هاجس سبتمبري

> عبود الشعبي

> بَعَثَ فخامة رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية برقية تهنئة لنظيره رئيس الجمهورية العربية اليمنية هنّأهُ فيها بمناسبة ذكرى الثورة 26 سبتمبر المجيدة!

* كذا كُنّا نسمع في نشرة الأخبار من راديو عدن.. ثم نُدِير الموجة على نشرة إذاعة صنعاء فنسمع.. تسلّم فخامة رئيس الجمهورية اليوم برقية تهنئة من نظيره رئيس جمهورية اليمن الديمقراطية الشقيقة بمناسبة حلول ذكرى الثورة ضد الحكم الإمامي الكهنوتي.

* وكان المستمع لنشرة الأخبار في الشطر الشمالي أو الشطر الجنوبي يشعر بطعم المناسبة، ويحس بانبعاثة ثورية في داخله، وتكبر في عينه أدوار المناضلين الأحرار الذين صنعوا المجد وفجّروا الثورة.

* اليوم بعد 57 سنة من عمر الثورة شاخت الفرحة وصارت المناسبة بلا لون ولا طعم ولا رائحة!

كأن أيام "الانفصال".. زمن "الوحدة" واتصال الأرواح بين الأشقاء.. زمن الزيارات المتبادلة المحفوفة بأشواق اللقاء وأثير العاطفة المرهفة!

* نتذكر أن أسواق الشطرين عند مناطق الحدود كانت مناسبة بهيجة لشراء السِلَع وتبادل المنفعة، وكُلّ يفرح بما يقتنيه من بضاعة وأغراض تبدو في نظر المواطنين من الشطرين مناسبة لإدخال السرور في قلوب الأُسَر والعائلات ما يزيد في الرابطة ويقوّي أواصر المحبّة.. فكانت وحدة الروح التي تمزّقت اليوم وعُمق الصِلَة التي تقطّعت في هذه الآونة.. بينما مات فينا الشَجَنْ ونحن نسمع.." من كل قلبي أحبّك.. يا بلادي"!

* اشتقنا لتلك الوحدة التي كنا نحس أنها تسري في العروق، كلما سمعنا عن وفود نزلت من صنعاء الى عدن، ووفود طلعت من عدن إلى صنعاء.. فقد نُقِلَ إلينا عن الأجداد أن الشمال هو "مَطْلَع" بينما كانوا يسمّون الجنوب "مَنْزَل" في مقاربة بين معنى الساحل والجبل!

* في طابور المدرسة كانت البداية.. شَغَف القلب بالثورة والوحدة والوطن.. "لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية".. ثم بدأ الحُب ينسحب عقب انتكاسة الوحدة منذ الأشهر الأولى عدا مُدّة قصيرة من الاحتفال بـ "بـــسكت أبو ولـــد" و "عصــير يمـــاني".. رأينا بعدها استلاب فرحة الشعب التي كانت ملأت روحه بـ "إعادة اللُحمة" بين الشطرين بحسب تعبير الزعيم الفلسطيني الكبير ياسر عرفات رَحِمَهُ الله.

* لقد بدأ صراع الكبار، علي البيض وعلي صالح، بعد أن استبد بنا "الشمال" وأبى إلّا أن يتسيّد علينا، قبل أن يأتي إليه عفريت من الإنس خرج للتو من قرية في مرّان ليتسيّد على الذي أراد أن يتسيّد علينا.. وصار اليوم ببركة دعوة جدّه الإمام السيّد المُفدّى الذي يجلس لمقابلته مبعوثون أمميون وشخصيات دولية مرموقة، كما ويهدّد كبريات شركات الطاقة العالمية بالقصف والتدمير!

* جاء هذا السيّد فسلب وغصب وشرّد ووزّع الموت على أمريكا وإسرائيل بالصرخة الشهيرة!

* كُنّا نود أن نحتفل اليوم بـ 26 سبتمبر في ظل الجمهورية الذي قيل إنها قامت في 62م وبحضور وفد جنوبي إلى صنعاء لإقامة مهرجان في ميدان السبعين ونردّد مع الشاعر الثائر "دمت يا سبتمبر التحرير يا فجر النضال".. كان أحسن من هذه "الوحدة" التي قسّمتنا أشطارا.. ورجّعتنا أصفارا!

* تصوّروا في عهد الوحدة المزعومة سيحتفل أشقاؤنا في تعز بعيد الثورة دون مشاركة جنوبية على منصة ساحة الحرية رغم وجود طريق عدن ـ تعز منذ عقود.. يحصل هذا بعد 29 عاماً من قيام ما يسمى بالجمهورية اليمنية!

* تخيّلوا فريقا من الانتقالي وفريقا من الشرعية كُلا منهما يحجز لنفسه ركنا في مدينة جدّة، وأبوا أن يتقابلوا في الزمن الوحدوي العاثر إلّا بحضور وسيط يوجِّه ويضغط!

* ماذا استفاد الحوثي من شتات الوحدة وفشل مشروعها؟!

لقد استعاد مملكته المفقودة حتى أصبح ما يسمى بالجمهورية اليمنية أرضاً سائبة بلا ثورة بلا وحدة بلا دولة بلا شرعية!

* وسبتمبر مجيد وكل عام وأنتم في بلاد "الشطرين" و "الحرمين" بخير!!

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى