رئيس مركز الفنون والثقافة والموروث الشعبي لـ«الأيام»: لدينا الكثير لإعادة الموروث

> حاورتها: أمل عياش

> الرقص ذاكرة الشعوب وأحد أهم الفنون التي تعبر عن مستوى الحضارة التي بلغها المجتمع، ولهذا الفن عشاقه الذين تماهوا معه فمنحوه أرواحهم قبل أجسادهم ليصعد هو بهم إلى منازل الرضى والتصالح مع النفس، ويمنحهم السكينة الروحية التي يعجز المال والجاه والشهرة عن بلوغها.
في بلادنا تتنوع الرقصات باختلاف التضاريس وكأن لكل تكوين جغرافي رقصات تتناسب مع طبيعته، لكن لابد لهذا الفن الخالد من عشاق جدد يحفظون بقائه من الاندثار. وهنا سنفتح صفحة جديدة من صفحات الفن.

"العلم في الصغر كالنقش في الحجر"، من خلال هذه المقولة نستطيع أن نسلط الضوء على مركز الفنون والثقافة والموروث الشعبي، ورئيسة المؤسسة المخرجة ومصممة فنون شعبية وباليه الكلاسيكية من خلال مشوارها مع الرقص في بدايتها كراقصه في الفرقة الوطنية للرقص الشعبي بمدينة عدن، التي كان لها صولات وجولات محلية وخارجية، ومثلت اليمن في المحافل الدولية.

استطاعت أن تنهل علم حداثة الرقص المتطور، كي تعود بعد غربة من بلد السويد إلى عدن لتنقل ما اكتسبته من الإبداع إلى جيل جديد.
رغم الصعوبات والعراقيل، استطاعت أن تجمع أطفالاً مبدعين لتربي فيهم الاحترافية، وتمنحهم ما أرادوا من خبرتها الإبداعية، نالوا وحققوا حلمهم بعزيمة وإصرار وتفاني، وكانت لهم عدة مشاركات، بهذا اللقاء البسيط نعرف أهمها:

ممكن نبذة تعريفية عن المؤسسة؟
* بدأت هذه المؤسسة بالبناء ورسم توجهاتها من فترة ليست قليلة، ونعمل بشكل رسمي على تنمية الفنون والثقافة والموروث الشعبي في المجتمع والحفاظ عليه ونشر الفنون والتراث للأجيال القادمة من خلال البناء وربط الموروث الشعبي بالفنون للحفاظ عليه وأيضاً وللتطوير ودعم الإبداع في شتى مجالاته، رغم شحة الإمكانيات.. ومن أهم الأهداف: رفع الوعي المجتمعي العام وتنمية الذوق العام بمكونات الموروث الثقافي، والمساهمة في رفع مهارات وقدرات المجتمع لتذوق أشكال الموروث الثقافي الفني، بالإضافة إلى توظيف مكونات الموروث الثقافي والفني لفتح مجالات التعليم والعمل أمام الشباب وتعزيز الاحترام والتقدير المجتمعي للمحترفين له، كما نسعى إلى توظيف مكونات الموروث الثقافي والفني لتعزيز حقوق الإنسان والسلم الاجتماعي وأخلاقيات التعايش السلمي وتقبل الآخر والبناء المجتمعي.

ما الذي يمكن تضيفيه للطلاب في معهد جميل غانم من خلال خبرتك الطويلة؟
* في كل الأحوال أقدر ألخص الجواب في سؤال، وهو هل إدارة معهد جميل غانم، ورغم كل العراقيل التي ترميها أمامي وأمام كل من يسعى ويعمل بجد من أجل التغيير للأفضل وبناء جيل جديد من الفنانين؟ أم ستظل الإدارة ترمي بالكرة على عبارة، سأمت منها، وهي الميزانية؟ وحين تتوفر الميزانية حتى تذوب في جيوب ما من شأنها إلا تدمير كل ما هو جميل في معهد جميل غانم. هناك من يركزون على إنجاح فساد عفا عليه الدهر وانكشف، وتزوير ودفن الإبداع قبل أن يولد. واعتقد هذا الوضع يحتاج إلى وقفة جادة ممن يدركون خطر الثقافة إذا كانت بأيادي غير أمينه للمهنة، وفاقد الشيء لا يعطيه.

خلال عام، ما هو نشاطكم من خلال المؤسسة؟
* في خلال السنة إلى الآن قدم المركز وشارك في مهرجانات التراث، في لوحات من التراث الشعبي، وكما شارك فريق المركز، تحت إشرافي وتدريبي، في مسرحية "الظل والهجير"، في عرض حديث تعبيري، وورشة عمل للمسرح الحديث وورشة عمل بالموروث الشعبي من غناء ورقصات شعبية في دار الأيتام، وأيضاً دورة خصصناها للمساهمين في المركز في الحاسوب، كما أنجزنا بدعم من الدائرة الثقافية للمجلس الانتقالي الفيديو التعبيري "الضوء الأسود 2"، والذي سوف يعرض في ستوكهولم، والجزء الأول عرض من سابق ونال استحسان الحضور، ومن الأعمال الخيرية زيارتنا لدار الأيتام وتوزيع ملابس للعيد. وقمنا بزيارة للمرأة الساحلية لرسم التعاون المشترك والخطط المستقبلية من أجل دعم التراث الساحلي، وقمنا اليوم باحتفالية خاصة بتوزيع شهادات الدورات المنجزة في الحاسوب وورشة العمل في المسرح الحديث لمجموعة من الشباب.. ومن جدول أعمالنا القادمة النشاط المدرسي ومهرجان خاص بالتراث والفنون الشعبية ودورة في الأعمال الحرفية والإبداعية ومسرحية للأطفال، واحتفال باليوم العالمي للطفل إخراج وتصميم أوبريت بعنوان ذكريات ومشاركات في الـ 30 من نوفمبر، عيد الاستقلال، كانت لي مشاركات، وليس بالأخيرة، قمت بتصميم وإخراج الاستعراضات المصاحبة لمسرحية "على حركرك" التي تعرض حالياً في قاعة ألف ليلة وليلة بمديرية الشيخ عثمان للمخرج المبدع والمتميز عمرو جمال.

كدراسة وخبرة.. ممكن تعطينا فكرة عن علاقة الرقص الجسدي المعاصر.
* هي أسلوب المعاصرة والحداثة ولغة للدراما في ترجمة النصوص مع الحركة، مما يعطي تصوراً وخيالاً واستيعاباً للمسرحية بأسلوب التعبير الحركي وإيصال رسالة المسرحية بمخاطبة الجمهور وخيال المشاهد، لغة الحركة أصبحت من الفنون المعاصرة لما فيها من جمالية وتصوير المشاعر ونهج فلسفي. إنّ للرقص الدرامي استقلاله الخاص والذي يعزى إلى تقديمه لنظام تخطيطي لما هو موجود، أي ما يرتبط بوجود الإنسان ونشاطه، في نهاية القرن التاسع عشر، بدأ الاهتمام يتحول في المسرح من اللغة المعروفة أو التقليدية إلى لغة خاصة به، وهي لغة الجسد، إذ بدأ المسرحيون الجدد يكتشفون ما للصورة والحركة من تأثير، والأدب والمسرح والتي اقترنت عادة بالتمرد والتحرر المدفوع برغبة التحدي، تحدي قدرة عناصر العمل المسرحي على التوحد في وحدة فنية كاملة، لذا يمكن القول بأن فهم الرقص الدرامي كعمل حداثي بوصفه شيئاً يحدث بصورة جمالية دائمة التحول أو بوصفه هدفاً أو واقعة مدركة تولد فائضاً من المعاني تنتجها آنياً جملة من العناصر المتفاعلة. والرقص عموماً، يعد أقدم الفنون وأعرقها، إذ يخاطب الآخرين بلغة الحركة للتفاعل مع المجموع والتعبير عن مظاهر الحياة. وعلى نحو يكون فيه المؤدي والمشاهد مشتركان معاً في إنتاج المعنى ضمن إطار الحدث ذاته، أو الطقس الروحي الذي يحيطهما. من هنا أكتسب الرقص المعبر خصوصيته وهويته الثقافية.

ما هو تعليقك على نظرة المجتمع للرقص الشعبي؟
* للأسف الشديد إن الجهل ما يزال مسيطر على كثير من الأفكار، رغم أن الرقص الشعبي يحمل معنى عميق في الحفاظ على ترابطنا وانتمائنا للمكان، وأقصد فيها هنا (الأرض)، ويجمع معنا كل تقليد طويل من الذاكرة الإبداعية لسنوات وعقود طوال.
للأسف وزارة الثقافة تتحمل المسؤولية في عدم الاهتمام الصحيح والبناء لهذا الصرح وإنما اكتفت إعلامياً بوجوده.

كيف تواجهون الصعوبات والعراقيل الحالية؟
* حتى في الظروف السابقة لم يكن الطريق معبداً وسهل العبور، فكم من صعوبات واجهتني ولا أرى فيها إلا عدم وعي من قبل فئات ضعيفة حاقدة حتى على نفسها، لهذا تحاول زرع الأشواك والتي تنقلب في معظم الأحيان لجرح من زرعها، لكني تعودت وعودت نفسي على الأمل والعمل. وكما تعرفون تمر البلاد بأوضاع صعبة، ولكن نحاول نتحدى الصعب بما هو مفيد لتراثنا، وننظر للجانب الإيجابي وسط العتمة، كما حدث أثناء تصوير فيلم (الضوء الأسود 2) يوم اغتيال الشهيد أبو اليمامة، كان حينها هناك خوف من المجهول، ولا نعرف ماذا يحدث غير سماع طائرات تحوم في السماء من أعلى مكان التصوير، والحمد لله نجحنا في التصوير وإخراج الفيلم، وسيتم عرضه لاحقاً.

هل هناك مشاريع مستقبلية؟
* قبل كل شيء، نريد أن تنتهي الحرب ويحل السلام والأمان، أما الطموحات والمشاريع فما زالت مستمرة، طالما الحياة تنبض فينا. نحتاج تعويض الكثير مما فقد في السنوات الماضية من طمس للهوية الفنية والثقافية، وخاصة في مدينة عدن. من طموحاتي أيضاً أن يعمل مركز الفنون والثقافة والموروث الشعبي على إسناد وتنمية الشباب وأخلاقيات التعايش بسلام وتعزيز دور حقوق الإنسان وبناء كل ما هو جميل للمجتمع، من أجل الرفع من المستوى الفكري والثقافي وأحياء الموروث الشعبي في الفنون وإعادة الروح فيها. بالإضافة إلى إيجاد فرقة قومية للفنون الشعبية وبناء مسرح وطني متكامل للكبار والصغار، ومن طموحاتي الاهتمام بالأطفال وجعل نافدة الفنون والثقافة تسهم في الفهم والإدراك في وعي جيل المستقبل.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى