> «الأيام» رواها 360:

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، تتجدد معاناة اليمنيين في مختلف المحافظات، في ظل ظروف معيشية واقتصادية قاسية، وتدهور غير مسبوق في سعر صرف العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الأضاحي، وجعل شراؤها حلمًا بعيد المنال لأغلب المواطنين، حتى في مناطق خاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، مثل مدينة تعز وعدن.
  • انهيار العملة يفاقم الأعباء
يشهد الريال اليمني تراجعًا مستمرًا في قيمته، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث تخطى سعر صرف الدولار حاجز الـ2400 ريالًا يمنيًا، فيما وصل الريال السعودي إلى أكثر من 650 ريالًا. هذا التدهور انعكس على كافة أسعار السلع والخدمات، بما في ذلك المواشي، التي تُعد تقليدًا دينيًا واجتماعيًا بالغ الأهمية خلال عيد الأضحى.

في مدينة تعز، اشتكى عدد من المواطنين من الارتفاع الجنوني في أسعار الأضاحي هذا العام، مقارنة بالعام الماضي. وقال المواطن عبد الله منصور: "الوضع أصبح لا يُحتمل. كنا نقتصد طوال العام على أمل شراء أضحية، لكن الأسعار فاقت قدرتنا".
  • أسعار خيالية للمواشي
أوضح تاجر مواشي في تعز، أن أسعار الخراف والماعز تتراوح حاليًا بين 250 ألف إلى 400 ألف ريال يمني، بينما كانت لا تتجاوز 300 ألف العام الماضي. وأضاف: "السبب الرئيسي هو تدهور العملة المحلية، فنحن نستورد الأضاحي بالدولار أو الريال السعودي، وحتى التي نشتريها من الداخل فإن نقلها من المحافظات الأخرى يكلف كثيرًا، وكل ذلك ينعكس على السعر النهائي للمستهلك".

أما بالنسبة للأبقار، فقد وصل سعر الثور إلى ما بين 4 إلى 6 آلاف ريال سعودي، بزيادة تقترب من 400 ريال سعودي عن العام الماضي، ما يجعلها خيارًا غير مطروحٍ للغالبية الساحقة من اليمنيين.
  • غياب الرقابة الرسمية
وبحسب التفاصيل، لم تحدد السلطات بعد أسعار المواشي في الأسواق والمسالخ، رغم تحديد سعر الكيلوغرام من اللحم بـ15 ألف إلى 18 ألف ريال. ويشير إلى أن ارتفاع الأسعار يخضع لعوامل متعددة، أبرزها التكاليف المرتبطة بالنقل، والاستيراد، والتغذية، إلى جانب هشاشة الرقابة على الأسواق.


ويشتكي المواطنون من غياب الإجراءات الحكومية التي تكبح جشع بعض التجار، وتترك الأسواق لتقلبات العرض والطلب، دون وضع سقف سعري أو رقابة فعلية، خصوصًا في المناسبات الدينية.
  • عدن ليست أفضل حالًا
في العاصمة عدن، تتكرر المأساة، بل وتزداد حدة في ظل الانهيار السريع للعملة، وفشل السياسات النقدية للحكومة، ما أدى إلى موجة غلاء طالت اللحوم والخضروات ومستلزمات العيد الأساسية. وقالت أم أحمد، وهي ربة منزل من مديرية الشيخ عثمان: "حتى قبل العيد لم نعد نشتري اللحم إلا مرة كل شهر، واليوم نسمع أن الخروف بأكثر من 300 ألف، من أين لنا بهذا المبلغ؟".

ويؤكد تجار المواشي في أسواق عدن أن العرض هذا العام أقل من السنوات الماضية، بسبب ضعف القدرة الشرائية للمواطنين، وارتفاع تكلفة الشحن والنقل البحري والبري، إضافة إلى الرسوم المفروضة في الموانئ والمنافذ الجمركية.
  • تدهور الوضع المعيشي
يربط اقتصاديون بين تدهور الوضع المعيشي للمواطن اليمني واستمرار الحرب والانقسام المالي بين صنعاء وعدن، حيث تُطبع العملة في مناطق الحكومة، بينما ترفض سلطات صنعاء تداولها، ما أوجد سوقين ماليين بسعرين صرف مختلفين. كما أن توقف تصدير النفط – وهو المورد الرئيسي للعملات الأجنبية – بفعل هجمات الحوثيين على الموانئ، فاقم من أزمة النقد الأجنبي في المناطق المحررة.

ووفق تقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 80 % من اليمنيين بحاجة إلى مساعدات إنسانية، فيما يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر المدقع. ويُضاف غلاء الأضاحي إلى قائمة طويلة من الأعباء اليومية، التي تبدأ من انقطاع الكهرباء، وانعدام الوقود، وتدهور الخدمات الصحية والتعليمية، ولا تنتهي بعجز الرواتب في بعض المؤسسات.
  • رمزية العيد تتلاشى
كان العيد بالنسبة لليمنيين مناسبة لتجديد الروابط الأسرية وإحياء التقاليد، لكن مع الظروف الحالية بات يمرّ كأي يوم عادي. يقول عبد الرقيب، موظف حكومي في تعز: "كنا نفرح حين نشتري الأضحية ونرى الأطفال يمرحون حولها، اليوم حتى الملابس الجديدة صرنا نعجز عن شرائها".


ويضيف: "الراتب لم يتغير، لكنه لم يعد يساوي شيئًا أمام أسعار السوق. كل شيء تضاعف، ما عدا دخل المواطن".
  • أمل محدود بحلول قريبة
وسط هذه المعاناة، تتعالى الدعوات للحكومة باتخاذ إجراءات حقيقية لضبط السوق، ودعم المواطن، ورفع الرواتب، والحد من الانهيار الاقتصادي. كما يطالب المواطنون بفتح منافذ لاستيراد المواشي بشكل مباشر للمستهلكين، أو توزيع دعم غذائي ومالي للفئات الأشد فقرًا خلال موسم العيد.

لكن حتى الآن، تبقى هذه الآمال مؤجلة، ما يجعل عيد الأضحى المقبل – بالنسبة لمعظم اليمنيين – مجرد ذكرى لزمن كان بإمكانهم فيه شراء أضحية ورسم البسمة على وجوه أطفالهم.

مع اقتراب عيد الأضحى المبارك، يعيش اليمنيون – في تعز وعدن وسائر المحافظات – تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، حوّلت طقوس العيد إلى عبء ثقيل على ملايين الأسر التي تعاني من انهيار العملة وارتفاع الأسعار وتدهور مستوى المعيشة.

فإلى جانب الغلاء الكبير في أسعار الأضاحي، يشتكي المواطنون من الارتفاع الجنوني لأسعار الملابس، والتي كانت تمثل رمزًا لفرحة العيد، خاصة للأطفال. تقول أم علي، وهي أم لثلاثة أطفال في مدينة عدن: "في السابق كنا نشتري ملابس العيد كاملة لكل طفل، اليوم بالكاد نشتري قطعة واحدة، وبعض الأسر تكتفي بما تيسر أو تعيد تدوير الملابس القديمة".

وفي أسواق تعز، تشهد محلات الملابس ركودًا كبيرًا رغم اقتراب العيد، حيث يشير البائعون إلى انخفاض الإقبال مقارنة بالسنوات الماضية. يقول فهد القباطي، أحد تجار الملابس في تعز: "تكلفة الشحن والجمارك ارتفعت، والدولار تجاوز 1700 ريال، والمواطن لم تعد لديه قدرة شرائية، والنتيجة أن السوق ميت".

ويؤكد مواطنون أن أسعار ملابس الأطفال تضاعفت، إذ يتراوح سعر الطقم الواحد بين 20 إلى 40 ألف ريال، وهو مبلغ يعادل راتب أسبوع كامل لكثير من الموظفين، إن لم يكن أكثر.

وبين غلاء الأضاحي، وارتفاع أسعار الملابس، تتراجع مظاهر الفرح في العيد. يختصرها المواطنون اليوم بعبارة واحدة: "العيد فرحة.. لكن ما بقى شيء يفرّح". ورغم محاولات الأسر اليمنية التمسك بمظاهر العيد، إلا أن الظروف الاقتصادية القاسية تلقي بظلالها الثقيلة على كل تفاصيله، وتحيل الفرحة إلى مجرد ذكرى.