الضمان الاجتماعي بحضرموت.. بين تهرب أرباب العمل وجهل العاملين

> تقرير/ خالد بلحاج

> يُعد الحق في الشمول بالضمان الاجتماعي حق أصيل لكل إنسان عامل، فالضمان مظلة حماية آنية ومستقبلية، وقد عد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الحق في الضمان الاجتماعي من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية الأساسية لكل فرد في المجتمع كالحقوق المدنية والسياسية.

إلا أن ظاهرة تهرب الكثير من أصحاب العمل في القطاع الخاص لاسيما المحال التجارية والمطاعم والورش من شمول العاملين لديهم بمظلة الضمان أضحت هي السائدة، في الوقت الذي يضع فيه مكتب الشؤون على رأس أولوياته شمول كافة أفراد الطبقة العاملة بمظلة الضمان؛ لتحقيق العدالة في الحقوق بين كافة العاملين في القطاعين العام والخاص، وتوفير الحماية اللازمة للمواطن وللعامل، وتمكينه من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية.

"نسبة المشمولين أقل من الطموح"
مدير مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بمديرية القطن في محافظة حضرموت، محمد بن دهري، أشار إلى أن نظام الضمان الاجتماعي ذو طبيعة شمولية، ويعمل على تغطية جميع الفئات المستهدفة بالحماية بصرف النظر عن الجنس أو الجنسية بهدف توفير الحماية الاجتماعية للجميع، مؤكداً أن جوهر رسالة الضمان هو الحماية من خلال تأمين دخل معين للفرد يحل محل الكسب عندما ينقطع بسبب المرض، أو الإصابة، أو الشيخوخة، أو الوفاة، أو البطالة، وهذا مرتبط بصيانة النظام الاقتصادي، باعتبار أن تأمين مقدار محدد من الدخل لكل إنسان، ويعني الحيلولة دون انخفاض قدرته الشرائية عن مستوى معين، موضحاً أن نسبة المشمولين بالضمان ما تزال أقل من الطموح وتشكل 5 % من المشتغلين في القطاع الخاص.

وقال دهري في تصريحه لـ«الأيام»: "هناك شكاوى كثيرة ترد إلينا، وتتعلق بعدم التزام القطاع الخاص بالضمان الاجتماعي للعاملين لديهم، وهناك أيضاً شكاوى تتعلق بشمول العاملين على أساس أجورهم غير الحقيقية، والاكتفاء بشمولهم على أساس الحد الأدنى للأجور، أو اقتطاع نسبة اشتراك الضمان من رواتبهم وعدم توريدها للضمان"، لافتاً إلى أن نسبة كبيرة من العاملين في هذا القطاع ولاسيما في المطاعم الصغيرة والمحال التجارية يتقاضون رواتب متدنية تتراوح حول الحد الأدنى للأجور 30 ألف ريال وما دون ذلك، في حين يعاني بعضهم من ظروف وبيئة عمل غير لائقة لا تتفق مع التشريعات النافذة مما يعرّض سلامتهم للخطر، ولهذا فرسالتنا للعاملين في القطاع الخاص تتمثل في أن "الضمان الاجتماعي حقكم، وعليكم أن تسألوا عن هذا الحق وتطالبوا به، وأن اشتراككم بالضمان يحقق لكم ولأفراد أُسَرِكم الحماية والأمان الاقتصادي والاجتماعي أثناء فترات عملكم، ويوفّر لكم رواتب تقاعدية عند انتهاء خدماتكم وتحقيقكم لشروط استحقاق الراتب التقاعدي، كما نؤكد لهم عند العمل لدى أي قطاع يجب الالتزام بعقود عمل".

وأضاف مدير مكتب الشئون الاجتماعية والعمل بمديرية القطن لـ«الأيام»: "ورسالتنا لأصحاب القطاع الخاص تركّز على أن مبادرتكم لتسجيل منشآتكم والعاملين لديكم بالضمان تُعبّر عن مسؤوليتكم الوطنية والاجتماعية، وتعكس اهتمامكم بالعاملين لديكم، وسيؤدي ذلك إلى رفع مستوى انتماء وولاء الأيدي العاملة في منشآتكم، وبالتالي زيادة إنتاجيتها".

إخلال بمبدأ العدالة
وأكّد دهري أن التهرب من الشمول بالضمان الاجتماعي (ظاهرة التهرب التأميني) يؤدي إلى الإخلال بمبدأ العدالة في حقوق العاملين، وإلى إضعاف دور الضمان في حماية الطبقة العاملة، كما يؤدي إلى زيادة الضغوط على القطاع العام، وزيادة أعباء الخزينة العامة للدولة، مبيّناً أن دعم الشمول بالضمان وتوسيع المظلة هو تحفيز على رفع نسبة المشاركة في سوق العمل، وبالتالي تحفيز المشاركة الاقتصادية للمواطن.

"عدم توفر قاعدة بيانات صحيحة"
من جهته قال حسن مهدي، وهو الموظف المختص بالشؤون الاجتماعية: "إن عدم توفر قاعدة بيانات صحيحة لهذا القطاع والعمالة الوافدة فيه هي مشكلة حقيقية، إضافة إلى حركة دوران العمّال وعدم تنظيم هذا القطاع الذي يعد أحد أهم المعوقات في وجه تمتعهم بحقوقهم العمّالية ومنها حقهم في الضمان"، مستعرضاً جهود وزارة الشؤون وحملاتها التفتيشية على هذا القطاع.

ضحايا الضمان
يُعاني الكثير من المشتغلين في القطاع الخاص من نقص في حقوقهم، لاسيما العقود التشغيلية والضمان الاجتماعي الذي كفلها لهم القانون، حيث يقضي البعض منهم (25 عاما) أو يزيد في الخدمة برواتب ضئيلة وأضحى في الأخير بدون حقوق.

يقول أحمد سالم، وهو عامل في محل تجاري: "لا نعي أهمية العقد والضمان، بل كان همنا الحصول على عمل لسد لقمة العيش وبرواتب متدنية وفي حال الغياب لأي ظرف يمقتك صاحب العمل، ويهدد إن لم تواصل العمل سيأتي بغيرك، لذلك نضطر للعودة رغم الظروف، وعند الاختلاف نصبح في الشارع بدون حقوق كوننا لا نحمل عقودا".

ويشاطره الرأي محمد عوض، والذي يعمل في أحد المطاعم ويضيف: "صاحب العمل يأخذك لحمة ويرميك عظماً عند الاستغناء منك، ولكننا مضطرين لذلك لنعيل أسرنا في ظل عدم التوظيف في القطاع الحكومي والعام".
هناك الكثير ممّن التقت بهم «الأيام» مشكلتهم واحدة والهم كذلك، الأمر الذي يتوجب إيزاءه تفعيل الرقابة والالتزام بقانون العمل لضمان حقوق العامل للحفاظ على خدماتهم التي تذهب هدر بسبب تغاضي أرباب العمل وجهل العامل بذلك.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى