أقدم المستشفيات الحضرمية بمدينة شبام

> علوي بن سميط

> لعل الكثير من الناس يجهل أن أقدم المستشفيات بحضرموت أقيم في شبام حضرموت القديمة، وأقصد مستشفى من حيث (المبنى والطاقم الطبي والأجهزة الطبية التشخيصية)، وذلك من نهاية الأربعينات والذي أعتبر خطوة إضافية متقدمة حينها بوصول الطبيبة الألمانية (هوك) التي اتخذت من القصر الشمالي (النجدي) مقراً له، وتم تجهيزه إدارياً ومهنياً والذي عرف بالحصن الدويل، إلا أنه وقبل سنوات الأربعينات كانت المدينة شبام العاصمة للواء شبام (محافظة بمسمى اليوم) أوجد بها خدمة طبية إذ تذكر الوثائق البريطانية وتحديداً في الفترة من (1937م - 1939م) كما تذكر ذلك وثائق بريطانية أوردها أيضاً د. صادق عمر مكنون في كتابه "إنجرامز سلطان حضرموت غير المتوج" أن الخدمة الصحية في حضرموت كما ورد في كتابه صفحة (474) "حدث تقدم نسبي طبي 37 - 39م فأصبح هناك 3 ضباط صحيين في الحكومة القعيطية أحدهم مسؤول عن مستوصف المكلا والثاني عن مستوصف الشحر والثالث عن مستوصف شبام" وهذا يؤكد أن مدينة شبام بدأت وقبل وصول الطبيبة الألمانية بعشر سنوات تقريباً بوجود خدمة ورعاية طبية أولية، حيث بدأ العمل في شبام لخدمة سكان الداخل الحضرمي طبياً وبإمكانيات أولية بتعيين مفتش صحي وممرضة في 1937م وكما أسلفت فأن نهاية الأربعينات وصلت الألمانية (هوك) ليصبح اسم مستشفى بعد أن كانت مستوصفاً ومع ازدياد واتساع الخدمات الصحية والحالات المرضية من شرق وادي حضرموت إلى غربه، وتوافد الحالات للعلاج بالمدينة فكر أهالي شبام، بعد أن التقتهم في عدة لقاءات شخصية د.هوك، وكذا خطة سلطات الإنجليز في عدن والمجلس البلدي، بضرورة إنشاء مستشفى حديث ولكن أين، لاسيما وأن المساحة بالمدينة ضيقة، وأخذ الموضوع وقتاً طويلاً من المناقشات وزار عدة مرات مسؤولون إنجليز وحضارم شبام بشأن الموضوع، وجرت الحوارات والمناقشات وبحضور طبيب بريطاني من وزارة المستعمرات البريطانية ووزير السلطنة القعيطية وتم إقناع المجلس البلدي والأهالي للتبرع لإنشاء مستشفى حديث، ذكرت الألمانية هوك حكاية بناء المستشفى الجديد بديلاً عن الحصن الدويل في كتابها "سنوات في اليمن وحضرموت" الطبعة العربية الأولى الصادرة في 62م.

أين المستشفى؟
تم الاتفاق على أن يكون في مدينة شبام بداخلها واختير بعناية المساحة الواقعة على السور الشرقي خلف القصرين لتنفيذ مشروع مستشفى شبام مجاوراً للمدرسة الابتدائية من جهة الشمال بإزالة خرائب ومبانٍ تابعة للحكومة القعيطية وعمل جميع أهالي شبام، دون استثناء، على الإزالة ونقل المخلفات، مشكلين سلسلة بشرية طويلة، كما وضحت هوك وبدون أجر كمتطوعين، وبدأ ذلك المشروع من بداية الخمسينات وافتتح ليبدأ العمل رسمياً فيه بمارس 1955م وعلى نفقة الحكومة البريطانية وبمساهمة أهلية يتكون من عشرة مبانٍ ستة للعيادات الذكور والنساء وغرفة عمليات ومجارحة ومختبر وصيدلية، وأجهزة فنية أخرى، فيما أربعة مبان أخرى نهاية المستشفى من الجهة الشرقية الشمالية، هي للمستودعات الطبية، وتم البناء على أيدي مهارات ومعالمة بناء شباميين وبالنمط المعماري المحلي (الطيني المطلي بالنورة)، وبطاقم طبي وتقني إداري وخدماتي يزيد عن (15)، موظف وظل المستشفى العام بشبام القديمة يعمل حتى بعد مغادرة هوك حل محلها أطباء من مختلف الجنسيات وتجرى فيه أعقد العمليات، ويستقبل الحالات من مختلف المناطق الحضرمية وجددت فيه الأجهزة الطبية من بينها جهاز الأشعة (×) في الستينات قدمت تبرعاً من الشيخ سالم عمر باعبيد، رحمه الله.

الطبيبة الالمانيه ايفا هوك وخلفها مساعدها سالم باشراحيل حاملا الشنطة الطبية وهي تزور بيت بشبام في 1949م
الطبيبة الالمانيه ايفا هوك وخلفها مساعدها سالم باشراحيل حاملا الشنطة الطبية وهي تزور بيت بشبام في 1949م

ظل المستشفى يعمل كما ذكرت حتى نهاية السبعينات والعامين الأولى من الثمانيات ولما أصابه من اندثار وقلة اهتمام بالصيانة وخوفاً من الانهيار انتقل العمل الصحي إلى سحيل شبام واستخدمت مدرسة بعد أن أفرغت لتصبح مستشفى سميت رسمياً "المركز الصحي" بداية الثمانيات بوسط السحيل تطل على المسيال (البطحاء)، وعقب سيول 1989م تضررت شبام والسحيل وشمل الضرر المركز الصحي أو المستشفى ووقفت سلطات شبام ولجان الإغاثة ووزارة التخطيط والبنك الإسلامي على وضعية المركز الصحي الذي أضحى غير صالح، وأقرت الحكومة بناء مستشفى وكان لنائب الوزير أ. عبدالله سعيد عبدن دور بإدراج مشروع بناءه ضمن خطة التنمية العاجلة وبتمويل من البنك الإسلامي.

وبُني المشروع الذي مازال قائماً شرق شبام مجاوراً للسباح غرباً وعلى الخط العام وتحول من مستوصف إلى مركز صحي إلى مستشفى ريفي (من حيث التسميات فقط) إلى مستشفى مديرية بقرار من وزير الصحة حينها د. عبدالله عبدالولي ناشر.

الالمانية هوك بعيادتها مستشفى القصر
الالمانية هوك بعيادتها مستشفى القصر

أما المستشفى القديم الذي بني بتمويل الحكومة البريطانية في الخمسينات على السور الشرقي، فقد حلت مساحته صفوف دراسية إضافية تتبع المدرسة الابتدائية. ذلكم جزء قليل عن تأريخ نشوء الخدمة الطبية والمستشفى بمدينة شبام حضرموت من الثلاثينات إلى الأربعينات فالخمسينات وحتى اليوم، أي خلال 82 عاماً مضى باقتضاب، ولنا جولة أخرى على الوضع الصحي آنذاك في عاصمة لواء شبام حتى 1967م.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى