الزواج في عدن..مظاهر فارغة تغرق الشباب في الديون

> إيجار بعض قاعات الأفراح تجاوز نصف مليون ريال

> تقرير/ وئام نجيب
حالت تكاليف الأعراس الباهظة في العاصمة عدن أمام الكثير من الشباب والفتيات بالمدينة من تحقيق أحلامهم بالزواج، وأصبحوا ضحية المغالاة في المهور والتباهي بها من قِبل بعض أولياء الأمور، وتكاليف ومتطلبات الأعراس الأخرى.
وتجاوز المهر مؤخراً مليون ريال لدى البعض، غير شامل التجهيزات الأخرى والتي يتكبدها الشباب الذين يعمل معظم في القطاع الخاص.

وعلى خلاف مراسم العرس قديماً والتي كانت تأخذ طابع البساطة وتجرى في العادة بالمنازل في ظل وضع مادي ومعيشي ميسّر ومناسب، باتت اليوم معقدة نتيجة لِما طرأ عليها من استحداثات ثانوية زادت على كاهل الشباب الكثير من الهم والغم كقاعات الأعراس وغيرها والتي تجاوز سعر إيجار بعضها نصف مليون ريال يمني لفترة لا تتعدى ثلاث ساعات ونصف.

ولكل مدينة مراسيمها الخاصة بالزواج، ففي العاصمة عدن تشهد طقوساً خاصة بها، فإلى جانب الخِطبة والعقد هناك الزقرة، والغسل، ويوم الحناء، والمقيل (للعريس)، والزفاف، والصُبحية، وفي كل واحدة من هذه المناسبات ينفق العرسان الكثير من الأموال لا يتمكنا من سداد تكاليفها إلا بعد فترة ليست بالقصيرة، كما تجبر العديد منهم إلى البحث عن عمل إضافي ليتمكنوا من دفعها في الوقت المحدد.

ومن يحالفه الحظ من الشباب بمشروع الزواج الجماعي الذي تقيمه بعض المنظمات والجمعيات، يصطدم بارتفاع إيجارات المساكن والتي أصبح لا يقوى على توفيرها الغالبية بسبب ارتفاع سعرها إلى الضعف منذ سنوات نتيجة لموجة النزوح التي شهدتها من المحافظات التي تشهد حرباً ضد قوات الحوثي الانقلابية وفي مقدمتها محافظتا الحديدة وتعز.

بذخ
يقول الشاب مروان أحمد (عازب): "هناك عادات وتقاليد غريبة في مجتمعنا تتمثل في البذخ والمغالاة بالمهور، وكان الأحرى من أهالي الفتيات أن يراعوا ظروف الشباب خاصة في ظل الوضع الذي تمر به البلاد، ولكن ما هو حاصل أن المتطلبات أصبحت كثيرة والظروف صعبة للغاية".
ودعا أحمد في حديثه لـ«الأيام» إلى "ضرورة جعل الدين والأخلاق في المقام الأول، امتثالاً لقوله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، دون الإخلال بحقوق المخطوبة المالية والاجتماعية".

وأضاف: "إذا نظرنا بموضوعية إلى ما يتم إنفاقه من أموال في هذه الأعراس فسنجدها تتنافى مع تعاليم الدين الإسلامي، كونها نوعاً من التبذير المبالغ فيه، والتساهل في متطلبات الزواج لا يعني أن العروس رخيصة، أو أن قيمتها فيما يدفع لها من مهر أو إعدادات مراسم الزواج، بل إن قيمتها الحقيقية تكمن في مدى قدرتها على أن تكون زوجة صالحة وأماً تتحمل مسؤولية أسرة، كما أن تساهل الآباء في متطلبات الزواج، يؤكد بأنها أسرة سوية ترغب بالاستقرار لابنتها فيما بعد".

زيادة في نسبة العنوسة
وقال فؤاد قائد، وهو ولي أمر: "الزواج شرعه الله تعالى.. ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام نهى عن الغلو في المهور، لِما فيه من إنهاك لطاقات الشباب وعرقلة لهم، وشرع الله وسنة نبينا فريضة يتوجب أن يتمسك بها أولياء الأمور واتباعها وعدم المبالغة في تكاليف إتمامها"، مؤكداً أن "ظاهرة ارتفاع تكاليف الزواج الباهظة والغلو بالمهور أصبحت معيقة لأحلام الشباب في الظروف الراهنة التي ضاقت فيها سبل العيش وقلّت مصادر المال لشحة وانعدام فرص العمل".

ولفت قائد في حديثه لـ«الأيام» إلى أن ظاهرة العنوسة أضحت مرتفعة وباتت زيادتها تهدد المجتمع بمخاطر وخيمة، محملاً بعض أولياء الأمور المسؤولية في تنامي تلك هذه الظاهرة وانعكاساتها السلبية نتيجة لمغالاتهم في المهور وطلباتهم المالية الكثيرة لتكاليف الزواج والتي تعجز المتقدمين من طالبي الزواج على تلبيتها، ومن ثم تؤدي إلى نفورهم وعزوفهم عن الزواج.

وتابع قائلاً: "على أولياء الأمور أن ييسروا ولا يعسروا ويبتغوا مرضاة الله وأن يعلموا أن خيرهن أقلهن مهراً وتلك سنة الصالحين، كما أتمنى منهم أن يتقوا الله في بناتهم وعدم وضع العوائق أمامهن لاسيما إذا أتى لهن من يرتضون دينه وخلقه واستقامته وجديته في الزواج".

وضع صعب
وأشارت ربة بيت، طلبت من «الأيام» عدم ذكر اسمها، إلى أنها اشترطت على من تقدم لخِطبة ابنتها دفع مبلغ يتساوى مع ما دفعه الآخرون أثناء خِطبتهم، حتى لا تكون ابنتها أقل منهن، كما تقول.

وتضيف: "أريد أن أجري لابنتي مثل ما جرى للفتيات الأخريات، كما حاولت الاعتدال بين متطلبات الزواج وعدم المغالاة في المهور، فطلبت 600 ألف ريال مهر وبدلة ذهب فقط، ومن قيمة المهر سآخذ متطلبات ابنتي، على أن يتحمل الخاطب إيجار صالة العرس، ولن نقيم لها إلا حفل زفاف فقط، فالوضع الاقتصادي الصعب أثر علينا جميعاً ولهذا لن نتمكن من دعم ابنتي فلا مصدر دخل لنا سوى معاش زوجي التقاعدي".

تماشياً مع الوضع
تقول الشابة عزة عمر لـ«الأيام»: "حالياً أنا مخطوبة ومهري لا يتجاوز 700 ألف ريال ويشمل الذهب، كما سآخذ منه أيضاً شراء الدفع المكون من ملابس وعطور وما شابه ذلك، وأعلم بأن مهري غير كافٍ لتلبية جميع الاحتياجات ولكن ليس من الضروري أن آخذ أشياء كثيرة وما سينقصني سيتم شراؤه بعد الزواج.. وأهلي لم يأخذوا المال بعين الاعتبار خصوصاً أن الرجل المتقدم لي ابن حلال ويخاف الله وسيصونني، وقد وضعنا له فترة مفتوحة ليتمكن من تجهيز نفسه، لاسيما أنه يعمل في القطاع الخاص بفترة المساء ومن خلال المبلغ الذي يتحصل عليه يقوم بتجهيز وبناء منزل مستقل خاص بنا، ونتيجة لغلاء مستلزمات البناء أجبر مؤخراً للانخراط في عمل إضافي في فترة الصباح".

وبحسب عزة، فخطيبها خريج ولكنه لم يتوظف بعد في القطاع الحكومي، وهي خريجة دبلوم إدارة أعمال وحاولت البحث عن فرصة عمل في الخاص وحتى الآن لم تتوفق.

وتؤكد في حديثها لـ«الأيام» أنها ستكتفي في مراسيم عرسها بعمل الزفاف في قاعة متواضعة سيتكفل خطيبها بإيجارها، وإقامة زقرة من خلال عمل حفلة صغيرة في سقف منزلها ستتولى صديقاتها التزيين والتنسيق، لافتة إلى أنه من الضروري أن تفكر الفتاة بطبيعة الشاب المتقدم لها وأين سيعيشها قبل اللهو بكمية عدد الشنط التي ستروح بها ومقدار القاعة التي سيقام فيها الزفاف.

خسائر وديون
فيما قالت الشابة نهى إسماعيل: "أنا مُقبلة على الزواج ولم يفصلني عن زفافي وحياتي الجديدة سوى أسبوعين فقط، وقد خسرت حتى الآن الكثير ولكن بعد إتمام زفافي سوف أجتهد لقضاء ما عليّ من دَين بمعية أهلي".

وأوضحت لـ«الأيام» بشيء من تفصيل تكاليف زواجها بالقول: "مهري مليون ريال وأنا من سأتكفل بكافة الاحتياجات، فمنها أخذت (بدلة ذهب) بـ 300 ألف ريال، وتكاليف حفلة العقد كانت على الآتي مع أننا لم نقم حفلة كبيرة: تزيين الطاولة والتي حملت الهدايا والتزيين كلفتني وحدها 48 ألف ريال، كيكة العروسين 20 ألف ريال، فستان الحفلة 35 ألف ريال، كوفير 25 ألف ريال، حذاء 7 آلاف ريال، فيما تكفل العريس بـ 150 طبق كيك وشراب بمبلغ 60 ألف ريال، أما حفلة الغسل وخسائرها فكلف الفل الخاص بي فيها 12500 ريال، وجبة الغداء للمعازيم كلفت 300 ألف ريال باستثناء الماء، وإيجار الفستان 30 ألف ريال، الكوفير 35 ألف ريال، كيكة العرسين 25 ألف ريال، وأما عن زوجي فسيقيم مخدرة (حناء ومقيل) وكانت كالتالي: نصب المخدرة بـ 50 ألف ريال، الفنان 50 ألف ريال، تصوير فيديو 25 ألف ريال، وفي الظهر وجبة غداء للأقارب والأصدقاء وتكلفتها 300 ألف ريال، والتكلفة الكبرى هي في حفل الزفاف بسبب غلاء صالات الأعراس، وقد بحثنا بهذا الخصوص عن صالة تتناسب مع العدد الكبير للمعازيم وبسعر معقول وتم الحجز لصالة بملغ 250 ألف ريال وتشمل ذلك الفرقة والصوتيات"، مشيرة إلى أنها هي من أتت بالفنانة بمبلغ 50 ألف ريال، إضافة إلى 400 وجبة من الأكلات والشراب للمعازيم وكلفتها 170 ألف ريال، وكيكة العرسين بـ 17 ألف ريال".

وتضيف: "هذا فيما يتعلق بصالة الأفراح ليوم الزفاف فقط، أما عن فستان الزفاف فبعد بحث طويل بين المحلات حجزت فستان بـ 150 ألف ريال وتوابعه من الإكسسوارات والحذاء، وعملت على تنسيق بوكيت ورد الذي سأحمله بـ 15 ألف ريال، فيما كلفتني الكوفير وحدها 70 ألف ريال، وكروت دعوة للمعازيم 350 كرت بمبلغ 25 ألف ريال، وأما عن العريس فقد تكفل بتفصيل البدلة الخاصة فيه بـ 100 ألف ريال، كما اتى بالفتاة التي ستتولى تصوير الفيديو بمبلغ 40 ألف ريال".

وعن السكن قالت: "لدى زوجي شقة في عمارة والده، كلفته غرفة النوم فيها 600 ألف ريال، التلفاز 150 ألف ريال، الشولة 100 ألف ريال، غسالة 170 ألف ريال، المكيف 200 ألف ريال، طلاء الغرف 150 ألف ريال، المجلس 300 ألف ريال، إضافة إلى مستلزمات المطبخ 100 ألف ريال".

تراجع عن شراء الذهب
وأوضح لـ«الأيام» أسامة نشوان، وهو بائع في محل ذهب، أن سعر الجرام انخفض إلى 26 ألفاً، محققاً تحسناً طفيفاً نتيجة للتحسن في سعر الصرف، مضيفاً: "نحن الآن في موسم تكثر فيه إقامة الأعراس ولهذا يشهد سوق الذهب حالياً حركة لا بأس بها في البيع والشراء".
ولفت نشوان إلى أنه يصادف بشكل مستمر زبائن قد وضعوا سعرا معينا قبل مجيئهم للمحل، ولكن عند اكتشافهم للأسعار يتراجعون عن الشراء، فيما يقوم البعض منهم بأخذ أشياء دون ما كانوا يرغبون فيها، كأن يشترون بدلاً من الأساور (شوالية)، نظراً لارتفاع أسعارها، بدلة وهي طقم متكامل مكون من (سلس، حِلَق، خاتم).

تأجير مقابل عربون
من جهته أشار عمر خالد، مالك محل تأجير فساتين زفاف في المدينة، إلى أن محله لا يكاد يخلو من الزبائن المستأجرين للفساتين بشكل يومي.
وقال لـ«الأيام»: "تتراوح أسعار إيجاراتنا ما بين 60 ألفا إلى 350 ألف ريال للفستان مع توابعه كالحذاء والإكسسوارات، وفي حال لم يتوفر المبلغ لدى المؤجر يضع في المقابل عربونا كالذهب أو أي شيء ثمين".

أما فيما يتعلق بسعر صلات الأعراس بات يتراوح ما بين 185 ألفا إلى 550 ألف ريال، لا تشمل الكثير منها الفرقة الغنائية والوجبات للمعازيم.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى