عبدالكريم توفيق.. صوت الحب والحنين

> مختار مقطري

> لحج.. الحوطة والمزارع والقرى المحيطة بها والحسيني.. دار العرائس

دارَ العرائسِ كم تحلو حكايانا

وكم يطيبُ لنا أن نُرسل الدانا

من أي عهدٍ رعاك الله كنت بهِ

للشعرِ داراً وللأنغامِ بستانا

هنا.. في هذا المكان، الحوطة.. الحب الذي لا يموت، ولا يموت فيه الحنين، تجدهما نابضين في مئات القصائد في دواوين شعرائها وفي دواوين الشعراء الذين زاروها.
والحب موجود في قلوب بنيها، وفي هذا المكان متسع الأفق على امتداده، فلا جبال ولا هضاب، وإنما طيور تغرد وتتغنى بالحب، وزهور تفوح بالحنين عطراً.. ومطرب واحد لا يغني إلا للحب.. اسمه عبدالكريم توفيق.

طفل في نحو العاشرة من عمره، له صوت ساحر، صوت بلبل محب وكروان يستبد به الحنين، كأنه ناي وكمنجة معاً، ناي حب وكمنجة حنين، عشقته لحج وعدن وأبين، وانتقل صوته على بساط منسوج بزهر الحب والحنين إلى كل محافظة جنوبية وإلى خارج الوطن.

وهو صوت صاحبته موهبة فنية كبيرة ظهرت لديه مبكراً، وإحساس ذائب بالنغم، يستوعب الأنغام سريعاً ويرتشف الألحان ارتشافاً، فتبارى إليه الشعراء والملحنون، وكان ذلك في ظل نهضة فنية تشهدها الحوطة، فحرص أن يسهم فيها، وكان له إسهام كبير، هو دوره الوطني نحو الجنوب كله، وليس الدور الوطني أن تحمل السلاح أو تمتهن السياسة أو تغني أناشيد سياسية، فأن تكون مبدعاً فأنت وطني، وقد كان بن توفيق ملتزماً للحج وللفن اللحجي ولأساتذته الكبار الذين تعلم منهم أصول الفن اللحجي، فلم يغنّ لحناً ينتمي لمدرسة أخرى. وله أغانٍ غناها كثيرون غيره، فلم يبلغوا أداءه وكانت شحنات الحب والحنين أقل وأبلغ تأثيراً في صوته، لأنه تعلم الغناء من طيور الحوطة وحماماتها مثل (يا أمير الغيد، غيب والا احضر، يا قلبي الجريح لوعتي، بو العيون السود.. تقول العين ذا ملكي، وغيرها).

وكان بن توفيق شخصاً متواضعاً يحبه الناس ويحب كل الناس، لكنه كان معتداً بفنه وفخوراً به، ويعرف قدره العظيم، لذلك لم يكن يغني سوى أغانيه، في الحفلات العامة والأعراس وسهرات التلفزيون.

رحم الله فناننا الكبير عبدالكريم توفيق.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى