السيول عزلت قرى بالقبيطة عن العالم وخلفت أضراراً في الأراضي والآبار

> تقرير/ سليم المعمري

> تعرضت قرى (الرماء) و(فحميم) و(العشة) و(المبرك) بمديرية القبيطة محافظة لحج لأمطار غزيرة وسيول أدت إلى جرف الأراضي الزراعية وألحقت دماراً في الطرقات وخلفت معاناة وأوجاعا لا ترى بأعين مسئولي حكومة مترفة داخل فنادق الخمسة نجوم، فيما تتذرع السلطة المحلية بالمديرية بـ "شحة الإمكانيات".
لم يجد أهالي هذه المناطق أي تجاوب أو تحرك من قبل السلطات الحكومية، حيث استمرت السيول تحاصر بعض المناطق لأيام في الأسبوع الماضي ومازالت أغلب الطرق مقطوعة حتى اللحظة.

يقول المواطن علي مانع، أحد أبناء منطقة الرماء: "كل شيء انتهى بسبب المنخفض الجوي والأمطار الغزيرة.. حرثنا أرضنا وأتت السيول على كل شيء، دمرت الأراضي الزراعية وجرفت الطرقات وانتهى المحصول الزراعي بالكامل".
يضيف مانع: "لجأنا إلى استئجار (شيول) لإصلاح بعض الأضرار التي لحقت بالطرقات والأراضي، وتطلب ذلك دفع مليون ريال فقط تكاليف وقود الديزل لوصوله إلى المنطقة ومن ثم أصلح بعض الأراضي، والساعة بخمسة وعشرين ألف ريال، أنا لوحدي تكبدت خسارة وصلت إلى 500 ألف ريال، ثم أتت السيول وجرفتها مرة أخرى".

ويضيف: "أصبحنا فقراء لا أحد يلتفت إلى معاناتنا أو يقف إلى جانبنا ويدعمنا، ونحن بدون رواتب، وخسارة المواطنين اليوم بعشرات الملايين، ونتمنى من الجهات الحكومية والتحالف وقيادة المحافظة أن يلتفتوا إلى حالنا".

منذ ثلاثة أسابيع يعاني الأهالي في منطقة "فحيم" من حصار خانق بعد أن تحولت إلى منطقة معزولة، نتيجة لأضرار السيول التي ألحقت خرابا بالطرقات المؤدية إليها، ويضطر المواطنون هنا إلى نقل المؤن فوق رؤوسهم، حتى أمين عام المديرية الذي زار المنطقة اكتفى بإعلانها منطقة منكوبة وأبلغهم أنه لا يستطيع تقديم شيء بسبب عدم توفر الميزانية لديه.

تدمير
يشير عزام فاروق عبدالله إلى مدخل منطقة "الرماء" وهو يتحدث إلى "الأيام": "هنا بقي المسافرون في نجد ثوجان لمدة يومين، تحاصرهم مياه السيول وكانت الأسر تمشي ليلاً مسافة 10 كيلو مترات سيرا على الأقدام للوصول إلى مناطق (النويحة) و(الكعثل) و(المداكشة) و(الرماء) و(العشة)".
وأضاف: "الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة أدت إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، حيث توفت امرأة في منطقة قنقنان غرقا في السيول وهي بجانب منزلها تحاول إعاقة تدفق السيل إلى داخل المنزل، فجرفها السيل وتوفت ولم يعلم الأهالي إلا بوجودها جثة هامدة في مجرى السيل".

الدكتور مصطفى عبدالله محمد، أمين عام المجلس المحلي بالمديرية السابق، يتحدث لـ "الأيام" قائلا: "تسببت الأمطار والسيول بجرف التربة وتدمير جدران المدرجات الزراعية وإتلاف المحاصيل الزراعية الموسمية التي يعتمد عليها السكان، كما أدت إلى قطع الطرق الرئيسية المؤدية إلى هذه القرى وخاصة قرى (الرماء) و(فحميم) و(عراصم) و(العشة) و(المداكشة) وغيرها من القرى في العزلة".

وأضاف: "تضررت المنازل في هذه القرى بشكل كبير، ودُفنت الآبار الخاصة بالمياه، كما أدت السيول إلى إلحاق أضرار كبيرة بالمرافق الحكومية وخاصة المركز الصحي الوحيد بعد أن دخلت إليه المياه من كل جانب وهو الوحيد الذي يأتي إليه المرضى من كل مكان رغم افتقاده لأبسط التجهيزات الطبية اللازمة لإسعاف المواطنين".

وتابع قائلا: "أدت الأمطار إلى قطع الطرقات التي بعضها لازال مقطوعا إلى الآن وهي طريق (الرماء، فحميم، طورالباحة)، وقد قام الأهالي بمحاولة لفتح طريق (الرماء، ثوجان، الراهدة) إلا أنها مهددة بالانقطاع التام نتيجة لتهدم الجدران وجرف التربة مما يجعل السيارات تعبر من خلالها بصعوبة، وهناك طريق (الرماء، المبرك، عراصم، العند) مقطوعة بسبب شدة الأمطار وجرف الطريق، وهذا أدى إلى عزل المنطقة وتحولها إلى جحيم يصعب العيش فيها، كما يواجهون صعوبة في نقل مرضاهم للعلاج خارج المنطقة".

وواصل بالقول: "حجم الكارثة كبير ولا يستطيع الأهالي إعادة ما جرفته السيول من الأراضي الزراعية ولا إصلاح الطرقات إلا بمعدات ثقيلة، ونناشد السلطة المحلية بالمديرية وأيضا السلطة المحلية بالمحافظة والمنظمات المعنية وضع حلول وتقديم مشاريع لإصلاح مجاري السيول وتلمس معاناة الناس في المنطقة".

وطالب الأمين العام السابق توفير المساعدات والمعدات لإعادة الأراضي وإصلاح الطرقات والمرافق الحكومية المتضررة، كما توجه بمناشدة عبر "الأيام" إلى المنظمات الإنسانية للتدخل لمساعدة المواطنين التي تضررت أراضيهم ومحاصيلهم الزراعية التي يعتمدون عليها حتى تخفف من معاناتهم، مثمنا جهود "الأيام" في الوصول إلى المنطقة وقال: "صحيفة "الأيام" منبر كل حر وعون كل مظلوم وصوت كل مقاوم، وأتمنى أن توصل رسالة أبناء المنطقة، والدال على الخير كفاعله".

يقول أهالي المنطقة إنه لم تصل أي من المنظمات التي تعمل في المجال الإنساني إلى مناطقهم، باستثناء منظمة الهلال الأحمر الإماراتي التي قامت بمسح إحدى الطرقات التي تعرضت لأضرار قبل أربعة أشهر.

منطقة منسية
العاقل عبدالحكيم صالح القباطي تحدث عن معاناة المنطقة مشيرا إلى منطقة (فحيم) التي وصفها بالمنسية، والتي يعاني سكانها من الفقر المدقع وأغلبهم يعملون في الزراعة والرعي، ومنهم من يشتغل خارج المنطقة عمال بالأجر اليومي.
وقال: "منطقة فحميم تفتقر إلى أبسط الخدمات ولا يوجد فيها سوى مدرسة مكونة من ثلاثة فصول ابتدائية فقط، بمعلم واحد، يضطر الطلاب والطالبات إلى السير مشيا على الأقدام حوالي ستة كيلومترات ذهابا وستة كيلو إيابا من أجل الوصول إلى المدارس".

وأضاف: "تعاني المنطقة من تسرب كبير للطلاب من الدراسة خصوصا الفتيات، بسبب انعدام مدارس قريبة منهم، بالكاد بعض الطالبات يدرسن إلى الصف السادس، والأولاد أغلبهم يتركون مقاعد الدراسة في الصف التاسع نتيجة الفقر المدقع".
وفي الجانب الصحي يتحدث القباطي: "لا يوجد حتى وحدة صحية، فنضطر الذهاب إلى منطقة (الرماء)، وأغلب المرضى يموتون في الطريق حيث لا تتوفر أبسط الأجهزة في مركز الرماء، ونلجأ إلى منطقة الخميس أو طور الباحة، وهذه مناطق بعيدة".

وواصل حديث لـ "الأيام": "المشاريع معدومة في (فحميم) ولا أثر لها، معنا فقط الطريق العام بدأ المواطنون يمرون عبرها من عزلة القبيطة بعد أن أغلقت ميليشيات الحوثي طريق (المغنية- الراهدة) اضطر المواطنون لأخذ المؤن من منطقة طور الباحة عبر هذا الخط وكانت الحياة تدب فيه، ولكن قدر الله جاءت الأمطار الغزيرة التي لأول مرة تهطل علينا بهذه الغزارة منذ أكثر من قرن، ومنازلنا اليوم كلها على الجبال معرضة للانهيار في أي وقت بسبب الصخور المتحركة من جبل (إلياس) فالسيول الجارفة جاءت أكثر من أربع مرات خلال شهر سبتمبر واكتوبر فقطعت علينا الطرق في كل الاتجاهات".

وأضاف العاقل حكيم القباطي: "محاصيلنا الزراعية تعرضت للجرف والهلاك وتضررت المنازل والمدرجات الزراعية وأول مسؤول يزور المنطقة هو الأمين العام للمجلس المحلي بالمديرية الأستاذ خالد قائد، وشاهد حجم الكارثة واتصل بمدير عام المديرية يخبره أن المنطقة أصبحت منكوبة وأكثر ضررا، ولكن تفاجأنا من الأمين العام أنه لا يستطيع فعل أي شيء لنا بسبب عدم وجود ميزانية تشغيلية للمديرية من الحكومة".

"لم نر أي مشروع"
الحجة المناضلة لول الرومية 80 عاما التي اشتهرت بحمل السلاح وبصوتها الذي تحول إلى أيقونة في الفضائيات وهي تردد عبارتها المشهورة: "سوف أدافع عن وطني وأبذل روحي ودمي".. تقول لـ "الأيام": "لم نر أي مشروع تنموي، حتى الطريق كان المواطنون يقومون بإصلاحها لكن الآن حدثت كارثة لم أرَ في عمري مثلها، الطريق قطعت، الآبار دفنت، والمنازل تأثرت، لنا أكثر من شهر ولم نرَ أي جهة تتوجه إلينا لفتح الطريق".

وأضافت: "نحن محاصرون من كل شيء لا مواد غذائية، الحريم تأتي بـ "الراشان" من مسافات بعيدة".
وتساءلت الرومية: "أين المنظمات التي تتغنى بحقوق المرأة؟ نريدها أن تأتي إلينا لترى بعينها كيف نتعب ونأتي بالمواد الغذائية من مسافة عشرة كيلومترات.. هل الدولة ستنظر إلى حالنا وإلا ستأتي المنظمات إلى المناطق المجاورة كما نعلم ونحن لا أحد يلتفت إلينا منذ بداية الحرب؟".

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى