الحديدة.. تربية المواشي مصدر دخل رئيسي لكثير من الأسر

> تقرير/ خاص

> يتمسك التهاميون بمحافظة الحديدة، وفي مقدمتهم كبار السن، بمهنة تربية الأغنام إلى جانب مهنتي اصطياد الأسماك والزراعة كمصادر أساسية للعيش.
وتزايد اعتماد أبناء هذه المدينة حالياً على الثروة الحيوانية بعد أن وجدوها مهنة مربحة، نتيجة لتوقف استيراد الماشية من دول الجوار بفعل الحرب وقطع الطرق الداخلية.

وتتميز مدينة الحديدة بمنازلها الشعبية والتي تتوسطها باحات ترابية فسيحة يحجز السكان منها مساحات بألواح خشبية أو الصفيح كمأوى للأغنام.
وفي الوقت الذي يربي فيه بعض المواطنين المواشي كأضحية أو لذبحها في المناسبات وفي مقدمتها الأعراس، يجد في ثمنها آخرون مصدراً أساسياً لتوفير متطلباتهم من المواد الغذائية والاستهلاكية وغيرها.

لم تقتصر تربية الأغنام حالياً على الأرياف وحسب، بل بات الكثيرون من سكان المدينة يهتمون بتربيتها، فمجرد المرور بالأزقة الضيقة في الأحياء سرعان ما تفوح روائح روث المواشي مصحوبة بأصواتها التي تملأ المكان، فيما ينتشر الرعاة مع أعداد كبيرة من الماعز والضأن في الشوارع بحثاً عن بقايا الأكل والعلف وغيره من مخلفات القمامات.

مصدر دخل
ويحرص حسن المروعي، وهو راعٍ لقطيع من الماعز، كل صباح على أن يجوب بمعية قطيعه شوارع المدينة والحارات حيث تتجمع النفايات ومخلفات المطاعم، لعدم تمكنه من شراء العلف.
ويشير المروعي إلى أنه بدأ تربية المواشي بماعز ورضيعها في حوش بيته، اشترتهما زوجته بثمن قطعة ذهب صغيرة قبل أن تتكاثر تلك الأغنام.

ويضيف في حديثه لـ«الأيام»: "أجدادنا عاشوا رعاة في الجبال والأدوية والسهول، وحملنا بعدهم هذه المهنة إلى قلب المدينة".
الخالة سردودة (70 عاماً) سكنت المدينة منذ طفولتها وهي من وادي سردود، كان والدها من أكبر الرعاة في الوادي ويملك ثروة حيوانية كبيرة من الماشية، قررت أن تواصل مهنة والدها ومازالت رغم كبر سنها تمارس مهنة أبيها، وحالياً تعيش في منزل ولدها تعتني بخمسة رؤوس من الماعز.

وتقول لـ«الأيام»: "ما أقدر أعيش بلا مواشي.. أصواتهن رافقت سمعي منذ كنت طفلة".
بعد كل ظهيرة تجوب هذه الحاجة الحارة لتجميع ما زاد من المأكولات بمنازل الحارة وجيرانها، كحل بديل عن الأعلاف التي عجزت عن شرائها.

ويحرص جيران سردودة بعد كل وجبة غداء على تجميع بقايا الأكل والزائد في أوانٍ وأكياس وينتظرون مجيأها إليهم.
وتضيف: "سكان حارتي لو مرضت وما قدرت أمر لبيوتهم يجمعون ما تبقى من أطعمتهم ويرسلون بها إليّ مع أطفالهم، ومن يزرعون الأعلاف يعطوني نصيبي منها في وقت الحصاد".

زراعة الأعلاف
ونتيجة للحرب التي تسببت بارتفاع أسعار الأعلاف والخبز المجفف، لاسيما بعد طول الطرق التي باتت تربط المدينة مع الأرياف والأودية، لجأ الكثير من السكان إلى زراعة الأعلاف وغرس بعض الأشجار في المساحات الترابية في الحارات وأمام المنازل لإطعام مواشيهم إلى جانب ما يحصلون عليه من الأطعمة من المنازل.
وبهذا أصبحت الحديدة المدينة الوحيدة التي يحتضن حضرها ثروة حيوانية تتربى في المنازل على خلاف مدن اكتسحتها مظاهر التحضر وأفقدتها أصالة القدم وماضي الأجداد.

ففي الليل تسمع أصوات الأغنام في الأحياء والحارات الشعبية، خصوصاً مع الهدوء الذي يسكنها مساء، فيما تفوح رائحة مخلفاتها وكأن المكان ريفيّ بامتياز.
ويفضل الكثير من أبناء المحافظة شراء رؤوس الأغنام وذبحها في الأعراس وغيرها من المناسبات على خلاف بعض المناطق والمدن ممن يفضلون ذبح الأبقار.

وأوضح حمدي، الذي يستعد للاحتفال بزواج أبنائه، أنه يستعد في الوقت الحالي لشراء عدد من رؤوس الماشية من سكان حارته، ممن يهتمون بتربيتها، لإقامة الوليمة وتقديم وجبة الغداء للضيوف.
ويضيف لـ«الأيام»: "بات من الواجب ذبيحة في كل أعراس المدينة، قدر المستطاع".

تكافل اجتماعي
وتمتاز هذه المدينة ببساطة أهلها وبالتكافل الاجتماعي، سواء في الريف التهامي أو في الحضر.
تقول مسك علي: "الذي هوّن علينا الحرب ودماره هو تعاون بعضنا مع بعض في كل شيء، وإذا ما رغبت بماشية أو جدي صغير أفضل أن أشتريه من جاري من أن أذهب إلى السوق.. أهل حارتي يتعاونون في الأسعار وكل شخص يخدم الآخر، خصوصاً في المناسبات".

صعوبة في جلب الأعلاف
قبل أن قطع خط "كيلو 16" كان دخول أي شيء إلى المدينة ممكناً وسهلاً وغير مكلف بالمال والوقت، وفي السنوات الأخيرة قبل الحرب فتح الكثيرون محالاً خاصة ببيع الأعلاف التي تأتي من أرياف وقرى المحافظة البعيدة، وشجع سعر الحزمة الواحدة والمقدر بمائة ريال، قبل خمس سنوات، الكثير من الناس في المدينة على تربية المواشي، غير أنه وصل سعرها في الوقت الحاضر إلى ثلاثمائة ريال، بعد أن أصبح جلب الأعلاف صعباً ومكلفاً.

يقول محمد سالم: "محلات الأعلاف أغلقت وقليل منها يقاوم الصعوبات والظروف ممن يمتلكون مركبات ومزارع".
ويتابع في حديثه لـ«الأيام»: "على الرغم من بُعد الطريق وتعرض بعض المزارع للدمار والخراب بفعل الحرب إلا أن كل السكان مازالوا متمسكين بتربية الماشية".

ويضيف: "قبل قطع الطريق كان البعض يذهب على متن أي شاحنة أو مركبة ويعود بنفس اليوم محملاً الكثير من الأعلاف، ولكن حالياً، ونتيجة لطول المسافة بين المديريات والمدينة، اكتفى تجار الماشية في الأرياف ببيع المواشي في أسواق تلك الأرياف، وفي حال باعوها في أسواق المدينة فعادة يكون سعرها مضاعفاً وهو ما جعل الإقبال عليها ضعيفاً".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى