مات السياسي العراقي المخضرم الباجة جي الذي وقف مع استقلال الجنوب العربي

> «الأيام» غرفة الأخبار

> تُوفي أمس الأول الأحد وزير الخارجية العراقي الأسبق، عدنان الباجة جي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث عمل لسنوات طويلة مستشاراً لحكومتها.

ولد عدنان الباجة جي، في 14 يونيو 1923 في العاصمة العراقية بغداد، وهو من عائلة سياسية بارزة، فوالده مزاحم الباجة جي شغل منصب رئيس وزراء العراق في سنوات 1946 - 1948.

تخرج عدنان الباجة جي في الجامعة الأمريكية ببيروت، ثم تابع دراسته العليا في كلية فيكتوريا التي كانت حينها مدرسة عمومية إنجليزية بالقاهرة.

كان من أبرز الداعين إلى قيام المجتمع المدني وتنشيط مؤسساته وتعزيز سلطة القضاء المستقل، ويرفض فكرة الطائفية والإثنية، ويؤكد فكرة المواطنة التي يشعر فيها العراقيون جميعا بأنهم متساوون في الحقوق والواجبات لا فرق بينهم بسبب الدين أو الطائفة أو العرق.

وعندما أطاح البعثيون بحكم عبد الرحمن عارف في انقلاب يوليو 1968، كان الباجة جي خارج العراق وارتأى عدم العودة والعمل مع المعارضة العراقية التي كان عضوا بارزا فيها، والتحق بحكومة أبو ظبي للعمل فيها، وحضر اجتماع التوقيع على دستور اتحاد الإمارات العربية وإعلان استقلال الدولة.

ويعد الباجة جي من أبرز الشخصيات السياسية العراقية التي عادت إلى وطنها بعد سقوط النظام السابق عام 2003. حيث جرى تعيينه رئيسا (دوريا) لـ "مجلس الحكم الانتقالي" الذي تشكل في 12 يوليو 2003، والذي منح صلاحيات جزئية في إدارة شؤون العراق. كما تسلم رئاسة البرلمان العراقي باعتباره العضو الأكبر سناً.

وفي عام 2003، أسس وتزعم تشكيلا سياسيا أطلق عليه اسم "تجمع الديمقراطيين المستقلين"، انفرط عقده بعد عامين.

وخلال حياته المهنية، تقلد الباجة جي عدداً من المراكز السياسية المرموقة، فكان سفيراً للعراق لدى الولايات المتحدة، ومندوباً في الأمم المتحدة إبان حكم الزعيم عبد الكريم قاسم، ثم وزيرا للخارجية في عهد الرئيس عبد السلام عارف.

وعن تاريخ ومواقف الرجل ومناصرته لقضية الجنوب منذ عهد الاستعمار البريطاني كونه كان يحظى باحترام مع مختلف الأطراف الوطنية المختلفة الجنوبية آنذاك، حيث يشهد له بأنه كان من أوائل العرب السياسيين منذ أن عمل مندوباً لبلاده في الأمم المتحدة، ظل في حينه منادياً بين القوى الجنوبية والتوفيق فيما بينهم لبحث شؤونهم حتى يتمكنوا في السير على طريق يضعوه بأنفسهم، حيث تناول مؤسس "الأيام" الراحل محمد علي باشراحيل في عمود افتتاحيته بـ "كلمة اليوم" في 12 ديسمبر 1966م بعنوان: "ادفنوا خلافاتكم" عكست توجه الباجة جي أثناء توليه وزير خارجية بلاده (العراق) بمناصرته لقضية الجنوب العربي عندما قال ذات مرة في مقابلة أجراها معه مراسل "الأوبزرفر" البريطانية حول البعثة الدولية للجنوب العربي وإن من مهام البعثة الدولية التوفيق بين القوى الوطنية المختلفة في الجنوب العربي.

واستعرض باشراحيل مواقف الباجة جي تجاه الجنوب العربي مع الصحيفة البريطانية ودوره المشهود قائلا: "حدث هذا منذ عدة شهور من شخصية عربية تحظى باحترام وتقدير القوى الوطنية كلها في الجنوب العربي، لاسيما بعد أن لعبت دوراً هاماً في الأمم المتحدة من أجل التوفيق بين وفود عن الجنوب العربي حضرت لعرض وجهة نظر الشعب، بينما كان المفروض أن تأتلف تلك الوفود لتصبح في نظر المنظمة الدولية وفداً واحداً متماسكاً يحمل وجهة نظر واحدة لآمال وأماني شعب الجنوب العربي.

ونحن ندرك مدى الخطر الكبير في تباعد القوى الوطنية عن بعضها البعض، ولم يكن نصيبنا بالأقل في المحاولات التي بذلناها من أجل توحيد الصف بين رفقاء النضال.. وإن لم يكن التوفيق، كما تمنينا أن يكون من نصيبنا إلا أننا متفائلون بأن ظرفاً لابد أن يمر ليحقق ما تراءى للبعض في وقت من الأوقات مستحيلاً.

ولعل الظرف الذي تمر به المنطقة حالياً هو ذلك الظرف الذي طالما ترقبناه.. ظرف يستوجب من القوى الوطنية وكل عنصر مخلص أمين أن يدفن خلافات الماضي للانضواء تحت راية واحدة.. راية التحرر الكامل من الاستعمار ورواسبه وانتقال السيادة إلى شعب الجنوب العربي الموحد بكل أجزائه.

إن البعثة الدولية متى ما أوفدت فعلاً إلى الجنوب العربي لا يمكن، في نظرنا، أن يكون من مهامها التوفيق بين القوى الوطنية، بل يجب أن ترى أن هذه القوى مجمعة في الرأي والهدف لتسمع كلمة واحدة منها حتى تنصرف إلى ما هو أهم من أجل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة المتفق عليها من جميع الأطراف في المنطقة.

إنه لمن العار حقاً أن تبدد القوى الوطنية طاقاتها في ما يمكن وصفه بالمجابهات مع بعضها البعض، لو استمر الحال على ما هو عليه الآن من تباعد، بدلاً من القيام بعمل جماعي إيجابي من أجل الإعداد لمستقبل أفضل يسوده الأمن والاستقرار والرخاء لجميع أفراد الشعب.

إن الاستعمار عمره ما غادر أرضاً وهيأ لأصحابها عناصر الأمن والاستقرار والرخاء.. وحتى لا يكون حالنا أسوأ من غيرنا بحجة الخلافات بين القوى الوطنية، فإن هذه القوى الوطنية مطالبة اليوم أن تتنبه لخطورة الموقف وأن توحد صفوفها على كافة المستويات من أجل شعب يسعى ويجاهد ليحقق مستقبلاً أفضل له وللأجيال المتعاقبة من بعده.

> أخبار متعلقة

تعليقات فيسبوك

Back to top button
زر الذهاب إلى الأعلى