محمد عبده زيدي.. تنوع جميل في الألحان العاطفية والوطنية

> مختار مقطري

> هو صاحب الصوت الشجي، المتصبب حزناً له كبرياء، والمنطلق بصبوات مقيدة، يلحن فتشعر بالنشوة، ويغني فتشعر بالشجن، وفي الحالتين تشعر بالسعادة، لإحساسك أن حزنه جزء من حزنك.. وأن شجنه هو شجنك، وأن أغانيه العاطفية تعبر عن عواطفك، فهو فيها محب صادق، وكلماتها لبساطتها تلامس ذاتك، "فقدان لك" عبارة كلنا نرددها، "السعادة ذقتها في قربك أنت" ومن منا لم يشعر بالسعادة بقرب الحبيب، "يا حبيب العمر أحبك"، والحب الصادق يجعلك تشعر أن حبيبك أغلى منك.

واستمع إليه يهمس همساً ذائباً بأغنيته الخالدة "أحن إليك"، وكأنه يغني ولا يريد أن يسمعه أحد، وهو يبوح بحنينه بهمس أيضا في أغنيته "أيام تمر"، فحنينه خاص به وحده، يمتد بامتداد عمره، وطول عشقه وحزنه الطويل، حملته أمه من حوطة لحج بعد وفاة والده وهو طفل صغير، وهاهو الطفل الصغير يودع المدينة التي ألفها بحواريها وأزقتها وبساتينها، وجيء به لمدينة كبيرة ومخيفة اسمها كريتر، شوارعها طويلة ومزدحمة وجباله شاهقة وقريبة من حوله وبحرها عميق ومخيف، فكان لابد له أن يشعر بالوحدة والخوف، وأضيف إليهما الخجل وهو في الابتدائية، لأن أمه كانت تعمل (فراشة) في مدرسته (مدرسة بازرعة)، وقد زال شعوره بالخوف بعد أن أحب مدينة كريتر وعشق عدن، وزال شعوره بالوحدة بعد أن بدأ يمارس هوايته الموسيقية في مدرسة بازرعة، عازفاً على آلة الكمان، واستعاد توازنه النفسي وتخلص من بعض خجله عندما أصبح عضوا في فرقة أحمد قاسم التجديدية عام 1964، ولم يستطع الخلاص من كل الخجل بسبب أصابته بالعرج، صاحبها حزن ثقيل جراء قصة حب مأساوية وهو شاب. وطوال هذه المراحل لم يفقد إحساسه باليتم.

لكنه في أغانيه الشعبية صاحب إيقاع سريع وراقص مثل "الشك عني يبعدك"، "أنت فين واغزير السلا"، "الدودحية" لأن الذي يغني فيها هو الشعب وليس هو، وفيها الجملة الموسيقية الفرائحية، مثل "أنت فين واغزير السلا"، فالشعب كله يريد أن يغني ويرقص.
وتجده في ألحانه الوطنية سريع الإيقاع بصوته القوي، وصوته يصدح بقوة وانفعالاته قوية وثابتة مثل "يا سلام يا تلالي"، و "يا فاتنة والمباسم".

وهو في أغنيته العبقرية عن الشهيد صاحب صوت حزين يجرح النفوس بالألم، وفي لحنه لرجاء باسودان "زي بعضه" في الستينيات صاحب اتجاه تجديدي شبابي.. وهو في ألوانه واتجاهاته العاطفية والشعبية والوطنية فنان مستقل في هويته الفنية ومجدد ومتجدد العطاء، تأثر بأستاذه ومعلمه الأول أحمد قاسم لكن المعلم لم يسيطر عليه.

إنه الفنان العدني الكبير الراحل.. محمد عبده زيدي (1944 - 1993).

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى