«ألف العنيد».. قصة قصيرة

> سالم فرتوت

>
يصر العنيد ابني، التلميذ بالصف الثاني الابتدائي، على أن إبقاء الألف في كلمات حذفها المقعدون من بعض الكلمات مثل هذا ولكن! وضع المعلم قلم الرصاص بين إصبعيه وضغط وهو يقول له: (ذلك ما كان يفعله والدك بي عندما أخالف القاعدة). قال لي المعلم ذلك. حتى ذلك يكتبها العنيد بألف. حاولت معه.. أمسكت بإذنه:(يا بني آدم انك
تخالف القواعد). نظر إلي برباطة جأش وتحد وعتاب، فقال فاتحا فمه عن آخره كما كنت أفعل معه عندما كان يهمل ألف المد: (هاذا.. لاكن.. ذالك فيهن مد ليش نذقتوا به يا باه)؟! (نذقتوا يعني رميتم)
(يا بني هذه الكلمات هناك اتفاق على كتابتها بدون ألف! لقد أحرجتني فأنا مدرس لغة عربية وأنت بليد في الإملاء حرام عليك).

(ومش حرام يا باه حرمان هذي الكلمات من ألفها).
(وأنت مالك؟ اكتبها كما الناس)!

لم أجد استجابة منه.. إذ عدت أملي عليه قطعة الإملاء التي تحوي كلمات أسقط المقعدون ألفها، ولكنه أعادها لها هو.. مزقت الكراسة التي كتب فيها بخطه الجميل القطعة، وكان خطؤه في تلك الكلمات التي فرض عليها أن تكتب بدون ألف: صحت به: (هل أنت حمار؟ أما تفهم؟).
لم يبك كان عنده قدرة على تحمل الألم والشتم، إذ يقابل ذلك بصمود وعلى وجهه وعيد وتحد يقول: (أنت تستقوي عليّ لأني طفل بعد. حسنا سأكبر وسنرى).

تأملته لحظات: (اسمع يا بني! إنك تخرق القواعد)!
رفع عينيه إلي مستفزا وقال فاتحا فمه عن آخره: (هاذا.. لاكن.. ذالك. فيهن ألف يا باه!) أنتو تكتبوهن غلط! وإلا احذفوها من كل الكلمات. حرام تفرقوا بينها).
صحت وأنا أتلفت يمينا ويسارا مستثارا، أبحث عمن يقنع العنيد بالالتزام بالقاعدة: (إن مدرس العربي يشكو من إصرارك على كتابة تلك الكلمات بالألف. مخالفا القواعد. اكتبها بدون ألف)!

رد علي: (هل إبقاء ألفها غلط أو حذفه..)؟ كتب هذا ولكن وذلك بدون ألف وقرأ هن هذى لكن ذلك دون مد وقال. الصح هو أن نكتبهن بألف).
نهضت خارجا من البيت لا تنفس هواء في الخارج وأنا أتساءل. هل إعادة الألف إلى تلك الكلمات هو الصح أم الصح الالتزام بذلك الاستثناء؟ كان الوقت أصيلا وهبت أنسام ارتياح علي نالت من غيظي.. هززت رأسي مستحسنا إصرار العنيد على مخالفته القواعد الرسمية. فقد قال لي بشجاعة: أنا حر أكتبها بالألف أو بدونه.. عدت سعيدا إلى المنزل، والعنيد كما نلقبه يغتسل في الحمام سعيدا لأنه سينطلق للعب مع الصغار، وكالعادة سيخالف قواعد ألعابهم ويأتيني الصغار شاكين منه. وهذه مشكلة أخرى سببها تمرده.

صحت قائلا: (أنت حر يا عنيد فلا تحرم كلماتك من ألفها).
قال من داخل الحمام: (أعطني المصروف)! فأضحك الجميع.​

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى