أو غيره، فكل ما عرفوه هو مفاتيح التشغيل والإطفاء المثبتة على جدران المنازل، فانقطاع الكهرباء تتحكم به أيديهم بتلك المفاتيح فقط.

أما اليوم، ومنذ ما يقارب ربع قرن، خيم العجز في الطاقة الكهربائية على حياة سكان عدن، وشهدت استمرارية ذلك العجز زيادة في حدته كل عام، حتى أضحت الطاقة الكهربائية عبارة عن عدد من الجرعات المسكنة تمنح يومياً، فكل جرعة تستمر ساعة إلى ثلاث ساعات، ما تنفك تنتهي حتى تحل أوجاع الحر وكآبة الظلام، ويستمر الانقطاع في بعض الأحيان لوقت أطول من زمن الجرعة، وبالذات في هذه الأيام، فقد صار العجز مركّباً، بعد أن أضاف نفاد الوقود المخصص لمحطات التوليد عجزاً فوق عجز!

لقد وصلت معاناة الناس إلى حد لا يطاق، وأرهقتهم البدائل التي بحثوا عنها لتخفيف وطأة الحر الشديد، ومع ذلك فقد كسبوا خبرة في مختلف أنواع المولدات الكهربائية والمزايا في حجم طاقتها وأنواع وقودها، كما عرفوا خازن الطاقة وأنواع البطاريات وأحجامها المناسبة، وكذلك أحاطوا علماً بألواح الطاقة الشمسية التي راجت تجارتها، ولم ينقصهم سوى الاطّلاع على مولدات الكهرباء بالطاقة النووية ومعرفة إمكانية استخدامها في منازلهم!

لا أتصور أن العقل السليم يمكنه أن يستوعب تبريرات أو مزاعم مقنعة لهذا العبث بحياة المواطن وحرمانه من أهم الخدمات الأساسية، والتي يقع واجب توفيرها على عاتق الدولة، ومع العلم أن حل هذه الأزمة بيد السلطة، فمتى ما توفرت النوايا الصادقة والإرادة الحقيقية لدى السلطة لتمكنت من حلها، ولكنها تميل إلى بقاء هذا العجز في الطاقة الكهربائية، وأيضاً قيادة دول التحالف ومعها بقية دول الخليج الغنية المشاركة في التحالف العربي، وبعد ملامستهم لهذه المحنة عن قرب وشعورهم بمدى مشقتها على سكان عدن، وبالذات في الصيف الحار. ومع تواجدهم في عدن واطلاعهم على بواطن الأمور، لم يسعوا لوضع الحل الشافي والكافي، بل قدموا مساعدات وصرفوا مبالغ ضخمة ولكنها غير مركزة، وكانت مجرد حلول ترقيعية، من شراء مولدات وغيره، بينما الحل الحقيقي واضح، وهو بناء محطة كهربائية جديدة. ولكن، وكما يبدو، ليس من المفيد للسلطة أو قيادة دول التحالف أن ينعم الجمهور بالراحة ويتخلص من كابوس (طفي.. لصي)!.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى